دبلوماسيون:
مصر تلعب الدور الأساسى.. وتحركاتها كانت الطريق إلى «بيان الانقاذ»
العرابى: البيان المشترك من شأنه تخفيض التوتر بالمنطقة.. والوصول لوقف إطلاق النار فى غزة
الحفنى: «القاهرة» لن تتخلى عن مساعيها.. مهما كانت التعقيدات
حجازى: محادثات الهدنة «الإجابة الصحيحة ».. والاغتيالات والعنف والقتل كلها «إجابات خاطئة»
«حان الوقت» كلمتان تلخصان «البيان الثلاثى» لقادة مصر وأمريكا وقطر، من أجل وقف الحرب وإنهاء معاناة شعب غزة، وعائلات المحتجزين، بل وإنهاء الخطر الذى يهدد المنطقة كلها.
البيان الذى وقعه الرئيس عبدالفتاح السيسى وجو بايدن والأمير تميم أكد الرغبة المؤكدة لدى القادة الثلاثة فى إنجاز اتفاق ينهى الأزمة واستعدادهم إذا اقتضت الضرورة لطرح مقترح نهائى للتغلب على الثغرات، ودعوة الجانبين إلى استئناف المناقشات العاجلة الأربعاء أو الخميس القادمين فى القاهرة أو الدوحة.
البيان يمكن اعتباره الخطوة الأهم خلال الفترة الأخيرة لمحاولة التوصل إلى حل، ولهذا جاء الإعلان السريع عواصم العالم بدعمه والترحيب به وأكد «بوريل» رئيس الاتحاد الأوروبى بالانضمام إلى البيان، وأعلنت إسرائيل أنها سترسل وفدها إلى العاصمة التى سيتم تحديدها لبدء المناقشات وكذلك حماس، والأهم أن كل القوى الفاعلة تراهن الآن على نجاح الدعوة هذه المرة، لكن السؤال هل ستقبل إسرائيل التجاوب مع الدعوة فعلياً، وتساعد على إنجاز الاتفاق أم أنها ستلجأ مثل كل مرة إلى المراوغات واستخدام هذه الدعوة لكسب مزيد من الوقت لتستمر حربها.
الواقع على الأرض يؤكد الآن أن النية والرغبة الأكيدة واضحة عند مصر الساعية بكل السبل لوقف الحرب وإنهاء معاناة الشعب الفلسطينى، وأمريكا التى تسارع وتسابق الزمن الآن لتحقيق إنجاز فى هذا اللقاء، وقطر التى تشارك فى كل مبادرات وقف الحرب.
الواقع أيضاً يؤكد تجاوب كثير من الدول والقوى المؤثرة مع الدعوة وهو ما ظهر فى تأكيدات عدد كبير من العواصم.
لكن فى المقابل يؤكد الواقع على الأرض أن إسرائيل مازالت تمارس نفس النهج التصعيدى الذى لا يتوافق ولا يتماشى أبداً مع إعلانها التجاوب مع الدعوة، وهو ما ظهر فى عدة مؤشرات.
أولها.. ما كشفته وسائل إعلام عبرية من أن أغلبية حكومة نتنياهو نفسها تؤيد مواصلة الحرب وترفض التجاوب مع دعوة القادة الثلاثة، وما يؤكد هذا ما أعلنه وزير المالية المتطرف سيموتيرتش من مطالبته لنتنياهو بعدم التجاوب مع بيان الوسطاء، بل لم يكتف بذلك بل أعاد التأكيد على تصريحاته المتطرفة الوحشية بأن تجويع الفلسطينيين أمر أخلاقي.
ثانيها.. أن جيش الاحتلال لم يتوقف عن جرائمه، بل أعلن أمس عن بدء عملية هجومية فى خان يونس دون اعتبار لدعوة وقف الحرب، كما واصل أعماله الإجرامية فى غزة بشكل عام، وكذلك استهداف جنوب لبنان.
ثالثها.. فى الوقت الذى تعلن فيه تل أبيب أنها سوف تشارك فى المناقشات تواصل سياستها فى تجويع الفلسطينيين من خلال إصرارها على إغلاق معبر كرم أبوسالم ومنع دخول المساعدات الغذائية والدوائية كما لم تتراجع التصريحات الإسرائيلية عن مواصلة عملياتها العسكرية بدعوى القضاء على حماس وبسبب هذه العمليات زادت وتيرة الاشتباكات مع الفصائل فى رفح الفلسطينية
رابعها.. أنه خلال الشهور العشر الماضية ورغم جدية مبادرات وقف إطلاق النار التى أطلقها الوسطاء، مصر وقطر وأمريكا، احترفت تل أبيب سياسة إفشالها فى الأمتار الأخيرة، مرات بوضع شروط جديدة غير منطقية، ومرات بتنفيذ عمليات إجرامية ومجازر جديدة لإفساد المفاوضات.
