مساء الجمعة الماضية، عثرت علي فيلم (حاتم فارس ماسبيرو) علي شاشة القناة الاولي بمناسبة عيد الإعلاميين، الفيلم من كتابة واخراج أسماء إبراهيم التي قدمت قبله فيلما مهما عن ميدان التحرير عام 2011 بعنوان (الكعكة الحجريّة)، ولكن أفلامها وكل أفلام التليفزيون التسجيلية توضع في الخزنة كالعادة في انتظار استثناء (وهو ما حدث مساء الاثنين حين عرضت نفس القناة فيلما عن نجيب محفوظ بإخراج سميحة الغنيمي) ولأن الدكتور عبدالقادر حاتم كان من أوائل رواد الإعلام في مصر منذ تولي وزارة (الإرشاد القومي) بعد ثورة يوليو وقاد ما سمي وقتها (خطة التكوين الإستراتيجي) للعمل الإعلامي الذي بدأت الدولة تقدمه من خلال جهاز الاذاعة المصرية الذي كان قد أكمل 20 عاما وقتها إضافة الي جهاز التليفزيون الجديد، فإنه استطاع في وقت مبكر ان يخطط لوصول هذا الإعلام إلي كل المحافظات والأماكن البعيدة، بل وغير اسم الوزارة.. من (الإرشاد القومي) إلي (وزارة الإعلام) ليصبح أول وزير للإعلام في مصر، وفي الفيلم كانت له وجهة نظر مهمة (الإرشاد القومي معناها ان نرشد الشعب، بينما الإعلام هو حق من حقوق الانسان)، وهو ما أكدته أحاديث بعض الاعلاميين والفنانين عنه في الفيلم مثل سمير صبري وفضيلة توفيق وممدوح الليثي وطارق حبيب وسلمي الشماع، والمفاجأة هي شهادة عادل إمام (الدكتور حاتم سبب رئيسي في ظهور عادل إمام)، وكل هؤلاء أجمعوا علي أنه كان صديقا وأبا ورمزا قبل ان يكون وزيرا، الفيلم أنتج عام 2020، أي منذ خمس سنوات، وأهميته تأتي من توثيقه لعلاقة المواطن المصري بالإعلام العام وإعلام الدولة من خلال مؤسسيه، وصناعه، ومحبيه الذين اجتهدوا كثيرا لأجل حقوق شعبه.
لغتنا الجميلة
وفي هذا الأسبوع أيضا قدم التليفزيون نموذجا مهما للإعلام وصناعه من خلال حوار د.درية شرف الدين عبر برنامجها (حوار من مصر) مع المذيعة الكبيرة (أمينة صبري) صاحبة البرامج والحوارات المهمة بإذاعة صوت العرب، والتي قدمت نموذجا ملهما لأهمية وقيمة الاجتهاد والمحبة واحترام المهنة عبر حوار زاخر بكل المعلومات المهمة عن العمل الاذاعي بعد بداياته، وفي فترة صعود (صوت العرب) لتكون الإذاعة المعبرة عن كل مكان يتحدث العربية، ولترسم لنا كمشاهدين خريطة للعمل الإذاعي في مرحلة سابقة كان للإذاعة فيها السبق في تقديم الاخبار والتحقيقات والانتقال إلي مواقع الاحداث، كان حوارا صادقا ومهما في استعادة صورة العمل الإذاعي وأهميته عبر عقود طويلة، في مناسبة الاحتفال بعيد الإذاعة المصرية أولا (30 مايو عام 1934) والذي أصبح الآن.. عيداً للإعلام والإعلاميين في مصر، وهو عيد لابد وان نستعيد فيه كل إنجازات الإعلاميين الإذاعيين المهمة، من صفية المهندس وبرنامجها (إلي ربات البيوت) الموجه لكل سيدات مصر، من كل الطبقات، ومن أبلة فضيلة وبرنامجها للأطفال (يا ولاد يا ولاد) وحكاياتها اليومية الجميلة، وصولا إلي فاروق شوشة وبرنامجه الرائع (لغتنا الجميلة)، وآمال فهمي و(علي الناصية) ونادية صالح و(زيارة لمكتبة فلان)، وعمر بطيشة و(شاهد علي العصر)، وسناء منصور وهالة الحديدي وإيناس جوهر وغيرهم ففي زمن الإذاعة الجميل كان الجهد والاجتهاد هو عنوان العمل الإعلامي، ولهذا لا نزال نتذكر برامج لانها لا تنسي، ولا نزال نتمني عودة الاجتهاد الحواري كما كان في أيام ازدهار الإذاعة، (وإن عاد الآن تحت اسم بود كاست)، باختصار لن يذهب تاريخ من الإبداع الانساني قدمه لنا الإذاعيون الكبار مهما تغيرت الأحوال التقنية فما زالت البصمة الإبداعية موجودة.. لابد من الاحتفاظ بها كتراث، والاحتفاء بها كتاريخ، وهي بصمة تمتد من الإذاعة إلي التليفزيون عبر ما قدمه أجيال من العاملين بالتليفزيون المصري، وهو ما يستحق مقالا وحده.