ذكرت فى المقال السابق أن الحديث عن جيش مصر ودوره فى حماية الدولة وإنقاذ البلاد والعباد منذ تدشينه وحتى الآن يحتاج إلى عشرات المقالات وربما المجلدات، ومع ذلك حاولت قدر الإمكان فى سطور المقالين السابقين وهذا المقال إلقاء الضوء على ما قدمه ولا يزال يقدمه هذا الجيش الوطنى العظيم حيث تناولنا نشأة الجيش الأقدم والأعرق فى العالم وما أنجزه من بطولات وتضحيات منذ عصر الفراعنة مروراً بعهد محمد على باشا وحتى الدور المهم للجيش المصرى قيادة وأفراداً فى إفساد مخطط أهل الشر وأعوانهم فى الداخل والخارج إبان أحداث 25 يناير 2011 وما تلاها من مؤامرات كانت تستهدف إسقاط الدولة المصرية وتفتيت مؤسساتها الوطنية، ثم استعرضنا فى إيجاز قدرات وإمكانيات جيشنا العظيم، لا سيما بعد تولى الرئيس السيسى مسئولية وزارة الدفاع ثم قيادة البلاد قبل عشر سنوات، وفى هذه السطور نتعرض بشكل مختصر لأهم المعارك والحروب التى خاضها الجيش المصري منذ عهد الفراعنة مروراً بالعصر الحديث وصولاً إلى الدور التاريخى لهذا الجيش الوطنى وانحيازه مع أبطال الشرطة لرغبة أبناء الشعب إبان ثورتنا العظيمة فى الثلاثين من يونيو 2013 وافشال مخطط إسقاط الدولة.
قدمت العسكرية المصرية القديمة العديد من القادة العظماء وكان أنبغ هذه العقول العسكرية الإمبراطور «تحتمس الثالث» أول إمبراطور فى التاريخ وهو الذى أنشأ الإمبراطورية المصرية وفى رصيده العديد من المعارك والحروب، أشهرها معركة «مجدو» والتى ما زالت تُدرَّس حتى اليوم، والقائد أحمس قاهر الهكسوس.
و قد شارك الجيش المصرى فى تحرير مدينة القدس من أيدى الصليبيين فى واحدة من المعارك التاريخية على مر العصور، وكان قائد المعركة البطل صلاح الدين الأيوبى وكان الجزء الأكبر من جنوده من المصريين، بالإضافة إلى ذلك قادت القوات المصرية دوراً كبيراً فى هزيمة المغول الذين دمروا الدولة الإسلامية العباسية بقيادة القائد قطز.
على مر التاريخ شهدت مصر العديد من الحروب التى خاضتها تارة لصد هجمات الغزاة والمعتدين دفاعًا عن نفسها وتارةً أخرى للحفاظ على وحدة وتماسك أراضيها والحيلولة دون تشرذمها وتفتتها إلى دويلات صغيرة ضعيفة، وتارةً ثالثة لإزالة آثار العدوان، وطرد المعتدى الغاصب، واسترداد السيادة الكاملة على الأرض، ولا أدل على ذلك من حرب أكتوبر المجيدة بقيادة الرئيس الراحل أنور السادات بطل الحرب والسلام والتى أثبتت بسالة وقوة المقاتل المصرى الذى استطاع بأقل الإمكانيات المادية والعسكرية قهر الجيش الإسرائيلى وعبور قناة السويس وتحطيم خط بارليف الحصين الأمر الذى ما زال يدرس فى كبريات الأكاديميات العسكرية العالمية.
مع تصاعد الأحداث فى 25 يناير 2011 ومحاولة أهل الشر وأعوانهم فى الداخل والخارج النيل من وحدة وترابط الشعب المصرى والسعى إلى إسقاط الدولة بعد تنحى الرئيس الأسبق حسنى مبارك كان أبطال الجيش المصرى بقيادة المشير الراحل حسين طنطاوى عند حسن الظن بهم وتصدوا لهؤلاء المتآمرين وافشلوا مخططهم الدنيء.
و على نفس المنوال كان الحال فى 30 يونيو 2013 حيث لبى الجيش رغبات 33 مليون مصرى احتشدوا فى الشوارع مطالبين بخلع الرئيس الإخوانى محمد مرسي، وأعلنت القوات المسلحة بقيادة الفريق أول عبدالفتاح السيسى القائد العام وزير الدفاع حينئذ انحيازها لرغبات الشعب المصري. وأمهلت جميع الأطراف 48 ساعة للاستجابة، لمطالب الشعب، ولم يستمع مرسى وجماعته لصوت الشعب وأصروا على عنادهم، فماكان من القوات المسلحة إلا أن تحركت لإيقاف المهزلة السياسية والانحياز للشعب المصرى قلباً وقالباً، وأعلنت خارطة طريق تحدد مستقبل مصر وتصدت مع أبطال الشرطة لجحافل الإرهاب الذى لجأت إليه جماعة الإخوان الإرهابية وأتباعها حتى تم دحره والقضاء عليه خاصة فى أرض سيناء الغالية وهو ما أطلق عليه معركة البقاء.
إنهم رجال قواتنا المسلحة الباسلة الذين عانقوا بهاماتهم الشامخة قمم المجد، زرعوا فى تراب الوطن الغالى أزهار الحرية التى يفوح منها عبق الشهادة وعطر الانتصار، وسطروا فى كتب التاريخ صفحات مشرقة تقود الأجيال إلى درب البطولة والتضحية والفداء ليسيروا عليها بخطى واثقة نحو تحقيق النصر والتحرير ثم معركة بل وملحمة البناء والتعمير أيضاً التى لا تقل شراسة وأهمية عن معركتى البقاء والتحرير.