باق يوم واحد وتبدأ أعمال الحج الأساسية.. فيوم الأربعاء الثامن من ذى الحجة يكون يوم التروية الذى يغادر فيه بعض الحجيج مكة إلى منى ليبيتوا فيها ليلة قبل التوجه إلى عرفة يوم الخميس.. أما باقى الحجيج أو غالبيتهم العظمى فيبدأون فى يوم الأربعاء فى الرحيل من مكة إلى عرفة لبدء منسك الحج الأعظم.. وهو الوقوف بعرفة.. «والحج عرفة».. أى أن من يفوته عرفة فقد فاته الحج.. ومن استطاع أن يشهد أى جزء من يوم عرفة قبل غروب الشمس فقد تحقق له الوقوف بعرفة..
وقلة من الحجيج هم الذين يستطيعون الآن التوجه إلى منى فى يوم التروية وهو يوم الثامن من ذى الحجة.. فلم تعد الامكانات تساعد على اقامة معسكرات فى منى ليلة واحدة.. ثم التوجه بعدها فى اليوم التالى الى عرفة.. ولذلك أصبح معظم الحجيج يتوجهون مباشرة الى عرفة اما مساء يوم الثامن من ذى الحجة أو بعد فجر يوم التاسع من ذى الحجة.. ليشاركوا فى مشهد عظيم.. من زحف ملايين الحجيج فى وقت واحد من مكة إلى عرفة.. أو من منى الى عرفة لمن استطاع أن يبيت فى منى يوم الثامن من ذى الحجة..
ويشهد يوم التاسع من ذى الحجة مع زحف الأتوبيسات المقلة للحجاج مئات الألوف الذين يفضلون التوجه من مكة الى عرفة سيرا على الأقدام طمعا فى ثواب أكبر.. وهو مشهد لاينسى من مشاهد رحلة الحج.. حيث تتحول الصحراء الى اللون الأبيض الذى يمثل مئات الألوف من الحجاج يسيرون حاملين المظلات فوق رؤوسهم لتقيهم حرارة الشمس وتعينهم على استكمال المسيرة حتى وصولهم الى عرفة لينضموا الى معسكراتهم التى ارتبطوا بها.. أو التوجه الى جبل الرحمة الذى يختفى تحته عشرات الألوف من الحجيج الذين يصعدون إليه.. فيتحول الى كتلة من اللون الأبيض.. لون رداء الاحرام الذى يرتديه الحجاج الذين فضلوا الوقوف على عرفة بالصعود الى جبل الرحمة.. وهذا ليس شرطا من شروط الحج.. ولكن الوقوف بأى موقع من عرفة يتحقق به الوقوف بعرفة.. فعرفة كلها موقف كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم..
وفى هذه الأيام المباركة التى أقسم بها الله سبحانه وتعالى : « والفجر وليال عشر «..
نتطلع الى الله سبحانه وتعالى سائلينه أن يحفظ مصر وأهلها وقيادتها.. وأن يحفظ لها أمتها وسلمها وأمانها.. وأن يوفق قيادتها الى قيادة مسيرة هذا الوطن.. بين الأنواء التى نعيش حولها.. أو تتدافع نحونا..
ولعلنا ونحن نقترب من ختام موسم الحج.. ونستعد بعدها لعودة الحجاج ابتداء من اليوم الثانى من أيام الحج.. أى فى اليوم الثانى من أيام عيد الأضحى المبارك.. وتتوزع عودتهم على عدة أسابيع.. لعلنا نضع أمامنا حصاد موسم الحج بما تحقق فيه من نجاح.. وما شهده من انتقادات او اخفاقات فى الأداء.. أو فى ارتفاع الأسعار.. لعلنا نجد فى الموسم القادم أفكارا لتخفيض التكلفة.. تيسيرا على غير المقتدرين.. واتاحة الفرصة لكثيرين من الذين يتمنون الحج.. وأصبحوا لا يقدرون على تكلفته.. ولعل واحدة من أفكار عديدة فى هذا الشأن العودة الى استخدام البواخر فى سفر الحجاج بما يوفر للحجاج جانبا هاما من التكلفة.. خاصة وانه على الرغم من زيادة اعداد شركات الطيران المصرية والسعودية التى تنقل حركة الركاب المباشرة بين البلدين.. وايضا شركات الطيران التى تنقل الحركة من خلال التوقف فى مطاراتها.. الا أن الشكوى من ارتفاع تذاكر الطيران مستمرة عاما بعد عام.. هذا فضلا عن أرتفاع أسعار برامج الحج المختلفة بكل درجاتها.. وأصبح الحج حقا «لمن استطاع اليه سبيلا».. للارتفاع المستمر سنويا فى تكاليف هذه الرحلة المباركة..
وأذا انتقلنا الى الجانب السعودى فيجب ان نشكر كل القائمين على تنظيم الحج.. وهو التنظيم الذى يتطور سنويا ويتلافى سلبيات العام السابق.. وايضا يجب ان نشيد بقرار منع دخول مكة الا لمن يحمل تأشيرة حج.. حتى لا يدخل مكة اعداد كبيرة من المواطنين أو المقيمين او من يحملون تأشيرة زيارة.. يزاحمون الحجاج فى مختلف مراحل اداء المناسك.. حيث تسعى المملكة الى تيسير كل الخدمات لضيوف الرحمن.. والاسبوع القادم إن شاء الله يبدأ الحجيج فى مغادرة مكة بعد الوقوف بعرفة واداء مناسكهم.. منهم من يتوجه الى المدينة المنورة لزيارة الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام.. ومنهم من يعود الى بلاده ان كان زار الرسول الكريم قبل الوقوف بعرفة.. تقبل الله من جميع الحجاج وغفر لهم ذنوبهم.. وتحيا مصر.