لماذا تبدو الإدارات الأمريكية المتتالية فى حالة انبطاح لدولة الاحتلال الإسرائيلي.. لا ترى منها إلا التأييد والدعم المطلق ولا تراجع أى قرارات أو سياسات أو إجرام صهيونى بل الانحياز الأعمى حتى ظن البعض أن القرار الأمريكى يصدر ويخرج من تل أبيب وليس العكس.. خاصة ان السياسات الأمريكية تجاه إسرائيل لا عقل فيها ولا منطق.. وآخر هذه السلوكيات هو إعلان البيت الأبيض تأييده قرار إسرائيل بتأجيل تسليم المعتقلين الفل`سطينيين وعددهم 606 معتقلين فلسطينيين فى سجون الكيان الصهيونى بذريعة ان المشاهد والإجراءات التى بدت عليها حركة حماس فى نظر إسرائيل لأمريكا مهينة وفيها إذلال.. وبالتالى ارتفعت مؤشرات التشاؤم فى استمرار أو مواصلة الاتفاق بوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والرهائن وإدخال المساعدات الإنسانية وتنفيذ باقى المراحل.. لكن من الواضح وهذا لا يخفى على أحد ان نوايا حكومة المتطرفين بقيادة بنيامين نتنياهو ورفيقه وزير المالية سيموتريش يريدون العودة إلى استئناف عمل آلة القتل والإبادة فى ظل التأييد الأمريكى والوعيد والتهديد بالجحيم.
بطبيعة الحال فرصة نتنياهو للنجاة من مقصلة الفشل وغض الطرف وإلهاء شعب دولة الاحتلال عن جرائم الفساد ليس لنتنياهو فحسب بل أسرته أيضاً لكن ثمة ضغوط كثيرة أجبرته على قبول وقف إطلاق النار أبرزها ملف الأسرى والرهائن لدى حماس لكننى أتوقع ان يعود نتنياهو لإجرامه فى غزة خاصة بعد فشل مخطط تهجير الفلسطينيين من القطاع وبالتالى يحاول إفشال خطة إعادة الإعمار دون حاجة إلى تهجير الفلسطينيين وسوف يماطل ويتذرع بقوة ووجود حماس وان هدفه القضاء عليها لم يتحقق بعد.. ومن الواضح أننا أمام »لعبة القط والفأر« بين إسرائيل وحماس أو منح الذرائع والمبررات على طبق من ذهب وحكومة المتطرفين الصهاينة لتمارس الإجرام وتزعم انها تمارس حق الدفاع عن النفس.. لذلك نستدعى ذاكرة أكثر من 500 يوم على بدء العدوان الصهيونى على قطاع غزة.. حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية شنت هجوماً مباغتاً على غلاف غزة وإسرائيل تغط فى سبات عميق.. ربما اعترافات بعض العناصر والأجهزة الأمنية أو المجندات الإسرائيليات فى حديثهم مع هرتس هاليفى رئيس الأركان السابق أن كبار المسئولين ورؤساء الأجهزة الأمنية كانوا يعلمون نوايا حماس لشن هجوم وان تحركات قتالية وتدريبية على الحدود كانت تشير إلى هجوم »طوفان الأقصي«.. نشطت الآلة الدبلوماسية والإعلامية والعسكرية للترويج فى العالم ان عدوانها على قطاع غزة هو دفاع عن النفس وحق مشروع رداً على هجوم حماس وباقى الفصائل الفلسطينية وأن هدفها الرئيسى والأساسى هو القضاء على حماس وضمان عدم وجودها فى القطاع.. لعدم تكرار ما حدث.. هذا المنطق الفساد كلف الشعب الفلسطينى ما يقرب من 50 ألف شهيد و110 آلاف جريح ومصاب وآلاف المفقودين وتحويل قطاع غزة إلى ركام وحطام ومسرح لمأساة إنسانية ومنح إسرائيل الفرصة لتعيث فى المنطقة فساداً.. تتوغل وتحتل أراضى فى لبنان وسوريا وتقتل رموز القيادات الفلسطينية واللبنانية فى حزب الله وتسيطر على أراض فى الجنوب اللبنانى والسورى ترفض الخروج منها.. وتعلن وبمباركة ودعم أمريكى ان قواعدها فى هذه المناطق غير محددة الفترة.
