بطبيعة الحال إذا كانت الفوضى والتدمير يؤديان إلى كوارث وتداعيات مأساوية ربما زوال دول من على الخريطة، وسقوطها فى وحل الفتن والانقسام والضياع، وتفكك المؤسسات بحيث لم تعد تصلح «لا طبلة ولا مزمار» على رأى المثل الشعبى.. وتصبح عملية عودتها من جديد شبه مستحيلة، ناهيك عن خسائر اقتصادية وتكلفة فادحة، بالإضافة إلى تكلفة عودتها لسيرتها الأولى، قبل الفوضى، مجرد الأوضاع التى سبقت الضياع، بالفعل هى موت وسقوط وخراب ديار وأوطان، مئات المليارات لمجرد أن تعود، الصورة التى لم يرض عنها المخدوعون والذين تمت السيطرة على عقولهم واحتلالها.. هؤلاء الذين قامروا بأوطانهم ودمروها، وأصابوها بالعجز والشلل الكامل.
أيضاً فإن للأمن والاستقرار والاصطفاف والوعى ثماراً وحصاداً وقوة وقدرة، فالدول والشعوب التى امتلكت الوعى والتماسك والفهم، أو نجت من براثن الفوضى والضياع تواصل البناء على ما هو موجود من مقدرات وثروات وموارد فلم يتعرض لدمار وخراب ولم يندثر أو يتحول إلى أطلال أو ركام بل تعاظم البناء والنمو الصعود، لأن هذه الدول بنت وأضافت على ما هو موجود، ووفرت مليارات الدولارات.. كانت ستنفق على إصلاح وبناء وإعادة إعمار ما خلفته الفوضى والفتن، من دمار وخراب.
طريق الهدم والتدمير سهل للغاية لا يستغرق وقتاً كثيراً، أما طريق الإصلاح والبناء والتنمية والعمران فهو طريق شاق لكنه يحقق السعادة والرخاء والأمن والاستقرار والإحساس بالأمان وبنعمة الوطن.
تساؤلات كثيرة فى غاية الأهمية تكشف أهمية الأمن والاستقرار، والوعى وحُسن القرار، وحكمة صانع القرار، وأيضاً خطورة الفوضى والوعى المزيف، والمغامرات.
وحتى ندرك الفارق الكبير بين الطريقين نسأل: ماذا لو امتلك الرئيس العراقى الأسبق صدام حسين الحكمة، والقدرة على اتخاذ القرار الصائب والصحيح وفقاً لحسابات وتقديرات دقيقة، ماذا لو اختار طريق السياسة والحكمة، والعلاقات القوية مع جيرانه وآثر التفاوض، وتبادل المصالح والاستفادة من الموارد، ماذا لو وفر مئات المليارات من الدولارات التى أنفقها على الحروب والصراعات والأطماع، والتوغل فى أراضى الغير، ماذا لو لم يسمح بالعقل والحكمة فى إحداث كل هذا الدمار الذى أصاب العراق، ماذا لو تبنى سياسات الصدام والتهديد والوعيد، أيضاً دول سقطت فى عاصفة الربيع العربى المشئوم، هل عادت أفضل كما كانت عليه قبل هذه الثورات المدفوعة والمخططة من الخارج، أم أنها ذهبت إلى الضياع، هل تحققت أحلام الحرية والديمقراطية والرخاء، والتقدم أم الإرهاب والسقوط والضياع والخوف كان المصير، كم تحتاج هذه الدول من الميزانيات المليارية حتى تعود، كم تحتاج سوريا من الناحية الاقتصادية والمالية لإعادة الإعمار وتحقيق طموحات الشعب السورى، وكذلك كم تحتاج لبنان لتتجاوز أزماتها وعثراتها وتحدياتها وانهيار اقتصادها، وكم من السنوات تحتاج البلدان لاسترداد أراضيها المحتلة، واستعادتها بالكامل، كم تحتاج اليمن لاستعادة وحدتها وقدراتها، وكم تحتاج السودان لإعادة الإعمار، واستعادة كامل الأمن والاستقرار والوحدة، ليبيا أيضاً كم تحتاج من الوقت لتتوحد غرباً وشرقاً وكم من المليارات الدولارية تحتاج للبناء والتنمية واستعادة قوة اقتصاد الدولة.
