أكاديمية شبابية ترحب بتعليم الهواة مجانًا
لكل محافظة فى مصر سمة تميزها وترتبط بها، وسمة السويس السمسمية التى تعبر عن تضحيات أبناء المدينة الباسلة وحكايات الأبطال، السمسمية لها أصول ترتبط بمصر القديمة فهى فن تراثى يعود إلى عهد الفراعنة وبالتحديد الأسرة الثالثة عشرة، تعد الآلة الموسيقية ذات السبعة أوتار تطويرا للقيثارة الفرعونية بأوتارها الخمسة ونجد مشاهد للعزف عليها مرسومة على جدران معابد الوادى الجديد.
انتشرت السمسمية فى محافظات القنال خصوصا خلال فترات الحروب لترفع الروح المعنوية وتلهب الحماس بالأغانى الوطنية ومازالت جزءا مهما من الاحتفالات الشعبية والأفراح بمدن القنال ومن المشاهير الكابتن الغزالى صاحب الرصيد الكبير من الأغانى بينما لم يحظ بالشهرة فنانون – أقل حظا وليس أقل موهبة – مثل الفنان السويسى بكر حسن ابن حى الأربعين صاحب الـ 150 أغنية والـ 15 شريطا وشارك فى فيلم حكايات الغريب.
ولأن السمسمية جزء من تراث الفن المصرى المهدد بالاندثار أو النسيان فى ظل طوفان الأغانى الحديثة والمهرجانات تسعى مجموعة من المتحمسين للحفاظ عليها ونشرها وتعليمها للأجيال الجديدة فى أكاديميات مجانية أقبل عليها الشباب الهاوى الذى وجد نفسه فى هذه الآلة المصرية الصميمة وربما يمتهن المهن الأخرى لكسب الرزق لكنه يجد السعادة فى عزف السمسمية فى كل مكان حفاظا على التراث.. تعالوا نتعرف على شباب يحافظ على التراث على أنغام السمسمية فى أنحاء السويس الباسلة.
تامر جلال مؤسس أكاديمية تعليم «السمسمية حياة» بمركز شباب الأربعين بالسويس يؤكد أن محافظات القناة تشتهر بفن السمسمية خصوصا الأعياد القومية والأفراح.
يعتبر أن حفر قناة السويس عام 1859 بمثابة ميلاد جديد لآلة السمسمية الحديثة وخلق العلاقات الوثيقة بينها وبين أهالى القناة واشتهرت بها السويس كفلكلور شعبى يقبل عليه الشباب حتى أصبحت مدينة الألف عازف .
دائما ارتبطت السمسمية بالأحداث الوطنية من العدوان الثلاثى إلى حرب الاستنزاف فكانت منبعا للأغانى التى تبث روح الوطنية وحب الوطن والحماس واشتهرت المقاومة الشعبية بحمل البندقية فى ذراع والسمسمية بذراعه الآخر وترددت أغانى مثل «يا بيوت السويس يابيوت مدينتى للفنان الراحل محمد حمام بل عزف عليها عشاق السمسمية أصعب الألحان مثل أغانى كوكب الشرق فى الأفراح».
يرجع تأسيسه لأكاديمية تعليم السمسمية خوفا من اندثار هذا الفن الشعبى والتراثى الجميل وواجه صعوبات بالغة حتى وجد الدعم من مسئولى محافظة السويس والشباب والرياضة وساعدوه فى توفير مكان لتعليم السمسمية.
يعبر عن فرحته بإقبال الشباب على تعلمها على يد الفنان إبراهيم السنى والتدريب مرتين أسبوعيا مجانا وبالفعل هناك من يتقنها فى شهرين وتتدرج مراحل تعليمها من العزف على ستة أوتار ثم الانتقال عند اجادتها إلى العزف على آلة السلم الموسيقى لها 16 وتراً ثم 30 وتراً للانتقال بين المقامات دون توقف أثناء العزف
ويلفت تامر أن هؤلاء الشباب لا يتعلمون السمسمية سعيا وراء مهنة يتربحون منها بل يمارسونها بروح الهواية لقناعتهم بدورهم فى الحفاظ على هذا التراث.