خامسها.. أن الجميع يعلم أن الولايات المتحدة هى القادرة، إذا حسمت أمرها، على إجبار تل أبيب على التجاوب ووقف الحرب، سواء بدفعها إلى التوقف عن عملياتها، أو الإعلان الصريح قولاً وفعلاً بعدم دعمها، لكن حتى الآن لم يحدث هذا، بل على العكس تتواصل التأكيدات الأمريكية على دعم أمن إسرائيل، بل وحركت واشنطن بوارجها من أجل هذا الهدف والتصدى لأى رد فعل من إيران على اغتيال إسماعيل هنية وأعلن الجيش الأمريكى وصول طائرات الشبح «F22 » إلى المنطقة.
الدعوة الثلاثية، هى تجسيد لرؤية مصر لإقرار السلام وتحقيق الاستقرار فى المنطقة والابتعاد عن شبح الحرب الإقليمية خطيرة العواقب، وانقاذ الأبرياء، وهذا ما نادت به وعملت عليه مصر طوال الشهور الماضية، لكن لم تجد دعماً حقيقياً وجاداً من المجتمع الدولى.. والأمل أن تكون الدعوة الثلاثية فرصة جديدة لتحرك دولى أكثر فعالية ورصداً جاداً وواقعياً للمتسبب الحقيقى فى تعطيل أى محاولات لوقف الحرب ومعاقبته، لأنه بالفعل حان الوقت لإنهاء هذا السيناريو الكارثى الذى يقود المنطقة بالكامل إلى الدمار.
الدبلوماسيون أكدوا أن البيان المشترك جاء فى الوقت المناسب فى ظل توتر فى الإقليم والمنطقة لم تشهده من قبل مشيدين بالموقف المصرى المسئول والهام الذى قامت به والذى يتسم بالرشادة والتى توظف فيه إمكانياتها وقدراتها فى مجال الاقناع للاخرين وخاصة الإدارة الأمريكية وقطر بضرورة عدم ترك الأمور على ما هى عليه وصدور مثل هذا البيان وتوجيه رسالة للطرفين الفلسطينى والإسرائيلي.
قال محمد العرابى وزير الخارجية الأسبق ورئيس المجلس المصرى للشئون الخارجية ان البيان المشترك المصرى الأمريكى القطرى جاء فى توقيت حاسم فى ظل توتر فى الإقليم غير مسبوق نظراً لتوسيع نطاق الصراع وهذا البيان المشترك من شأنه تخفيض حدة التوتر وفى نفس الوقت محاولة الوصول إلى وقف اطلاق النار فى غزة لرفع المعاناة عن الشعب الفلسطينى مؤكداً أن استمرار الحرب فى غزة هو السبب فى كل هذا التصعيد.
شدد العرابى ان هذين الهدفين ضروريان ولا يحتملان التاجيل أو التأخير وبالتالى فان صدور البيان المشترك جاء فى وقت مناسب.
أكد أن الرئيس عبدالفتاح السيسى قام باتصالات عديدة ومكثفة خلال الفترة الماضية كما أجرى أيضاً وزير الخارجية الدكتور بدر عبدالعاطى العديد من الاتصالات وحتى قبل صدور هذا البيان المشترك وفى نفس الإطار لخفض التصعيد فى المنطقة وفى نفس الوقت وقف اطلاق النار فى غزة وجاء البيان تاييدا ودعما للموقف المصرى وكان هناك تلاق فى الرؤى بين الدول الثلاث مصر والولايات المتحدة وقطر التى قامت بالوساطة فى الفترة الأخيرة ولم تتخل عنها مشيراً إلى أنه تم الاسراع من وتيرة هذه العملية نتيجة احتمالات توسيع نطاق الحرب فى الإقليم والتى تتزايد كل ساعة وقد تؤدى إلى تصعيد غير مسبوق وخطير وسيؤثر على الأوضاع فى غزة.
ومن جانبه شدد السفير على الحفنى نائب وزير الخارجية الأسبق وأمين عام المجلس المصرى للشئون الخارجية على ان مصر منشغلة بشكل كبير جداً ببذل أكبر قدر من الجهد والاتصالات للتهدئة لأنه منذ اغتيال رئيس حركة حماس إسماعيل هنية فى طهران وحالة التوتر التى تعيشها المنطقة صعبة، ولهذا تتحرك مصر من خلال الاتصالات المكثفة التى قامت بها مع كافة الأطراف من أجل أن نسهم فى احتواء هذا التصعيد واقناع الأطراف المباشرة بضرورة مراجعة مواقفها وعدم المضى فى تهديداتها.
