بدأت الدراسة ومعها طوارئ فى كل بيت كالعادة وربما الأصعب على الاطلاق بيوت الأزواج الشباب الذين كانوا بالأمس القريب أطفالا يذهبون إلى المدرسة واليوم صاروا آباء وأمهات عليهم أن ينقلوا خبراتهم وخلاصة ذكرياتهم إلى جيل التابلت والموبايل الذكى لكى يجهزوهم لعالم المدرسة بما فيه من علوم ومهارات واكتشاف للمواهب..
حكايات أول يوم مدرسة ما زالت حاضرة فى أذهانهم يقارنوها باستغراب مع ما يقم به الصغار يختلفون عنهم ويرتبطون بهم ويبدأون أول خطوات التعرف على العالم الخارجى.
بسمة جاويش استمعت إلى حكايات الآباء والأمهات الشباب عن عناد أو استقلال الأطفال وتقدم لهم روشتة خبير وصولا إلى التكيف والاندماج.
استغراب وحماس
تتذكر أمنية كمال درويش خريجة فنون جميلة – أول خطواتها فى المدرسة بحياد لا تشعر بالحزن ولا بالسعادة..
حالة استغراب من الانتقال من أجواء البيت إلى المدرسة بفصولها وقواعدها ومواعيدها التى تتطلب الالتزام.. لم تكن بحاجة لاقناع والديها لأنها تعودت على الحضانة فلم تبك فى المدرسة وعادت بسلام دون شكوى.. الآن ابنها عمر متحمس عكسها ويرى فى المدرسة مكان الكبار وكان يسأل دائماً متى يذهب للمدرسة فلما حدث شعر بالسعادة واندمج دون جهد يذكر.
التعلق الزائد
أما مها سمير محمد بكالوريوس تجارة – فكانت سعيدة بدخولها المدرسة خصوصاً أنها كانت نفس مدرسة أشقائها الكبار فلم تشعر بالرهبة أو الخوف وكان المدرسون يعرفونها بحكم التدريس لاخوتها وساعدها على التكيف دعم الأب والأم بتشجيعها على اختيار الشنطة الجديدة والحذاء مع» توك «الشعر وكل تفاصيل الذهاب للمدرسة مما هيأها نفسياً لدخول عالم جديد بسعادة.
عندما أصبحت أما وكبر الابن يامن ليدخل المدرسة كانت التجربة مختلفة بسبب أجواء الكورونا فى الحضانة التى لم تساعده على الاختلاط بالآخرين بشكل كاف وبالطبع جلوسه بجوارها أثناء الجائحة جعله أكثر تعلقاً بها، لذلك بكى بحرقة لكن ساعده فى النهاية التقليد الذى تقوم به مدارس اللغات بإدخال الأب والأم لتصويرهم مع الأولاد أول الصباح وينتظرون معهم فترة لتطمينهم وهذا عكس أيامى على سبيل المثال فقد كان الأب والأم لا يدخلان من باب المدرسة اطلاقاً.
فى الغربة
من الأمهات نسأل الآباء الشباب الذين يسعون إلى التواجد بقوة فى حياة الأبناء ودعمهم فى سنة أولى مدرسة م –مدير شئون قانونية –عاش طفولته فى الغربة لعمل أسرته بالخارج فكان يدرس فى مدرسة للجالية العربية ولم يفارقه شعور الغربة لقلة عدد المصريين واختلاف اللهجات من دولة لدولة لذلك بكى كثيراً أول يوم مدرسة وطلب رؤية أخته التى تكبره بعام وتدرس معه فى نفس المدرسة ومع حضورها شعر بالاطمئنان ومع الوقت تعود على الأمر وأصبح عنده أصدقاء وأحب المدرسة، وتجربة ابنه عمر لم تختلف كثيراً فهو أيضاًً كان يشعر بالخوف وبكى كثيرا بعد أن أوصلته الأم وتركته لكنه تكيف على الوضع بسرعة ولم يأخذ وقتا ليتعود فأطفال اليوم هم بحق أبناء عصر السرعة.
دنيا تانية
بالنسبة لأحمد سعيد عبدالعزيز–أعمال حرة– ما زال يتذكر مشاعره المختلطة فى أول يوم دراسة فكان سعيدا بارتداء الزى المدرسى والشنطة والأدوات.. كان يعتقد أنه ذاهب للعب مع أصدقاء جدد ومعه مصروفه ليشترى به ما يريد من المقصف المدرسى.. كانت «دنيا ثانية» على حد تعبيره تفتح أبوابها له لكن بمحرد رؤيته لأهله يذهبون ويتركونه جلس يبكى حتى تقبل الأمر.
الآن وهو أب حرص على تهيئة أبنائه لدخول المدرسة قبلها بشهرين يؤكد لهم أهميتها وأنها مرحلة جديدة ولا توجد احتمالية للرفض أو التأجيل ويبث الاطمئنان بوجود أقارب لهم فى نفس المدرسة.. ومع ذلك كل هذه الجهود لم تفلح معهم فشعروا بالتوتر ومنهم من كان يرفض الدخول.. كانوا أكثر عنادا منه فى نفس عمرهم ورغم أن أبناءه كانت لديهم صداقات قبل المدرسة لكن هذا لم يقلل خوفهم من العالم الجديد فكانت «دنيا تانية» مخيفة وليست لطيفة كما رآها الأب قبل سنوات.
روشتة نفسية
نختتم مع الدكتور محمد سعد أخصائى الطب النفسى وعلاج الإدمان الذى يشرح لنا نفسية الطفل مع بداية الدراسة ويقدم للشباب روشتة للتعامل الصحيح.
يرجع سبب توتر أو خوف الأطفال مع بداية الالتحاق بالمدرسة بسبب التعلق بالأبوين والخوف من الانفصال عنهم، لذا يكون اليوم الأول هو الأصعب بعدها يعتاد الأمر ومن المهم هنا رسائل الاطمئنان وتبسيط الأمور ليشعر الطفل كأنه ذاهب إلى فسحة أو رحلة للعب مع أصدقائه.
يستكمل: تختلف ردود الفعل بين إقبال بعض الأطفال أو نفورهم من المدرسة بسبب اختلاف الشخصية وهنا نلاحظ تأثير سمات وراثية وأخرى تتعلق بالتجارب، فالسمات الوراثية تجعل الطفل مثل الأبوين اجتماعياً أو إنطوائيا، وأيضاًً تلعب التنشئة دوراً فى تشجيعهم على اللعب مع أقاربهم وعدم الخوف من الآخرين بينما فى التربية المنغلقة نلاحظ الخوف الزائد على الأبناء خصوصاً فى حالة انفصال الوالدين وتولى أحدهما المسئولية وحده فيتحول الأمر إلى حماية زائدة لذلك كلما كانت التربية فى ظروف صحية أدى ذلك إلى تعامل إيجابى مع مرحلة المدرسة
وينصح الآباء والأمهات بتأهيل الأبناء للعالم الجديد من البيت إلى المدرسة مع وسائل تحفيز مثل الهدايا والمكافآت وبث الألفة بتعريفهم على المدرسين الجدد والزملاء الجدد لأن كسر الجليد بين الطفل والمدرس بمثابة تسليم السلطة أو المكانة للمدرس بشكل جزئى دون تخويف ومن المهم التعرف على ناس جديدة وتكوين صداقات تحت إشراف الأب والأم مثل الأقارب أو الجيران وغيرهم وكل هذا يسهل فى دخول الطفل المدرسة وتعليمه واعتماده على نفسه.