رسائل من قلب النجاح
لم تكن التنمية يوماً رفاهية، ولم يكن أمام مصر قبل 11 عاماً اختيار سوى البناء، فقد وصل البلاد والعباد إلى أعلى درجات المعاناة وانهيار البنى التحتية ومنظومة الخدمات وشبكات الطرق ومن هنا كنا أمام دولة لا تستطيع أن ترسم ملامح المستقبل، أو بناء اقتصاد قوى وقادر على تلبية احتياجات الوطن والمواطن، ولم تكن هناك فرص لجذب الاستثمارات، أو بناء الإنسان وتمكينه من الحياة الكريمة، لذلك انطلقت أكبر عملية تنمية فى تاريخ مصر، كضرورة حتمية واستراتيجية وأراها قضية أمن قومى بعد أن كادت تضيع الدولة فى يناير 2011 وفى عام الإخوان الأسود، فقد وصلت خسائرها لما يقرب من 450 مليار دولار بسبب الفوضى ومحاولات إسقاط الدولة.
أيضاً ارتكزت رؤية الرئيس عبدالفتاح السيسى مع إطلاق عملية البناء والتنمية على الإصلاح الشامل ومصارحة الشعب بأهمية ومحورية هذا الإصلاح الذى ظل عالقاً لعقود طويلة وهو ما تسبب فى تراكم المشاكل والأزمات وتعقيدها، وبالتالى لم تكن هناك فرصة لبناء جدول أولويات كما يزعم البعض، فكل شيء وجميع القطاعات والمجالات، وكافة ربوع البلاد كانت فى حاجة إلى تدخل تنموى سريع فقد تفاقمت المعاناة وتأخرت التنمية وهو ما كان ينذر بمخاطر شديدة ومزيد من إهدار الوقت وبالتالى مزيد من تراكم المشاكل والأزمات نتاج غياب رؤية البناء والتنمية.
فى كل الأحوال أجدنى مطالباً بطرح مجموعة من التساؤلات، تناولتها من قبل فى مقالات سابقة، ماذا لو تأخرت مصر فى تنفيذ رؤية وخطة التنمية الشاملة، أو حتى تباطأت؟، الحقيقة أن رؤية الرئيس عبدالفتاح السيسى حققت أهدافها بنجاح وانتصرت على حملات الأكاذيب والشائعات والتشكيك، لأنها جعلت مصر تقف على قدمين ثابتتين على أرض صلبة وهو ما أتاح لها فرصة القدرة على الصمود أمام تداعيات أزمات وصراعات وحروب إقليمية ودولية لها آثارها المؤلمة، والسؤال إذا استمرت أحوال مصر ما قبل الرئيس السيسى من تدهور ومعاناة وإذا لم تنفذ رؤية البناء والتنمية والإصلاح، هل كانت ستصبح قادرة على مواجهة التحديات والتداعيات القاسية للأزمات العالمية، سواء جائحة كورونا، أو الحرب الروسية ـ الأوكرانية أو ما تموج به المنطقة الآن من صراعات وتصعيد ومعارك طاحنة على جبهات مختلفة بسبب العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة وتوابعه وتداعياته، وهو ما فرض ظروفاً وتداعيات اقتصادية خطيرة خاصة على الممرات البحرية، والتجارة العالمية، وارتفاع أسعار الطاقة، وأيضاً ارتفاع تكلفة التأمين فى ظل الاضطرابات والتوترات فى العالم.
دعونا نسأل أيضاً، ماذا لو تأخرت عملية التنمية وتنفيذ المشروعات القومية، بالآلاف فى كافة القطاعات والمجالات وفى جميع ربوع البلاد إلى وقتنا هذا ولم تبدأ قبل 11 عاماً وكم من الميزانيات والتكلفة بأسعار اليوم، بعد رعب الأسعار العالمية، كانت نحتاجها الآن.. أعتقد أنها كانت تحتاج لأضعاف تكلفتها قبل 11 عاماً، وهو ما أكد عليه الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال افتتاحه مشروعات قومية فى مجال النقل كنا سنحتاج إلى أضعاف ما أنفقناه وقد لا نستطيع فى ظل تداعيات الأزمات والصراعات العالمية والإقليمية، والأهم أنه بهذه المشروعات العملاقة قطعت شوطاً كبيراً فى الوصول إلى القدرة الشاملة والمؤثرة على طريق التقدم وبناء الدولة الحديثة، ووقاية مصر من تداعيات أزمات إقليمية وعالمية عنيفة.
