لا توجد لعبة حاولت كل شعوب الأرض أن تنسب فضل ابتكارها إليها مثل لعبة «الشطرنج»، ربما لأنها تعبر عن الذكاء وتحتاج إلى مهارة المحارب وعقل المفكر وتدبير الحكم وهدوء الفيلسوف، ولأنها لعبة النخبة والصفوة فى كل مجتمع ومنتدى حتى فى عصر الكمبيوتر.
ترى ما حكاية هذه اللعبة التى حاولت كل شعوب الأرض أن تنسب فضل ابتكارها إليها؟!
ادعى اليونانيون والرومانيون والبابليون والعرب سبق ابتكارها، وقال الفارسيون انها لعبتهم وان اسمها من الاسم الفارسى «شيش درنك» أى ستة أشكال، وقالوا أيضا إنها من كلمتى «شاه رنج» أى هجوم الملك، وقال بن خلكان إنها هندية، وأن الفرس اخترعوا النرد «الطاولة» التى ابتكرها ملكهم «أزد شير»، فناظرهم أهل الهند بابتكار الشطرنج.
قال عباس العقاد إن البعض يرجع أصلها إلى الهند واسمها من الكلمة الهندية «شاتورنجا» ومعناها لعبة الحرب، ويستدل على ذلك من مفردات اللعبة: الملك، الوزير، الفيل، الحصان، الطابية، الفرس.
قال أهل الصين إن الذى ابتكرها امبراطورهم «هان شنج» فى عام 174 قبل الميلاد، ليسلى بها جنوده أثناء الحصار، وكان اسمها «تشوك– تشو– هونج– كي» ومعناها علم الحرب.
قال بعض المؤرخين إن مخترعها «سليمان الحكيم» كوسيلة لقطع الوقت.. ويقول د.أحمد عبدالرازق فى كتابه «الحضارة الإسلامية فى العصور الوسطي»: الشطرنج لعبة كانت معروفة عند قدماء المصريين وعند حكماء الهند، حيث رسموا لها رقعة مربعة تتألف من ثمانى خانات طولاً وعرضاً، ورسموا عليها أربعة وستين مربعاً بالتساوى وجعلوا فيها ثمانى قطع وطلوها بلونين من كلا الطرفين، وأجلسوا الملك والوزير فى القلب وأوقفوا فيلين على الميمنة والميسرة ووضعوا بجانب الفيلين حصانين من الجانبين، وجعلوا الرخين فى الزاويتين وصفوا أمامها صفاً من العساكر، وعلى هذا النحو يستعد المتنافسان من الجانبين للمباراة، ثم تطورت هذه اللعبة على أيدى الفرس الذين جعلوها قائمة على أصول رياضية، لاسيما زمن «بزر جمهر» ويبدو أنه انتقل منهم إلى العرب، حيث ظهر زمن الصحابة الذين اختلفوا فى شأنه فوصفه ابن عمر بأنه شر من النرد، على حين اعتبره على بن أبى طالب نوعاً من الميسر، ومع هذا فقد كان طبيعياً ألا يزوج أهل المدينة لاعب الشطرنج كما زعموا أن سبب وضع العجم له إنهم كانوا إذا اجتمعوا تلاحظوا البقر ومن ثم فقد جعلوا من الشطرنج مشغلة لهم.
ورغم هذا، فقد أباحه عدد من الصحابة والتابعين شريطة خلوه من القمار، لأنه مبنى على إعمال الفكر ورياضة الذهن على النقيض من النرد الذى يبنى دائماً على الحظ، كما أجازوا لعبه فى أوقات الفراغ بشرط أن يحفظ اللاعب لسانه من الفحش وردئ الكلام أثناء اللعب، وإلا اعتبر حراماً.
أما علاقة توت عنخ آمون بهذه اللعبة، فهو ما سنعرفه فى المقال القادم.