فن شعبى جميل
إبراهيم السنى مدرب بأكاديمية «السمسمية» نشأ بمنطقة شعبية معظمهم يجيدون عزف السمسمية وكان يذهب مع خاله للمناسبات ويستمع إليها وتعلق بها وتعلم من روادها طريقة عزفها واجادها وأسس فرقة كبيرة للمناسبات والأفراح.
تغير الزمن وقل الطلب عليها فانضم للعمل بقصر ثقافة السويس مع فرقته الخاصة وشاركوا فى الأعياد القومية للسويس بمنطقة الكورنيش معبرا عن سعادته بالتفاف الجماهير واستمتاعهم بهذا الفن الجميل.
حالة طرب
من المتدربين الشباب يكشف علاء على رفاعى 27 سنة ــ بكالوريوس نظم معلومات ويعمل سائق تاكسى أنه انجذب لصوت آلة السمسمية عندما سمعها لأول مرة فى فرح أحد أقاربه وأخذ يراقب العازف وشعر بحالة طرب نادرة لدرجة تسجيل فيديو واستعادته باستمرار وبدأ يبحث عن معلومات عن هذا الفن القديم وعندما عرف بوجود الأكاديمية التحق بها على الفور وبدأ التعلم بحماس والتنسيق بين دروس السمسمية التى اجتاز المستوى الأول فيها بنجاح وساعات عمله بالتاكسى ليجمع بين الهواية والمهنة ويؤكد سعيه لاحترافها ليقترن اسمه بهذه الآلة مثل العمالقة الذين يتعلم منهم مؤكدا أن الاستماع للسمسمية متعة لا يعرفها هواة أغانى المهرجانات.
فخر ورقي
محمد عبدالفتاح ــ 35 سنة ــ دبلوم صنايع ويعمل بشركة أثاث بالسخنة
ارتبط منذ طفولته بأغانى الحروب والنصر على أنغام السمسمية واشترى الآلة وحاول أن يتعلمه وحده لكنه لم ينجح لذلك التحق بالأكاديمية ليدرك أن الالتزام فى تعلمها جزء من رحلة إجادتها وحاليا يعزف بمهارة على 15 وترا أغانى أم كلثوم وعبدالحليم حافظ وبالطبع الأغانى الوطنية وشارك بالعزف فى احتفالات العيد القومى للسويس وعندما ظهر فى لقاء تليفزيونى يحكى عن الآلة ويعزف بها شعر بفخر كبير أنه نجح فى تعلم تراث بلده ويتمنى أن يستمر عبر الأجيال والفضل للأكاديمية ومدربيها.
جزء من الهوية
ويعبر محمد عبدالله ــ 40 سنة ــ موظف بهيئة موانئ دبى عن سعادته لتعلم العزف على السمسمية.. مؤكداً أنها مهمة شبابية للحفاظ على الهوية والتراث ويدين بالفضل إلى والده الذى أتقن عزفها على سبيل الهواية وكان يصطحبه لحضور حفلات العيد القومى للسويس ويحكى له قصص بطولات المقاومة الشعبية فارتبطت السمسمية لديه بتراث الحكايات الوطنية عن محافظته الباسلة التى حاربت الأعداء وانتصرت عليهم وشجعه والده بشراء الآلة وفرح بها واعتبرها جزءا من هويته وأصر أن يتعلم عليها ليتقن العزف وهو ما تحقق عندما التحق بالأكاديمية وأصبح يشارك فى المناسبات ويشاهده أهله ويشعرون بالفخر وبالتأكيد سيجد طفلا آخر يتأثر مثله ويحلم مثله ويكمل المشوار فى تعلم السمسمية ونشرها ولكى يحدث ذلك من المهم أن يعرف الأطفال فى المدارس والشباب فى الجامعات حكايات السمسمية وأمجادها فى تاريخ الحركة الوطنية.