مخزون من الذكريات لى ولأبناء جيلى حفرته قاعات معرض الكتاب منذ أن كان فى مقره السابق بأرض المعارض قبل أن يستقر به الحال فى مقره الحالى بمركز المنارة للمعارض والمؤتمرات.. تاريخ طويل لإلتقاء الإبداع والفكر فى هذا العرس الثقافى الذى يتجدد من عام لعام لينير عقول المترددين على المعرض من خلال ما يختارون شراءه من الكتب مع اختلاف وتنوع أيديولوجياتهم الثقافية والفكرية أو ما يحرصون على حضوره من فعاليات.
لاشك أن المعرض على مدار أكثر من عقدين من عمرى ساهم وبشكل كبير فى بناء شخصيتى سواء من خلال ما حضرته من فعاليات أو ما أقدمت على شرائه من كتب حتى أن كل كتاب أحفظه فى مكتبتى احتفظ معه بذكريات الدورة التى اشتريته فيها وما عايشته خلالها من فعاليات وأزعم أن تلك الحالة التى قدمها لى معرض الكتاب على مدار سنواته السابقة جعلتنى أعيش الواقع برؤية مختلفة عن هؤلاء الذين بنوا جداراً من العزلة بينهم وبين الكتب.
تطربنى وقع الكلمات وهى تتراص لتصنع عبارات كاتبها فتسيطر على عقلى وتسلبنى إرادتى فى القدرة على ترك الكتاب قبل أن انتهى منه..فقط إذا نجح مؤلفه فى أن يسيطر على وجدانى ويعزلنى عن الواقع لأعيش مع أحداثه واقعاً بمذاق خاص تطفو فيه الحقيقة تارة والخيال تارة آخرى وأحياناً يمتزج كلاهما لأجد نفسى ربما فى عالم آخر.
أدرك أن جيلى من الأجيال المحظوظة لما أتيح لنا من شراء الكتب بأسعار زهيدة من خلال مشروع مثل مكتبة الأسرة ومهرجان القراءة للجميع لنجد أنفسنا قادرين على شراء 20 كتاباً بسعر خمسة جنيهات أثناء فعاليات المعرض..حتى الموسوعات لم يكن يجاوز ثمنها هذا المبلغ لذا كثيراً ما كنا ننتظر المعرض من عام لعام لنقتنص تلك الفرص الذهبية.. ومع إنطلاق دورة هذا العام كنت حريصة على ذهاب أبنائى للمرة الأولى فى تاريخهم للمعرض بعد أن أدركت أهمية أن يقرأوا لتتشكل قدرتهم على الفهم والوعى والإدراك والاستيعاب لما يحدث من حولهم.. اتفقنا على الموعد وكم أسعدنى أنهم أبلغوا أصدقاءهم ليجدوا أنهم يخططون لنفس الأمر مثلهم وبدأوا فى النقاش حول الكتب التى يخططون لشرائها بل وصل الأمر للحديث عن الندوات الموجودة فى المعرض.
ذهبنا واشترينا ما اختاروه مناسباً لاتجاهاتهم وأفكارهم ومن قبل ذلك أعمارهم.. حالة من السعادة تتملكنى وأنا أرى الكتاب مازال قادراً على الاحتفاظ بمكانته بين أيادى هذا الجيل.. حزنت لأننى من اعتقدت خلال السنوات الماضية بأنه جيل لا يقرأ وأدركت أن الأمر مازال فى إيدينا لتمكين هذا الجيل من القراءة من خلال إتاحة ما يناسب أفكارهم وبأسعار فى متناولهم عبر مشروع ثقافى لنخلق جيلاً يقرأ.