السؤال المهم.. ماذا عن قيمة الخسائر التى تكبدتها أوكرانيا، ومن المتسبب فى حدوث هذا الدمار، وما هى حيثيات قرار الصراع والحرب مع روسيا، وما هى تكلفة إعادة الإعمار فى أوكرانيا، وما هو مصير مئات المليارات من الدولارات التى قدمت لكييف خلال الحرب مع موسكو، هل ستعود لأصحابها، مثلما طالب الرئيس الأمريكى ترامب فى استعادة 350 مليار دولار دعمت بها واشنطن أوكرانيا خلال إدارة الرئيس السابق چو بايدن، بل وقرر ترامب أن يتقاسم المعادن النادرة الأوكرانية تعويضاً للولايات المتحدة الأمريكية، فهل سيتعامل الأوروبيون مع أوكرانيا بنفس الطريق، ومن المسئول عن كل ما حدث ويتحمل تداعيات وتكلفة الخراب والدمار فى أوكرانيا.
الحقيقة أن هناك عوائد وثروات وثمار وحصاد الاستقرار، والحكمة والقرارات المدروسة التى تتخذ على أسس علمية، وحسابات وتقديرات دقيقة، هذه العوائد لا تقدر بمال أو كنوز لأن الحفاظ على الاستقرار أهم من الاستقرار، والحفاظ على التماسك والابتعاد عن المغامرات هى قيمة مضافة، فالاستقرار يعنى الحفاظ على ثروات ومقدرات وموارد الدولة، وعدم إهدار الوقت والعوائد فى صراعات، وانقسامات وفتن، وفوضى، وهذا الوقت الذى يتجلى فيه الاستقرار والتماسك والوعى، يستثمر فى البناء والتنمية، والإضافة على ما هو موجود وتم الحفاظ عليه.. والحقيقة أن تجربة «مصر – السيسى» هى النموذج والمثل و«الكتالوج»، فنجاة مصر من المخطط الشيطانى بعد عبورها مؤامرة الربيع العربى وأيضاً بعد ثورة 30 يونيو العظيمة التى عزلت نظام الإخوان الفاشى العميل، والقضاء على الإرهاب، انطلقت نحو معجزة بناء وتنمية وتقدم غير مسبوق، بناء دولة حديثة قوية وقادرة تمتلك مقومات النمو والتقدم، فى إقامة بنية تحتية عصرية هى أساس التقدم والنهوض وجذب الاستثمارات الضخمة، وتحقيق تقدم غير مسبوق فى كافة المجالات.. وهى نتاج وحصاد الرؤية والإرادة التى تبناها الرئيس عبدالفتاح السيسى، والذى حرص على حشد شعبه عليها، وحقق إنجازات غير مسبوقة وغير وجه الحياة على أرض مصر، وبنى المستقبل الواعد وضاعف قدرات الدولة المصرية وأصولها، وأضاف على ما هو موجود أضعافاً وأضعاف، وحافظ على مقدرات الدولة، لذلك فإن حصاد الاستقرار والاصطفاف والوعى الحقيقى لا يعد ولا يحصى، ولولا ذلك ما كانت مصر تقف على أرض صلبة، ورغم شدة تداعيات الأزمات الإقليمية والعالمية إلا أن «مصر – السيسى» فازت وكسبت ما أنجزته خلال السنوات السابقة ولولا ما تحقق ما صمدت مصر فى وجه الأزمات والتحديات والتهديدات، لذلك فإن الشعوب يمكن أن تهدم وتدمر إذا غاب الوعى والاصطفاف وتحقق المعجزات، إذا كانت على قلب رجل واحد فى تماسك واصطفاف والتفاف خلف القيادة السياسية وهو ما حدث فى مصر وسبب معجزتها التنموية.