قال إن الاتصالات كانت تتم مع الجميع وبصفة خاصة فيما يتعلق بموضوع المفاوضات المستمرة منذ أشهر بسبب تعنت رئيس الوزراء الإسرائيلى ورفاقه فى مواقفهم والغاية فى التطرف والتى يعاقب عليها القانون الدولى وليس مستغربا ان المحكمة الجنائية الدولية تصدر أمراً بتوقيف رئيس الوزراء ووزير الدفاع فى إسرائيل.
أكد الحفنى ان مصر من خلال اتصالاتها مع الوسطاء من الولايات المتحدة الأمريكية وقطر اتفقوا فى الرؤى على ضرورة اصدار البيان المشترك والاصرار على عودة الأطراف الفلسطينيين وإسرائيل إلى المفاوضات بحيث إنها تكون جولة أخيرة مبنية على مبادرة الرئيس الأمريكى بايدن والقرار الصادر بهذا الخصوص من مجلس الأمن وان يتم بحث ما تبقى من تفاصيل مختلف عليها حتى نسارع لوقف اطلاق النار وبداية عملية الأفراج المحتجزين من الجانبين فلسطينى والإسرائيلى وأيضاً المساهمة فى الحد من عملية التوتر والتصعيد التى تشهدها المنطقة منذ فترة طويلة.
أشاد بالدور المصرى المسئول الذى قامت به والذى يتسم بالرشادة والتى توظف فيه إمكانياتها وقدراتها فى اقناع الآخرين خاصة الإدارة الأمريكية وقطر بضرورة عدم ترك الأمور على ما هى عليه وضرورة صدور مثل هذا البيان وتوجيه رسالة للطرفين الفلسطينى والإسرائيلى وأيضاً للأطراف الأخرى المعنية بحالة التوتر الإقليمى والذى يسهم فى الحد من التوتر والتصعيد ويعمل على تفويت الفرص على كل من يهمه ان يرى مثل هذا التصعيد والتداعيات الإقليمية التى يمكن للمنطقة ان تشهدها.
شدد على الدور المصرى المهم الذى قامت به بالتنسيق مع الولايات المتحدة وقطر والأطراف الدولية مؤكداً أن هذا يدل على موقفنا من اننا لا يمكن ان نتخلى عن مساعينا وسنظل نتابع هذه المساعى مهما كانت التعقيدات ومهما كانت مواقف الأطراف المتطرفة سواء رئيس الوزراء الإسرائيلى أو أعوانه من المتطرفين من أقصى اليمن المتشددين.
يرى أن ما يتبقى الآن أن يكون هناك استعداد من الجانبين خاصة الإسرائيلى لكى يسهما فى نجاح الجولة أو الجولات القادمة من المفاوضات لأن الواضح ان البيان المشترك المصرى الأمريكى القطرى يشير إلى ضرورة حسم هذا الموضوع خلال الجولة أو الجولات القادمة وهذا هو موقف الوسطاء معرباً عن أمله ان تتوافق النوايا التى تسمح بتحقيق هذا الهدف.
من جهته قال السفير د.محمد حجازى مساعد وزير الخارجية الأسبق ان مصر تكثف اتصالاتها فى هذه المرحلة الشديدة الخطورة والحرجة التى تهدد أمن واستقرار المنطقة فجاءت سلسلة لقاءات وزير الخارجية والهجرة الدكتور بدر عبدالعاطى بوزيرى خارجية الاردن وتركيا والاتصالات الهاتفية بعدد من وزراء الخارجية من المنطقة وخارجها لتضاف للتواصل الذى يتم على مستوى القمة بين الرئيس السيسى والعديد من قادة دول الإقليم والعالم منها اتصالاته التى تمت مع الرئيس الأمريكى بايدن واللقاء الذى تم فى العلمين مع الرئيس الإماراتى الشيخ محمد بن زايد وتكثيف جهود الدبلوماسية المصرية على كافة مستوياتها وهو ما يأتى انعكاساً لحرص مصر على تحقيق الامن والاستقرار واحتواء المشهد الحالى شديد الخطورة على أمن واستقرار المنطقة التى تعد واحدة من اهم المناطق الإستراتيجية فى العالم لارتباطها بأمن الملاحة البحرية وحركة الأساطيل التجارية والعسكرية عبر البحر الأحمر وقناة السويس وكذلك بامن واستقرار الخليج مما يشكل تهديداً خطيراً بسبب الممارسات الإسرائيلية التى أدت إلى توتر الأوضاع على نحو غير مسبوق.
