هذه أرضى أنا، وأبي ضحى هنا.. حكاية شعب وأرض لا تنتهى، المصرى يعتبر الأرض عرضًا وشرفًا لا يفرط فيها بل يدافع عنها حتى الموت، 120 ألف شهيد ويزيد وأضعافهم من المصابين الذين روت دماؤهم الطاهرة أرض سيناء دفاعًا عن مصريتها، وكل بيت مصرى من القنال حتى بحرى والصعيد جاهزون لتقديم شهداء فداء للأرض، وسجلات الحروب المتتالية تقول هذا، ومعركة تطهير سيناء من الإرهاب شاهدة على عظم التضحيات، كلما سقط شهيد تنادى بالدفاع عنها ألف آخرون، نداء الأرض يلبيه كل مصرى.
وعندما يكون حديث التهجير للفلسطينيين إلى سيناء فلا مجال لصمت ولا مساحة لصبر، وانما تحرك مصرى دفاعًا عن التراب المقدس، على مدى سنوات كان المخطط موجودًا والحديث عنه مستمرًا وكانت مصر تتعامل معه وفق مقتضيات الأمر، لكن هذه المرة الأمر تجاوز التلميح إلى الحديث الصريح، کلام مباشر عن الرغبة في تهجير الفلسطينيين وتحديد الوجهة إلى مصر والأردن، لا يكتفى الاحتلال الصهيوني بما نهبه من أرض فلسطين وإنما يريد توسعًا آخر على حساب دول الجوار، ولا يكفيه ما أرتكبه من جرائم وظلم للفلسطينيين على أرضهم بل يريد ان يطردهم منها تمامًا ويشردهم.
وللأسف يجد من يصمت على هذه الجرائم بل ومن يسانده ويدعمه حتى من بين العرب أنفسهم، لكن مصر واضحة، لن نشارك في ظلم ولن نتهاون فى المساس بأمننا القومى، ولا أرضنا، وكما كان الوضوح والحسم من الرئيس السيسى والذي وصلت تداعيات الغضب منه إلى تهديد إسرائيلى سافر لشخص الرئيس لأنه ما زال هو المفسد لكل مخططاتهم بمواقفه الوطنية الصريحة.
وإنما التحرك هذه المرة شعبى أيضا المصريون عن بكرة أبيهم يرفضون التهجير، يتصدون بأرواحهم ضد أى مخطط يستهدف سيناء أو أى شبر من أرض الوطن، الآلاف الذين قطعوا مئات الكيلو مترات من المحافظات المختلفة إلى معبر رفح ليقولوا لا للتهجير، جاهزون لما هو أكثر من ذلك لو طلب منهم، و 110 ملايين مواطن يعتبرون أنفسهم جنودًا مجندين لصالح الدفاع عن الأرض.. هذا ليس شعار بل واقع.
نعلم جميعًا الثمن الذى يمكن أن ندفعه كدولة وشعب بسبب هذا الموقف، تربص بالدولة ومحاولات حصار من أجل الضغط على القيادة والشعب، لكن مهما كان الثمن فالموقف المصرى لن يتغير، الشعب خلف رئيسه مساند لموقفه، والرئيس مستند إلى شعبه محتمى بدعمه، وما أكثر المواقف التي دفعنا ثمنها على مدى العقود الماضية ولكن الموقف المصرى ظل صلبا لا يلين، يكفى ما تعرضنا له بعد ثورتنا ضد جماعة الإخوان الإرهابية في 2013 والتحالف الدولى الذى كان يسعى لإسقاط مصر.
ورغم ذلك بقيت مصر بل أصبحت أقوى بفضل الله ثم صلابة شعبها وقيادتها وجيشها وشرطتها، لم تصلح معنا مخططات فوضى ولا حصار اقتصادى ولا إرهاب، قهرنا كل التحديات، وقادرون بعون الله على تكرار نفس السيناريو شعب يموت ولا يفرط في أرضه، يجوع ولا يتنازل عن مبادئه وثوابته، شعب حارس لأرضه.. ووقفته أمام معبر رفح دليل على هذا الموقف.
والأفضل بدلا من اللعب مع هذا الشعب واستفزازه من خلال الحديث عن مخطط التهجير أن يتم احترام أرضه ومقدراته، وأن يتوقف هذا الحديث والمحاولات الشيطانية لأنها لن تمر إلا والشعب المصرى كله شهداء.
لا فارق في ذلك بين من يقيم على أرض الوطن أو خارجها، وقت الجد كلنا فداء الأرض.