الحكاية الأولي: «اطمئنوا وخدوا بالكم على بلدكم « جاءت هذه الكلمات على لسان الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال احتفالية عيد الشرطة حيث تحدث -كما عودنا سيادته – بصدق واخلاص وتجرد ووعى عن مجمل الأوضاع الداخلية والإقليمية والدولية وعن التحديات المستدامة والمتراكمة والمركبة التى تجابه معظم دول العالم، أكاد أجزم يقينا أن كل مداخلات وخطابات وملاحظات الرئيس منذ تولى المسئولية تمثل فيما بينها مشروعًا فكريًا متكاملاً يتحرك فى سياق متناغم عنوانه الكبير «بناء دولة وطنية مدنية حديثة قادرة».
الرئيس يتحدث عن بناء القدرات الشاملة للدولة لذلك يركز سيادته كثيرا على شرح «ماهية الدولة» ويشير كثيرًا إلى أهمية الفهم الصحيح الشامل والوعى الحقيقى غير الزائف لكل ما يرتبط بتناول الشأن العام، لكن الأهم هو ان الرئيس يذكرنا دائمًا بأننا جميعا عابرون فى عمر الوطن فنحن زائلون لا محالة والوطن باق بإذن الله وحفظه وعلينا ان نتحرك ونعمل ونتحدث وأمامنا هذه الحقيقة المجردة.
>>>
الحكاية الثانية: الرئيس شرح لنا باستفاضة وبوضوح أصل الداء الاقتصادى الذى يسبب لنا أزمات مركبة نعانى منها جميعا وهو «الفجوة الدولارية» وهى باختصار شديد الفرق بين حصيلتنا واحتياجاتنا الدولارية السنوية والتى تصل إلى 25 مليار دولار فى المتوسط، ودون الدخول فى دهاليز الشروحات العلمية المتباينة لعلماء الاقتصاد فإننا نعتمد على الدولار فى استيراد معظم احتياجاتنا من الطاقة والغذاء والدواء والسلاح وغيرها بفاتورة لا تقل عن 100 مليار سنويا بالإضافة إلى سداد اقساط وفوائد الديون، وعلى الجانب الآخر فمواردنا الدولارية محدودة وشحيحة وهى على سبيل الحصر ايرادات قناة السويس وعوائد المصريين فى الخارج والسياحة والصادرات
وللقضاء على هذه الفجوة الدولارية لابد وان نسير فى مسارين متوازيين،
>>>
الأول: تقليل حجم الواردات باستبدال المنتج المستورد الذى يحتاج إلى دولار لشرائه بمنتج محلى بديل وجيد، وكلما توسعنا فى الصناعة ونجحنا فى احلال المنتج المحلى محل المستورد انخفضت فاتورة الواردات ومن ثم قللنا حجم الاعتماد على الدولار، الثاني: زيادة الصادرات سواء الصناعية أو الزراعية أو الخدمية مع زيادة عوائد السياحة والمصريين فى الخارج، وهذا كله سيزيد من الحصيلة الدولارية، وبهذا يكون حاصل جمع خفض الواردات من ناحية وزيادة الصادرات وباقى عناصر الإيرادات من ناحية أخرى خصمًا من رقم الفجوة التمويلية الدولارية وهذا هو الحل الجذرى لكل مشاكلنا المرتبطة وجودًا وعدمًا وصعودًا وهبوطًا بالدولار
>>>
الحكاية الثالثة: اقتراح بسيط وربما تكون عوائده عظيمة وهو ان نسارع بإعداد كتاب يحوى بين دفتيه ما يلي:
1 – شرح مفهوم الدولة ومحددات امنها القومى ومفهوم القدرة الشاملة وصولاً إلى براند الدولة المصرية الذى نحتاج الوصول الى شكله النهائى.
2 – رصداً تاريخياً للمشروعات الوطنية المصرية التى لم تكتمل لأسباب متعددة منذ على بك الكبير ومحمد على والخديو إسماعيل وجمال عبدالناصر.
3 – شرح مفهوم وفلسفة المشروع الوطنى المصرى الحالى الذى اطلقه الرئيس السيسى تحت عنوان «الجمهورية الجديدة».
4 – رصداً توثيقياً للمشروعات الكبرى التى تمت وانجزت فى سياق الجمهورية الجديدة وفقا للقطاعات النوعية كالطاقة والمياه والطرق والزراعة والصناعة والعمران والقوة العسكرية والأمنية والناعمة، على ان يتم تدريس هذا الكتاب لجميع المراحل التعليمية ويقرر على الطلاب جرعة المحتوى الملائمة لاعمارهم ونطاق تواجدهم الجغرافى.
5 – يكون لهذه المادة درجات تضاف للمجموع، نصفها للمادة الموجودة بالكتاب والنصف الآخر لزيارات ميدانية للدارسين والطلاب كل فى نطاقه وكتابة تقرير عن احد هذه المشروعات، على أن تشارك وزارات التعليم والتعليم العالى والشباب والرياضة والأوقاف والنقل والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام وادارة الشئون المعنوية بالقوات المسلحة فى هذا المشروع الذى يمكن ان نتكلم عنه بالتفصيل لاحقًا.