على مر العصور كانت أرض سيناء الغالية ولا تزال محط أنظار العالم ومحل اهتمام الجميع، هنا وهناك، ولم لا وهى تضم «جبل الطور» تلك البقعة المباركة الوحيدة على الأرض التى تجلها عليها المولى عز وجل وكلم فيها عبده ورسوله موسى عليه وعلى نبينا محمد أفضل الصلاة وأتم التسليم.
لعل الكشف الأثرى المهم الذى عثرت عليه البعثة المصرية بمنطقة «تل ابو صيفي» مؤخراً وبعد أيام قليلة من احتفالنا بأعياد تحرير سيناء وما يحويه من حصون وقلاع شيدها المصريون قبل آلاف السنين خير دليل على أهمية سيناء منذ قديم الأزل وحتى يومنا هذا حيث تحرص القيادة السياسية المصرية على تأمين وحماية هذا البقعة المباركة ولنا فيما قام به الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ توليه مسئولية قيادة البلاد المثل والقدوة فى تأمين وحماية أرض سيناء الغالية أمنياً وعسكرياًً، بل وعمرانياً واقتصادياً من خلال تشييد العديد والعديد من المشروعات التنموية العملاقة بشمال وجنوب سيناء، ولعل أهمها ربطها بالوطن الأم من خلال 4 أنفاق جديدة، علاوة على إعادة تشغيل خط سكة حديد الفردان بما يسهم فى توطين قرابة 8 ملايين مصرى هناك وهو أفضل تأمين وحماية لهذه البقعة المقدسة من كيد الكائدين وطمع الطامعين.
كانت البعثة المصرية التابعة للمجلس الأعلى للآثار، قد عثرت على عدد من المعالم والمواقع الأثرية التى تميط اللثام عن أسرار « حصون الشرق « حيث كشفت عن بقايا تحصينات عسكرية، ووحدات سكنية للجنود، وخندق يشير إلى إمكانية وجود قلعة تاريخية، وذلك خلال حفائرها بموقع «تل أبوصيفي» بشمال سيناء.
وفقاً لما ذكره شريف فتحى وزير السياحة والآثار، فإن أهمية هذا الكشف أنه يلقى الضوء على أسرار التحصينات العسكرية الشرقية لمصر خلال العصرين البطلمى والروماني، وأهمية موقع تل أبوصيفى كمركز عسكرى وصناعى على مر العصور.
هو ما أكده الدكتور محمد إسماعيل خالد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، مشيراً إلى أن هذا الكشف يسهم فى رسم صورة أكثر دقة لخريطة الدفاعات المصرية على حدودها الشرقية، ويؤكد من جديد أن سيناء كانت دائمًا بوابة مصر الشرقية وحصنها الأول.
حيث استطاعت البعثة الكشف عن تصميم معمارى مميز للبوابتين الشرقية للقلعتين البطلمية والرومانية المكتشفتين من قبل بالموقع، مما يساعد فى إعادة تصور شكل المداخل الدفاعية فى ذلك الوقت، بالإضافة إلى خندق دفاعى ضخم بعمق يزيد عن مترين عند مدخل القلعة البطلمية، يُعتقد أنه كان جزءًا من نظام دفاعى يمكن تعطيله عند التهديد.
فى نفس الإطار كشف محمد عبدالبديع رئيس قطاع الآثار المصرية، أن البعثة عثرت كذلك على طريق بعرض 11 متراً وطول يتجاوز 100 متر، مرصوف ببلاطات من الحجر الجيري، يمتد من خارج البوابة الشرقية للقلعة الرومانية ويصل إلى قلب الموقع، لافتاً إلى أن هذا الطريق مبنى فوق طريق أقدم يعود للعصر البطلمى مشيد من بلاطات من الحجر الجيري.
كما تم الكشف عن أكثر من 500 دائرة طينية على جانبى الطريق الحجري، يُرجح أنها كانت تُزرع فيها الأشجار التى زينت مدخل القلعة خلال العصر البطلمي، فضلا عن الكشف عن مساكن الجنود من العصر الروماني، مما يعطى صورة واضحة عن الحياة اليومية للفرسان المرابطين فى القلعة الرومانية خلال عصر الإمبراطور «دقلديانوس» والإمبراطور «مكسيميان»، إضافة إلى الكشف عن 4 أفران كبيرة استخدمت لإنتاج الجير الحي، ما يشير إلى تحول الموقع إلى مركز صناعى فى نهاية العصر الرومانى مما أدى لتدمير جميع المنشآت الحجرية بالموقع.
وفقاً لما ذكره دكتور هشام حسين رئيس البعثة ومدير عام الإدارة العامة لآثار سيناء، فإنه تم أيضاً العثور على خندق ربما يشير إلى وجود قلعة ثالثة أقدم فى الموقع من القلعتين البطلمية والرومانية حيث تم الكشف عن الأركان الأربعة الخاصة بتلك القلعة وجار حاليا تحديد تاريخها، بالإضافة إلى عدد من المبانى مستطيلة الشكل متلاصقة فى طبقات متداخلة استخدمت لفترات طويلة كأماكن للمعيشة خلال العصر البطلمي.