مع اقتراب موعد افتتاح المتحف المصرى الكبير، الذى يُنتظر أن يكون من أهم متاحف العالم فى منطقة تضم أعظم عجائب الدنيا السبع، تسعى القيادة السياسية فى مصر بجدية إلى تحسين وتطوير المنطقة الأثرية بالأهرامات لتليق باسم مصر العريق. إن جهود وزيرة التنمية المحلية النشيطة، منال عوض، ومحافظ الجيزة المهندس عادل النجار، تمثل خطوات مهمة نحو تحقيق هذا الهدف الكبير. ولكن، لتحقيق الأثر المنشود، وحتى تكتمل الصورة من الضرورى أن تمتد جهود التطوير لتشمل جميع الجوانب، بما فى ذلك الشوارع الجانبية المؤدية إلى المنطقة الأثرية.
فى هذا السياق، يظهر أهمية تحسين جميع المرافق المحيطة بالموقع الأثري، وليس الاكتفاء بتجميل الشوارع الرئيسية والمحاور الكبري. السياح الأجانب يفضلون التجول فى المناطق المحيطة لمعرفة المزيد عن حياة السكان، والتسوق من المحال التجارية، والجلوس على المقاهي، وتناول الطعام المصرى فى المطاعم المنتشرة بالمنطقة. لذا، فإن العناية بكل تفاصيل هذه المناطق تعد أمراً هاما.
أحد الأمثلة البارزة على الحاجة الملحة للتطوير هو شارع السمان، الممتد من شارع الأهرام بعد قسم شرطة الأهرام، والذى يصل إلى ميدان أبو الهول. هذا الشارع يُعتبر من أهم الشوارع التى يرتادها السياح الأجانب بشكل يومي، حيث يستأجرون شققاً هناك للاستمتاع بمشاهدة الأهرامات. ومع ذلك، فإن الشارع يعانى من مشكلات كبيرة تتعلق بالنظافة، حيث تنتشر القمامة على جانبيه بمجرد دخولك له من شارع الاهرام، وعدم تسوية الطرق، مما يسيء إلى صورة مصر، وهو ما لا يليق بعظمة هذه الحضارة.
كما أن الشارع شهد تدهوراً ملحوظاً بعد إزالة بعض العقارات المتهالكة من قبل حى الهرم، دون إزالة مخلفات الهدم أو اتخاذ إجراءات لحماية المنطقة، مما أدى إلى تحولها إلى ملاذ للحيوانات والمجرمين. إلى جانب ذلك، يتعرض السياح للمضايقة من قبل بعض «الخيالة» الذين يفرضون عليهم مبالغ كبيرة لاستئجار الخيل بل ويعاملون الأجانب بشكل غير لائق.
لذا، من الضرورى أن يكون التطوير شاملاً لكل المنطقة وليس مقتصراً على تحسين المنظر الخارجى فقط. يجب أن تشمل جهود التطوير تحسين البنية التحتية، وتنظيم الشوارع، وتنظيف المناطق المحيطة، وكذلك تعزيز الأمن لضمان سلامة السياح والمواطنين. يجب أن تكون هذه الجهود مستدامة، مع متابعة دورية لضمان استمرارية التحسينات.
أقترح على محافظ الجيزة المهندس عادل النجار أن يتولى بنفسه متابعة هذه القضايا، وألا يقتصر على تقارير رؤساء الأحياء والمساعدين. إن تصحيح هذه السلبيات ليس مجرد مهمة إدارية، بل هو جزء من مسئولية وطنية تهدف إلى تحسين صورة مصر أمام العالم. إن الصورة التى تقدمها المناطق المحيطة بالمواقع الأثرية يمكن أن تؤثر بشكل كبير على انطباعات السياح والمستثمرين، وقد تؤدى إلى تحقيق أو تدمير جهود الترويج للسياحة المصرية، خاصة ان هناك من الأجانب من يقوم بتصوير هذه المشاهد وبثها على وسائل التواصل.
هذه السطور ليست نقداً، بل هى دعوة للتعاون والعمل الجماعى بين جميع الأطراف المعنية بمن فيهم سكان المنطقة لتحسين الصورة العامة للمنطقة الأثرية بالأهرامات. من خلال معالجة هذه المشكلات وتطوير المناطق المحيطة بشكل شامل، يمكن لمصر أن تعزز من مكانتها كوجهة سياحية عالمية، وتُظهر للعالم الوجه الحقيقى للحضارة المصرية العظيمة.