أشرنا فى المقال السابق للتحديات المتعددة التى تواجه ملف حقوق الانسان، ومنها التطورات المتسارعة فى كافة الاصعدة الدولية والاقليمية والوطنية ايضا، سواء تلك المرتبطة بتأثيرات الحروب الاقليمية والنزاعات المسلحة والمرتبطة بقضايا المناخ وصولا للتحديات التقليدية على المستوى الوطنى وفى مقدمتها انه لا يزال تحدى ضعف الوعى المجتمعى بثقافة حقوق الانسان على رأس تلك التحديات ..
رغم أن الفترة الماضية شهدت تغييرات ملموسة على المستويين التشريعى والمؤسسي، حيث تم تطوير البنية التشريعية وتغليظ العديد من العقوبات، بالإضافة إلى أن أكثر من 97 ٪ من الوحدات المعنية بحقوق الإنسان أصبحت موجودة داخل اغلب الوزارات، لكن نفتقد التنسيق والتخطيط المتكامل بين تلك الوحدات بالمؤسسات المختلفة، علاوة على ان العديد من العاملين بها ليسوا مؤهلين بما يكفى للتعامل مع متطلباتهم الوظيفية، فحقوق الانسان ثقافة قبل ان تكون مهنة وظيفية داخل احدى الادارات. حققنا تقدماً فى بناء القدرات ورفع الوعى – بنسبة ملحوظة ومقدرة – الا انه مازالت هناك نقاط لم يتم تطبيقها بشكل كامل فيما يتعلق بالاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، مما يستدعى المزيد من الجهد لضمان التنفيذ الشامل، ووضع محددات للمستهدفات حتى يسهل رصد تحقيقها على ارض الواقع، بعيدا عن الاجراءات البيروقراطية او الاعمال المكتبية.
قطعا لا توجد دولة – فى العالم – مثالية فى مجال حقوق الإنسان، وندرك اننا نواجه تحديات كبري، ولكن يجب أن نسعى لوضع تشريعات تدعم إستراتيجية حقوق الإنسان، مثل قانون مكافحة التمييز، وحرية تداول المعلومات والحريات الاكاديمية وغيرها، وهى امور تمت مناقشتها بالحوار الوطنى ووجهت القيادة السياسية بإقرارها ضمن مخرجات وتوصيات الحوار، لكن التنفيذ يحتاج لمزيد من الجهد والاصرار حتى نحقق الاهداف المرجوة. تلك المناقشات بالحوار وتزامنها مع الافراجات المتعاقبة عن المسجونين والمحبوسين احتياطيا، وانخراط عدد من الاحزاب ومؤسسات المجتمع المدنى فى محاولة النهوض بأوضاع حقوق الانسان، والمبادرات المتعددة مثل (حياة كريمة ) هى دلالة على وجود تغيير حقيقى بالمناخ العام، لكن الحرص والدأب على إتمام المستهدفات وتحقيقها هو الضامن الاهم لاحداث التغيير المرجو، ولعل القادم افضل .. وللحديث بقية.