مشاهد استعراض القوة والعرض العسكرى والسيارات ومنصات وشهادات تسليم الرهائن وسعادة الأسرى الإسرائيليين وتلويحهم للجماهير الغزاوية من الحضور وتقبيل رءوس عناصر حركة حماس.. كل هذه المشاهد طرحت الكثير من التساؤلات.. ماذا تريد حماس رغم ان الإسرائيليين وبطبيعة الحال الأمريكان يرفضون وجود الحركة المسلحة فى قطاع غزة ويريدون القضاء عليها وألا تكون طرفا فى الحاضر والمستقبل فى معادلة إدارة وحكم قطاع غزة؟.. اذن ما الموقف وهل كان من الأفضل ان تجرى مراسم تبادل وتسليم الأسرى والرهائن بشكل بسيط وعادى دون مظاهر استعراض أو عدم محاولات استفزاز الكيان والأمريكان حتى تمضى الأمور دون ذرائع وردات فعل تحقق أهداف المتطرفين الصهاينة أم أنها كانت ضرورية ولازمة لفضح الفشل الإسرائيلى وعدم تحقيقه أى أهداف.. وان وعوده بالقضاء على المقاومة »فشنك« ذهبت أدراج الرياح فها هى عناصر وقوات حماس وباقى الفصائل فى كامل العدة والعتاد وتستعرض القوة وتتصرف بثقة وتتحرك وكأنها دولة وجيش محترف.. وتحت شعار »ان عدتم عدنا« وهو ما يؤدى إلى احراج نتنياهو الذى تمادى فى الثقة والتصريحات العنترية أمام شعبه ووعوده بالقضاء نهائيا على حماس.. وإذا بحماس تظهر وكأنها لم تمسسها نيران 100 ألف طن قنابل ومتفجرات.. ناهيك عن المدفعية ونيران ودانات الدبابات والأسلحة المحظورة والأسلحة الأمريكية الفتاكة.. كل ذلك لم يقض على حماس.. اذن ما شكل نتنياهو أمام شعبه وهم يرون حماس بهذه القوة والثقة والتحدى بعد 15 شهراً من التدمير والوعود الكاذبة والخسائر الفادحة خاصة فى الأرواح وسؤالهم إلى نتنياهو ماذا فعلت فى أبنائنا؟.. لماذا قتلتهم؟.. أين وعودكم؟.. لذلك فإن مجرد انتهاء العدوان بالكامل وفشل المخطط.. فإن نيران الغضب وجحيم الحساب سوف يستهدف نتنياهو وحكومته.. والغريب ان مستقبل »نتنياهو« مرتبط بالقتل والاجرام والإبادة.
الاجابة عن هذه التساؤلات تحتاج إلى خبراء ومفكرين فى مجال الدبلوماسية والعسكرية والإستراتيجية والعلوم النفسية فى ظل تباين التفسيرات والتحليلات لتوضيح حيثيات سلوك حماس وفى استعراض القوة وهل هى فى صالح الفلسطينيين أم ضدهم هل يمنح الكيان الصهيونى مبررات أخرى وذرائع هل كان من الأفضل تفويت الفرصة على الكيان الصهيونى وعدم الاستفزاز أم أنها رسالة ردع وتخويف لإسرائيل المنهكة والمستنزفة؟.. أم أننا أمام مجرمين جدد وزير دفاع ورئيس أركان وقيادات عسكرية يقولون فى إسرائيل انهم يتسقون ويتناسبون مع الفكر الهجومى الصهيونى فى المرحلة القادمة.
السؤال المهم هل تقوى حماس على الصمود فى مواجهة الكيان الصهيونى رغم الحرب الطويلة التى خاضتها ضد جيش الاحتلال؟.. ما حسابات ورهانات المقاومة؟.. وما مصدر ثقتها؟.. وهل التهديد والوعيد الإسرائيلى بالعودة إلى العدوان والإبادة يمكن أن يحدث أم أنه مجرد »طق حنك« ما ذرائع إسرائيل وأكاذيبها ومحاولاتها لعرقلة إعادة إعمار غزة دون الحاجة لتهجير الفلسطينيين؟.. ماذا يدور فى الغرف المغلقة والمظلمة بين الأمريكان والكيان بعد صفقة الرفض المصرى والعربى والإقليمى والدولى والفلسطينى بل والأمريكى لمخطط التهجير.