جبالى فى الجلسة العامة لـ «النواب»:
نرفض وبكل قوة محاولة أى طرف إقليمى فرض مناطق نفوذ على الأراضى السورية
ارتباط وثيق بين أمن سوريا وأمن مصر والأمن القومى العربى
أكد المستشار دكتور حنفى جبالي، أمس، أن الأمن القومى العربى كل لا يتجزأ، والعلاقة التاريخية الراسخة بين مصر وسوريا تجعل من أمن واستقرار سوريا أمراً حيوياً لمصر، ومرتبطا ارتباطاً وثيقاً بأمن مصر القومى وبالأمن القومى العربي.
وقال جبالى فى كلمته بشأن التطورات الأخيرة التى تشهدها الدولة السورية خلال الجلسة العامة لمجلس النواب: «أتحدث إليكم؛ ليس فقط بلسان مواطن مصري، وإنما بلسان مواطن عربي؛ تشغله هموم أمته العربية، وعلى رأسها ما تمر به سوريا الشقيقة من تطورات سياسية متلاحقة».
أضاف «يعلم الجميع أن موقف مصر من الأزمة الممتدة التى عاشتها سوريا الشقيقة، منذ ثلاثة عشر عاماً، كان -ولا يزال- موقفاً تحكمه اعتبارات الحفاظ على الأمن القومى العربي، ويستند إلى ضرورة الحفاظ على وحدة سوريا أرضاً وشعباً، وضمان سيادتها على أراضيها دون تفريط أو انتقاص، ورفض التدخلات الأجنبية فى شئونها، واحترام خيارات الشعب السورى الشقيق.
وتابع أن «الحل للأزمة السورية لا يمكن أن يكون إلا سياسياً بامتياز، فقد تمسكت الدولة المصرية -طوال الوقت- بقرار مجلس الأمن رقم 2254 كإطار أمثل لبدء عملية سياسية شاملة، تقودها إرادة السوريين الحرة، وتؤسس لنظام يعكس تعددية الشعب دون عصبية أو طائفية أو إقصاء، ويحفظ مؤسساتها الوطنية التى هى ملك لهذا الشعب العريق.
أشار إلى أنه «علينا أن نعى أن التأخر فى إطلاق عملية سياسية حقيقية قد كلف الشعب السورى الشقيق ثمناً باهظاً».
وأوضح أنه «فى هذه اللحظة الفارقة التى تمر بها سوريا الحبيبة، لا مجال لتضييق الآفاق أو تقليص الأمل بمصالح أو رؤى ضيقة ترتقى فوق المصلحة الوطنية السورية الجامعة»، لافتاً إلى أن «الأمة السورية اليوم، أكثر من أى وقت مضي، فى أمس الحاجة إلى أن تتوحد صفوفها، وتتناسى الخلافات، لتبنى معاً الوطن الذى تستحقه، سوريا التى نرنو إليها؛ سوريا ديمقراطية، تحتضن جميع أبنائها دون تفرقة أو تمييز، وتستعيد وحدتها وسيادتها بعيداً عن شرور الحروب الأهلية وفتن الطائفية».
وشدد رئيس مجلس النواب على أن الحفاظ على سوريا هو التزام واضح لا يقبل اللبس، ويجب أن يتحمل مسئوليته المجتمع الدولى برمته؛ فسوريا عضو مؤسس فى منظمة الأمم المتحدة، ومن غير المقبول بأى حال من الأحوال السماح لأى طرف باستغلال الظروف الدقيقة أو التحولات المتسارعة التى تشهدها سوريا لتكريس واقع جديد على الأرض، أو المساس بوحدتها وسلامتها الإقليمية، أو إحداث تغييرات تمس هويتها وثوابتها.
أدان جبالى – من تحت قبة مجلس النواب المصري- الممارسات الإسرائيلية السافرة فى الجولان السورى المحتل، والتى تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولى وقرارات مجلس الأمن، ومحاولة مرفوضة لتكريس الاحتلال وتوسيع رقعته.
