بداية لا يمكن أن يكون هناك نوع من الشماتة فى كارثة طبيعية أتت على مدينة أو منطقة وخلفت وراءها خسائر وكوارث غير محتملة أو متوقعة خاصة فى دولة بحجم أمريكا التى تملك كافة المقومات والإمكانات المادية والبشرية والتكنولوجية والعسكرية أيضا للتعامل مع أى كارثة.. لكن ما حدث هو فى الحقيقة أشبه بأمر من الخوارق التى لا يتخيلها بشر ولا يتصورها عقل آدمي.
لفت نظرى فى حرائق لوس أنجلوس أولا ضخامتها بشكل لا يتصوره أحد مع انتشار سريع للنيران وانفجارات فى محطات للطاقة واحتراق كامل للمنازل وبشكل لم يترك فرصة لأى تدخل بشري.. والكارثة أن رجال الإطفاء عندما هرعوا لإنقاذ مايمكن إنقاذه فوجئوا بكارثة كبرى هى أن كل مصادر الماء خاوية من الماء ولايوجد بها أى مياه.. وكأن هذا المشهد فى دولة من دول العالم الثالث وليس فى ماما أمريكا. حتى أن السكان فى بعض المناطق المنكوبة اضطروا لاستخدام مياه من البرك وخراطيم الحدائق فى محاولة إخماد النيران وهو ما دفع دونالد ترامب لتوجيه اللوم لحاكم كاليفورنيا جافين نيوسوم واتهمه بحرمان المنطقة من المياه الضرورية لمكافحة الحرائق.
المشهد الثانى الذى اقترن مباشرة بمشهد النيران وألسنة اللهب المتطاير والمنتشر بسرعة رهيبة ليحرق كل ما يقابله فى طريقه من منازل ومحطات وقود وشركات.. مع هروب السكان بشكل هستيرى من حجيم النيران.. كان هذا المشهد الذى ظهر أمام الجميع فى حالة مقارنة رهيبة هو مشهد الدمار الحال فى غزة ومشاهد فرار السكان العزل من القصف الوحشى الإسرائيلى المدعوم بكل أساسى من ماما أمريكا ومن الغرب الأوربي.. المقارنة التى عقدها البعض بين مشاهد القتل والتدمير فى غزة ومشاهد النيران وهى تلتهم الأخضر واليابس فى أمريكا هى فى الحقيقة تعبير عن غضب دفين وصل بالبعض إلى الشماتة الصريحة على صفحات التواصل الاجتماعى فيما حدث لماما أمريكا من انهيار مفاجئ تسبب فى حرائق غير مسبوقة بأقوى دولة فى العالم.. حتى وصلت الخسائر حتى كتابة هذه السطور إلى ما يزيد عن 200 مليار دولار تزداد مع كل ساعة تمر.
وحتى الآن مازالت التصريحات تتوالى وتتعدد عن أسباب الحرائق غير المسبوقة بداية من الرياح الشديدة أو انتشار النباتات التى ساعدت على سرعة انتشار النيران مع قابلية الاشتعال وما إلى ذلك من مبررات تنتهى فى النهاية إلى حقيقة واحدة هى أن الدولة الأقوى فى العالم وقفت عاجزة عن السيطرة على حريق شب فى مكان وانتشر بفعل الرياح أو الأمطار أو أى سبب آخر.
الخلاصة أن الأمر فى النهاية هو كارثة لا يمكن أن يشمت فيها بشر خاصة مع وجود ضحايا وخسائر بالمليارات لم تتحدد نهائيا حتى الآن.. ولكن كما قلنا فالبعض بل الكثيرون لم يتمكنوا من إخفاء شماتتهم فى الدولة الأكثر دعما للكيان الصهيونى واعتبرها الكثيرون انتقاما إلهيا لعمليات الإبادة غير المسبوقة فى غزة خاصة مع تصريحات ترامب المستفزة وتهديده بتحويل المنطقة العربية إلى جحيم غير مسبوق فى حالة عدم الإفراج عن الرهائن عند توليه المسئولية رسميًا.. وهو التصريح الذى استفز الكثيرين ودفعهم للرد بشكل عنيف على ترامب واعتبار ما حدث انتقاما إلهيا وتحذيرا من الاستمرار فى إبادة أهالى غزة.
وبعيدا عن تصريحات ترامب المستفزة.. فالحقيقة التى لاينكرها أحد أن فى السماء إلها لا يترك حقا لضعيف ولا ثأرا لمظلوم أو ضعيف.. ولكنها فى النهاية كارثة حلت بالشعب الأمريكى الذى يرفض كثيرون منه الممارسات الأمريكية الداعمة للكيان الصهيوني.. ولكنها فى النهاية عدالة السماء التى لايمكن لبشر أن يرفضها أو يعارضها.