لا أعرف من المظلوم ومن الظالم؟!! هل من ولدوا بهواتف فى أيديهم يرون بها مصائب العالم منذ صغرهم ويتعاملون مع المظاهر الكاذبة للحياة المرفهة على أنها الواقع!!؟ قيل لنا فى الصغر اذهب إلى المكتبة أما هم فقيل لهم اسأل جوجل؟!!.. لأن هواتفهم تلازمهم فى وحدتهم وبضغطة يرون العالم بين أيديهم؛ يظنون أنهم قادرون على مسح الخريطة وإعادة رسمها..
هم المتعسرون المتوترون المشتتون.. أصحاب الصور الغريبة مع هواتفهم وكأنها ظلهم!!.. هم أصحاب مقاطع التيك توك الغريبة التى يحركون فيها شفاههم وتنظر لك عيونهم وكأنهم حقا يتحدثون يغنون يضحكون!!!.. الحقيقة أنها وكأنهم تافهون!!! هكذا قيل عنهم.. حسبتهم نرجسيون من كثرة حبهم للسيلفى ثم إكتشفت إن كانت لديهم الجرأة على التصوير كل دقيقة فربما تكون موهبة فآخر صورة حقيقية لى بوجهى كانت منذ شهور فلست من محبى السيلفي!!!
ربما هذا السيلفى حقا موهبة..!! هم يعشقون المرآة فيصادف أن أرى فتاة جميلة تنظر بكاميرا الهاتف لتتأكد من ترتيب شكلها.. ليؤثر المشهد بنفسى فأتذكر أن آخر مرة نظرت بالمرآة كانت منذ ٧ ساعات وإنه حتما قد تلطخ وجهى بكحل الزيتون محلى الصناعة الذى يساعدنى فى مقاومة جفاف العين من الجو فلا أرتدى نظارة!!
أضيق بمن تنظر فى المرآة أثناء الشرح ولكنى أتساءل مالذى يدفعها للقلق؟!!! تحاصرنى الأسئله من كل اتجاه!!
عندها أتذكر أننى عندما أضيق بأطفالى أعرض عليهم ممارسة هوايتهم فى مشاهدة بعض مجانين «اليوتيوب» مثل BTS وMr best.. أو حتى مشاهدة بعض الأبطال الخارقين أصحاب الأسماء المريبة!!! فوجئت بأن من هذا الجيل المتعسرين المحبطين وأن هؤلاء فى منتهى الذكاء والقدرة على قراءة مشاعر الآخر.. يمتلكون تعاطفا لا حدود له تنهمر دموعهم لأبسط سبب..!! كنت أظن أن هذا نوع من أنواع التلاعب.. تلك الموهبة التى يحظى بها عدد من الصغار بقدرته على إجباركً على تنفيذ مايريد !!ولكن هم حقا يتألمون!!؟ لا أعرف!! أشعر أننى أرى فيهم نسخا قديمة بشكل حديث.. متطورة ..ومتوترة.. وشديدة الحساسية.. وصغيرة السن وتشعر بدون سبب بالاحباط لأنها تريد أن تمتلك كل شيء وأى شيء وتسافر وتتفوق وتعمل وترتدى أفخر الماركات وتخرج بأفخر المطاعم وتأخذ السيلفى وتبتسم وتنشر الصور ثم تجلس لتشعر بفراغ شديد وسؤال لماذا؟؟ تدق على رأسها.. فيغيب المعنى !!وتخرج لتأخذ سيلفي.. تأكل لتأخذ سيلفي.. ترتدى لنفس السيلفي.. فتدخل متاهة ودائرة مفرغة.. وتزداد الفجوة بين الجيل الجديد ومن يسبقه فهو متطور عنا ويفهم فى الموضة والشعر والمكياج والترند والمطاعم وكل وسائل الحياة الترفيهية ولكنه يفتقد الاستمتاع بأبسط الأشياء.. فإذا سألته: على أى شيء أنت ممتن؟ سيقول لك لاشيء!!! حقاً؟؟؟؟ لاشيء.. فيراه الأهل صغيراً وسطحياً فيعاقبونه بانتزاع جنته منه.. فتجد الأم تصرخ فى أطفالها: »مفيش نت اليوم« أو تقوم بسحب الهواتف.. أو تفعل مثلما فعلت أنا فى أحد الأوقات وقمت بكسر شاشة K4 لأننى رأيتها تسحر أطفالي.. فما كان منهم سوى العودة لهواتفهم وحلقات اليوتيوب الفارغة.. فاشترى للتكفير عن غضبى هدية عيد ميلاد عبارة عن عروسة بلاستيكية تشبه عقلة الإصبع كل إنجازاتها أن شعرها يتغير بالتبريد عند وضعها بالفريزر.. فأشعر أنه لايتم فقط سرقة انتباه أطفالي!! ولكن أيضاً أموالي!!!..
من المسئول عن هذه الفوضى؟
لا أعرف!!!