أضاف السفير حجازى ان الاتصالات التى تجريها الرئاسة والخارجية المصرية فى هذه المرحلة تسهم فى احتواء المشهد وان تأتى ردود الأفعال بالشكل الذى لا يؤدى إلى انجراف المنطقة إلى مواجهة صريحة بين أطراف اقليمية وحزب الله وإسرائيل وحركة حماس مشيراً إلى آن استمرار إسرائيل فى عدوانها على قطاع غزة هو المحرك الوحيد لكل هذه التوترات كما ان قيامها بالتعدى على السيادة الإيرانية واغتيال رئيس حركة حماس إسماعيل هنية يعد من التصرفات التى تحرض على العنف والتطرف وزيادة التوتر فيما يهدد مصالح الإقليم والأمن والسلم والاستقرار العالمى ولذلك على الأطراف الدولية كما قالت مصر إن تتحمل مسئولياتها لكبح جماح العداون الإسرائيلى فى قطاع غزة والذى وصل إلى حد التعدى على الحرمة الإنسانية لأهالى القطاع بالشكل الذى أدانته كل القواعد والقوانين الدولية.
أعرب حجازى عن تطلعه ان تصدر محكمة العدل الدولية قرارها بشأن اتهام إسرائيل بجريمة الإبادة الجماعية وان تصدر المحكمة الجنائية الدولية قرارات التوقيف تجاه رئيس الوزراء ووزير الدفاع والقادة فى إسرائيل الذين تسببوا فى واحدة من أكبر الجرائم فى قطاع غزة والتى توصف بانها خيانة للإنسانية.
أكد حجازى ان البيان المشترك المصرى الأمريكى القطرى جاء فى توقيت شديد الأهمية والحساسية تتصاعد فيه الأوضاع الإقليمية بما يهدد باندلاع حرب شاملة تستدعى من كل الأطراف بذل مساعيها والتدخل للحيلولة دون ان يقود الرد والرد المتبادل إلى دائرة من الأفعال الانتقامية التى قد تهدد باندلاع الحرب على جبهات عدة مما يزيد الضغط على الدول الواقعة فى الإقليم بل وقد يقود لمسار حرب تتورط فيها أطراف إقليمية ودولية ومن هنا جاءت المسئولية الإقليمية لمصر بالتشاور مع قادة الولايات المتحدة وقطر لاطلاق جولة جديدة من المفاوضات تضفى مساحة من التفاهم على مسار الأحداث وبما يجنب المنطقة ويلات الحروب والمواجهات المحتملة.
أشار إلى أنه وفى جميع الأحوال فإن التحركات المصرية تشكل مع الأطراف الدولية ومحادثات الرئيس السيسى هاتفيا مع قادة المنطقة ودول العالم التاكيد على ان المسئولية الإقليمية وحفظ السلم والامن فى المنطقة وخارجها هى مسئولية مصرية تتصرف فيها الدبلوماسية المصرية وقيادتها السياسية بالحكمة والوعى المطلوب لمواجهة مشهد قادت إليه أفعال إسرائيل الإجرامية فى قطاع غزة وممارساتها المنافية لمبادئ وقيم القانون الدولى واستمرارها فى تبنى الحلول الخاطئة التى تعكس محاولة رئيس وزراء بائس يسعى من أجل الاستمرار فى الحكم مهما كانت التكلفة التى تتحملها دول وشعوب المنطقة ويستمر فى معاندته للإرادة الدولية ولا يمكن ان نلقى بالمسئولية فقط على إسرائيل ولكن من دعمها طوال 10 اشهر من المجازر ومن تخلى عن مسئوليته الدولية ومد إسرائيل بالذخيرة والسلاح والستار الدولى وعطل الآليات الدولية.
شدد على ان ما قدمته مصر والولايات المتحدة وقطر فى البيان المشترك هو محاولة من الأسرة الدولية والإقليمية للخروج من المشهد باقل خسائر ممكنة مشيراً إلى أن محادثات الهدنة ووقف اطلاق النار فى قطاع غزة هى الإجابة الصحيحة وليست الاغتيالات وتصعيد العنف فى المنطقة واستمرار القتل فى غزة وكلها إجابات خاطئة قدمتها إسرائيل من خلال حكومة يمينية متطرفة ورئيس وزراء لا يسعى فقط إلا لزيادة اطر العنف واستدراج المشهد الإقليمى لمزيد من المواجهة حتى تبقى فى سدة الحكم.