فى معجم المعانى الجامع تَلَبَّكَ الأمْرُ : اِخْتَلَطَ وأَشْكَلَ والتبس ، فهل نحن نعانى حقا من حالة «تلبك ثقافي» ناتجة عن «التباس معرفى بخلط ما لا يخلط وربط ما يربط ؟ أو بالتعبير العامى المصرى الشهير«عك معرفي»، بيد أننا مطالبون أولا بتحرير المصطلحات من قيود التعريفات الكلاسيكية الجامدة ، فمفهوم الثقافة والمثقف والحركة الثقافية وثقافة المجتمع والبعد الثقافى للأشياء والأشخاص يحتاج الى إعادة ضبط عاجل وسريع ، حتى بعملية جراحية وبدون مخدر حتى ولو كان موضعيا حتى نشعر بألم وصدمة المشرط حتى بدون رؤية الجراح، فأشد أنواع الألم ما لا تعرف سببه ومسببه، « لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد» الناس فى بلدى يرون أن الثقافة هى المعرفة والمثقف هو من يجمع معارف متنوعة وعليه فمن يتحدث بلباقة موسوعية يوصف انه مثقف ، لكن الحقيقة أن الثقافة أوسع وأعمق وأكثر تعقيدا من هذه النظرة السطحية ، فثقافة المجتمع هى ناتج جمع وتراكم تاريخى من تجارب انتصارات وانكسارات وازمات ومواقف متعددة تجعل مجتمعا ما كالمجتمع الامريكى يوصف بأن ثقافته استهلاكية على سبيل المثال وبأن مجتمعا آخر ثقافته انتاجية كالمجتمع الصينى ، فاليابانيون لهم ثقافة تختلف عن الألمان الذين يتمتعون بثقافة الانجاز والتميز والدقة والروس لديهم ثقافات تختلف عن الامريكان والأوربيين ، وفى مصر لدينا حزم من الثقافات البالية التى تحتاج الى إعادة نظر ، ثقافة العزوة التى ادت الى الانفجار السكانى ، ثقافة الكرم التى أدت الى إهدار الطعام ، ثقافة الاعتماد على الدولة فى كل شيء حتى صارت الدولة بابا وماما ، ثقافة القطاع العام والملكية الجماعية التى أدت الى تآكل موارد الدولة ، ثقافة المجانية الكاذبة التى أضاعت التعليم والصحة ،ثقافة ليس فى الامكان ابدع مما كان ، ثقافة على قد لحافك مد رجليك ثقافة ، المية متجريش فى العالى ، ثقافة العين متعلاش على الحاجب ، ثقافة التدين الشكلى وربك رب قلوب ، ثقافة القطاع الخاص شوية حرامية والغنى حرامى ، ثقافة وانا مالى ومليش دعوة ، ثقافة الفهلوة ، ثقافة الشهادات على الحائط وليس على ارض الواقع ،ثقافة انسى اللى اتعلمته عشان تشتغل ، ثقافة هى جت عليا ، ثقافة وانا اللى هصلح الكون ، ثقافات متجذرة وتحتاج الى اعادة تنقية الارض تماما حتى يتم افساح الطريق لثقافات جديدة بمنظومة قيم جديدة ونحن ندشن ونبنى جمهورية جديدة.