وأكد أن «أرض سوريا ملك لشعبها وحده، ولا يمكن للمجتمع الدولى أن يغض الطرف عن تلك الانتهاكات التى تهدد الأمن والسلم الدوليين».
أعرب عن الرفض و»بكل قوة، وبأشد العبارات، لكل محاولة من أى طرف إقليمى أو دولى يسعى لفرض مناطق نفوذ على الأراضى السورية، أو التدخل فى الشأن السورى الداخلي، سواء كان ذلك بمحاولات تغيير الواقع الجغرافى أو الديموغرافي، أو بإذكاء النعرات المذهبية والعرقية، أو بنشر التوجهات الإقصائية التى لا مكان لها فى سوريا الجديدة التى نتطلع إليها؛ سوريا التى تقوم على الوحدة والعدالة والتعايش بين جميع أبنائها».
بين جبالى أن مصر تبنت موقفاً متوازناً تجاه الأزمة السورية، وحرصت على الحفاظ على قنوات التواصل المفتوحة مع جميع الأطراف والقوى السياسية والاجتماعية السورية.. كما احتضنت مصر الأشقاء السوريين بكل احترام ورحابة، ومنحتهم الأمان والرعاية، وعاملتهم كجزء من الأسرة المصرية، فى مشهد يعكس أسمى معانى التضامن والتآزر.
وأكد أن «مصر، بتاريخها العريق ودورها المحوري، ستظل صوت العقل والحكمة، وستظل سنداً لكل جهد مخلص يسعى إلى إعادة سوريا إلى مكانتها الطبيعية بين أشقائها العرب، كركن أساسى من أركان النظام الإقليمي، وركيزة من ركائز الأمن القومى العربي».
أوضح أنه «فى ظل ما تشهده منطقتنا من تحديات جسام وأحداث مضطربة، لا يمكننا أن نغفل عن درع مصر الحصين وسندها المتين، وهو جيشها الباسل الذى طالما كان حصناً للأمة ودرعاً واقياً يحمى حدودها ويصون أمنها واستقرارها»، مشيراً إلى أن الأحداث التى شهدتها دول عديدة فى منطقتنا، وما تبعها من تفكك فى جيوشها وانهيارات لأمنها الداخلي، أظهرت حكمة القيادة المصرية وبصيرتها الثاقبة فى إدارة الأزمات».
تابع: «لقد أدرك المصريون منذ القدم أن الجيش والشعب كيان واحد، روح متحدة لا تنفصل، فالجندى المصرى هو ابن هذا الشعب الأصيل الذى وقف على مدار التاريخ كالبنيان المرصوص فى وجه كل من تسول له نفسه المساس بتراب هذا الوطن أو سلامة شعبه.
فى ظل ما تواجهه حدودنا من تهديدات مباشرة وغير مباشرة، يظل الجيش المصرى سداً منيعاً، يذود عن كرامة الوطن وسيادته بكل شجاعة وتفان، واضعاً نصب عينيه حماية كل شبر من أرض مصر، وتوفير البيئة الآمنة التى تمكن الدولة من التركيز على تنميتها ودورها الريادى إقليمياً ودولياً».
شدد رئيس مجلس النواب على أن «دعم الجيش المصرى والتلاحم معه لا يعد واجباً وطنياً فحسب، بل هو عهد متجدد بين الشعب وجيشه، رسالة تحملها الأجيال جيلاً بعد جيل، لتظل مصر واحة الأمن والاستقرار، وقوة محورية لا يمكن تجاوزها فى معادلات المنطقة والعالم».
اختتم جبالى كلمته قائلاً: «لقد تجلى بعد النظر والحنكة السياسية فى شخص قائد عظيم هو الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، حيث أدار بحكمة فائقة التحديات الجسيمة التى تشهدها منطقتنا وأمتنا العربية، سعياً منه لحماية مصر من الوقوع فى أتون الصراعات الإقليمية التى تهدد استقرارها، واضعاً مصلحة وطنه وشعبه فوق كل اعتبار، ليظل ثابتاً فى مسعاه للحفاظ على أمن مصر واستقرارها فى زمن ضاقت فيه السبل واشتدت فيه المخاطر».