الأمر المهم أيضاً أن جميع المشروعات القومية العملاقة فى كافة القطاعات وربوع البلاد، كانت ومازالت حتمية فلا تقدم أو نهوض بدون بنية تحتية عصرية، تدعم الاستثمار والسياحة والتوسع العمراني، والنشاط التجارى والسكانى وتخلق فرصاً غزيرة، بعد أن انتهت صلاحية البنية التحتية والأساسية فى مصر التى تعود لأكثر من 051 عاماً لذلك فإن شبكة الطرق العصرية، والمحاور والأنفاق، والتطوير الحتمى لمرفق السكة الحديد وتحديثه، على كافة محاوره بعد أن وصل إلى حالة يرثى لها تهدد حياة وأرواح المواطنين وبالتالى كان لزاماً أن تشهد واقعاً جديداً يقوم على الأخذ بالأحدث والأكثر أمناً وتطوراً لتقديم خدمة عصرية ذات جودة عالمية للمواطن المصري.
رؤية الرئيس السيسى بتطوير وتحديث عصرى وعالمى لشبكة الموانئ المصرية على البحرين الأحمر والمتوسط. وهو ما أضاف شرايين جديدة للاقتصاد المصرى والحصول على جزء مستحق من كعكة التجارة العالمية وتجارة اللوجستيات ولم يكن أيضاً القضاء على العشوائيات تلك الظاهرة السلبية التى هددت سلامة الإنسان المصري، وتصدت لها الدولة فى عهد الرئيس السيسى وأنفقت عليها ما يقرب من 85 مليار جنيه بنقل سكانها إلى مناطق حضارية ومنح كل أسرة وحدة سكنية مجانية مجهزة بكل الاحتياجات ولو تأخرت الدولة فى تنفيذ هذا المشروع القومى الإنسانى لاحتاجت إلى نصف تريليون جنيه بالأسعار الحالية، وأيضاً المشروع الذى أطلقته المبادرة الرئاسية حياة كريمة لتطوير وتنمية الريف المصرى الذى أكد الرئيس السيسى استمرار تنفيذ هذا المشروع الذى انتهت مرحلته الأولى بتكلفة 350 مليار جنيه، وهل كان يمكن تأخير تنمية الصعيد بعد أن تعرض خلال العقود الماضية إلى تهميش وتجاهل ونسيان ووصلت الأوضاع فى محافظات الجنوب إلى أدنى مستوياتها، وتعرضت هذه المناطق بسبب الفراغ الذى تركته الدولة وانسحابها منها وعدم تنفيذ مشروعات للتنمية إلى محاولات اختطاف عقول أبنائها وشبابها من قبل جماعات الظلام والتطرف والتشدد، إن بناء الإنسان المصرى بعد معاناة العقود الماضية، كان ومازال أمراً حتمياً واستراتيجياً بل وقضية أمن قومي.
والسؤال المهم، قطاع النقل، حصل على استثمارات فى مجال البناء والتنمية بحوالى تريليونى جنيه، فى مشروعات قومية عملاقة تم إنجازها بأعلى جودة فكم كنا نحتاج الآن بالأسعار الحالية لتنفيذ هذه المشروعات؟ أعتقد ما لا يقل عن خمسة تريليونات جنيه وربما لم نكن نستطيع فى ظل التداعيات القاسية للمتغيرات الجيوسياسية فى المنطقة والعالم وفى أتون الصراعات والحروب وحصل الصعيد على 8.1 تريليون جنيه، وهو ما يجسد اهتمام القيادة السياسية بمحافظات الجنوب، والسؤال أيضاً كم من الميزانيات كنا نحتاج لو تأخرنا ولم ننفذ مشروعات النهوض بالصعيد، وتخفيف المعاناة عن المواطنين فى هذا الجزء المهم من الوطن وتوفير الحياة الكريمة لهم، من وسائل نقل حديثة وآمنة.
الحقيقة أن رؤية الرئيس السيسى فى البناء والتنمية، استشرفت المستقبل وارتكزت على الأفكار الخلاقة، وتنفيذ كافة المشروعات فى جميع القطاعات فى وقت واحد، وأيضاً خاضت مصر معركتى البقاء والبناء فى وقت متزامن، وأيضاً أكد أهمية بناء قوة الردع الفائقة لحماية وتأمين الدولة وحدودها، وسيادتها وأمنها القومي، ومقدراتها، وأيضاً لتأمين خطواتها نحو التنمية وحماية مشروعها الوطنى لتحقيق التقدم، وأيضاً بناء القدرة الشاملة والمؤثرة، فى البناء والتنمية وهو ما وفر لمصر أن تقف على أرض صلبة فى مواجهة التحديات وتداعيات الأزمات الإقليمية والدولية، وأيضاً وفر لها الأمن والاستقرار فى أتون الصراعات والاضطرابات فى المنطقة وأن التبكير والإسراع بتنفيذها والالتزام بالتوقيات المحددة من هنا فإن رؤية الرئيس السيسى فى كل مضمونها، وأهدافها ونتائجها، وما حققته للوطن والمواطن، هزمت المشككين والحاقدين والمتآمرين، وأثبتت أن الرئيس السيسى سبق عصره، واستشرف المستقبل مبكراً.