انتهاء أزمة الدولار وتدفق الاستثمارات الأجنبية على مصر.. أشاع حالة من التفاؤل ليس فقط بين الاقتصاديين والعاملين فى السوق ، وإنما أيضا عند رجل الشارع الذى أصبح يشعر بمدى الجهد الذى تبذله الدولة ورئيسها من أجله ومن أجل بناء دولة قوية حديثة تليق بالمصريين .
لقد استطاعت تدفقات النقد الاجنبى التى دخلت البنك المركزى خلال الفترة الماضية.. سواء من صفقة رأس الحكمة او الاتفاق مع صندوق النقد الدولي.. أن تخرج بالاقتصاد من عنق الزجاجة وأن تعبر بالدولة من أزمتها المالية التى نتجت بسبب الأزمات الإقليمية والصراعات الدولية .
هذه التدفقات أدت إلى تراجع سعر الدولار أمام الجنيه.. وأن توفر النقد اللازم لاستيراد السلع الأساسية من الخارج.. وإعادة أسعار السلع فى السوق المحلى إلى مسارها الطبيعى والسيطرة على الزيادة الكبيرة فى معدلات التضخم . لكن يجب ألا تنسينا فرحة هذا الاستقرار.. ضرورة الاستمرار فى مسيرة الإصلاح.. وتنفيذ البرامج والسياسات التى تم التوافق بشأنها داخل جلسات الحوار الوطني.. وضرورة علاج التشوهات وأوجه القصور التى أدت الى ظهور الأزمة الاقتصادية بمثل هذه الحدة وتمنع تكرارها مرة أخرى .
ويجب أن يتم اتباع سياسات وإجراءات مشجعة ومحفزة لزيادة الاستثمارات فى القطاعات الإنتاجية ، وعلى رأسها الصناعة والزراعة والاتصالات وإزالة كل المعوقات والبيروقراطية التى تحول دون انطلاق هذه القطاعات خلال الفترة القادمة .
وأعتقد أن ماحدث خلال الفترةالماضية يؤكد أن الدولة تسير فى هذا الاتجاه الصحيح ، وأن هناك سياسة مختلفة بدأ تطبيقها بالفعل لتشجيع هذه القطاعات الرئيسية التى يمكن أن تقود الاقتصاد إلى نمو حقيقى ومستدام .
فالأسبوع الماضى كان الرئيس عبد الفتاح السيسى حريصا على زيارة ومتابعة المرحلة الأولى من مشروع مستقبل مصر للزراعة المستدامة الذى يستهدف زراعة 2.2 مليون فدان ، بالإضافة الى متابعة الرئيس المستمرة لمشروع توشكى وزراعة 900 ألف فدان جديدة والرئيس يؤمن بأن الزراعة هى المستقبل الآمن لمصر ، وأنها الطريق الوحيد لتوفير الغذاء لأكثر من 102 مليون مصرى ونحو9 ملايين لاجئ أو ضيف يعيشون على أرضها . وأنها الحصن الحصين لحياة هذا العدد الكبير من تقلبات الأسعار العالمية للمحاصيل الزراعية. ولذلك فهو يتابع بنفسه ويشرف على كل التفاصيل اللازمة لنجاح هذا المشروع العملاق وغيره من المشاريع الزراعية التى تكفى لتحقيق الاكتفاء الذاتى لمصر من المحاصيل الرئيسية .
وخلال الأسابيع القليلة الماضية حرص الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء على زيارة عدد من مصانع القطاع الخاص فى كل من العبور والعاشر من رمضان والسادس من أكتوبر ودمياط وبورسعيد وأخيرا زار السبت الماضى مصانع مدينة بنى سويف .
وخلال كل هذه الزيارات ، سواء التى يقوم بها رئيس الدولة أورئيس الحكومة ، كان هناك رسائل واضحة تؤكد أن الدولة تعطى كل الأولوية لقطاعى الزراعة والصناعة باعتبارهما الأساس المتين والدائم لبناء اقتصاد قوى لدولة قوية ، وهما البوابة الرئيسية لتوفير فرص العمل لشباب الخريجين ، كما كان هناك تأكيد على أن الدولة جاهزة لتقديم كل الدعم للقطاع الخاص ليقود الاقتصاد وليقتصر دور الدولة – كما ينادى خبراء الاقتصاد – على أنها مجرد منظم للسوق وحكم بين الأطراف وهى الملاذ الآمن والسند القوى للمواطن محدود الدخل فى مواجهة أى محاولات للاحتكار والسيطرة على الأسواق .