الحديث عن جيش مصر و دوره فى حماية الدولة وانقاذ البلاد والعباد منذ تدشينه وحتى الآن يحتاج إلى عشرات المقالات وربما المجلدات ، ومع ذلك سنحاول فى تلك السطور إلقاء الضوء على ما قدمه ولا يزال يقدمه هذا الجيش الوطنى العظيم حيث تناولنا فى المقال السابق نشأة الجيش الأقدم والأعرق فى العالم وما أنجزه من بطولات وتضحيات منذ عصر الفراعنة مرورا بعهد محمد على باشا وحتى الدور المهم للجيش المصرى قيادة وأفرادا فى إفساد مخطط أهل الشر وأعوانهم فى الداخل والخارج إبان أحداث 25 يناير 2011 وما تلاها من مؤامرات كانت تستهدف إسقاط الدولة المصرية وتفتيت مؤسساتها الوطنية ، وفى هذا المقال نستعرض فى إيجاز قدرات وإمكانيات جيشنا العظيم، لا سيما بعد تولى الرئيس السيسى مسئولية وزارة الدفاع ثم قيادة البلاد قبل عشر سنوات.
فمع تزايد الأخطار حول مصر بدرجة غير مسبوقة وتعدد التهديدات المحيطة بها..ومع ظهور أجيال الحروب الجديدة تحتم الحصول على مصادر قوة تواكب أحدث ما فى العصر من تطور لنوعيات التسليح لمواجهة التحديات ، لذا شهدت قواتنا المسلحة فى الآونة الاخيرة طفرة نوعية وكمية هائلة فى مجال التسليح غير مسبوقة فى تاريخها الحديث، ولأول مرة منذ إعادة بناء القوات المسلحة بعد 1967 نجحت القيادة المصرية فى تحقيق قفزات واسعة الخطى فى أسلحة كافة الأفرع الرئيسية وضعتها فى مصاف الجيوش الرائدة.
وإذا كانت مصر قد اضطرت بعد رفض الغرب تسليحها إلى عقد صفقة عام 1955 مع الاتحاد السوفيتى واستمر التعاون بينهما فى هذا المجال لمدة عشرين عاماً فقد اتجهت للتعاون اقتصادياً وعسكرياً مع الولايات المتحدة، وبدءاً من عام 1979 دعمت المعونة الأمريكية لمصر هذا التوجه، وفى عام 2006 عُقدت أول صفقة مع روسيا لشراء طائرات روسية مقاتلة من طراز ميج – 29 وذلك بقيمة 1.5 مليار دولار، غير أن الصفقة لم تتم بسبب الضغوط الأمريكية.
وأخيراً نجحت مصر فى عقد صفقات مهمة وفاعلة مع عدة دول من الشرق والغرب، منها صفقة صواريخ الدفاع الجوى «S300 « النسخة «أنتاي2500» التى لم تقم موسكو بتصديرها إلا لعدد قليل من الدول، وهى أحدث منظومة يتم تصديرها خارج روسيا ، المعروف أنها أقوى دولة عالمياً فى مجال شبكات الدفاع الجوي، ومن روسيا أيضاً اشترت مصر منظومة «بريزدنت إس» لحماية الطائرات فى الجو، و46 طائرة «ميج -29» و50 طائرة هليكوبتر «كا-52» المنافس الوحيد للأباتشى الأمريكية، لتسلح بها حاملتى الطائرات ذات الصناعة الفرنسية «الميسترال» بالإضافة إلى 4 فرقاطات «جوويند» فرنسية الصنع أيضاً، ثلاث منها اتفق على تصنيعها فى الترسانة البحرية فى الإسكندرية لتدخل مصر عالم صناعة القطع البحرية الكبيرة، و24 طائرة «رافال» ومن ألمانيا اشترت مصر 4 غواصات من طراز 209 / 1400 وهناك تفاهمات مع الصين على أسلحة مختلفة.
هذه الصفقات نقلت مصر إلى مرتبة لا تتفوق عليها فى قائمتها إلا الدول العظمي، وبهذه الصفقات أصبحت مصر القوة الضاربة بحرياً فى الشرق الأوسط، وباتت سماؤها مؤمنة تماماً وتستعيد القوات المسلحة المصرية ريادة مستحقة بما تمتلكه من قيادات مؤهلة ومستويات متفوقة فى العالم مع هذا المستوى المتنامى من التسليح الأحدث عالمياً.
ولا شك أن امتلاك الدولة السلاح القوى الرادع مع تنوع مصادره يجعل الموقف المصرى فى غاية القوة فلا يمكن ان ترضخ لأى ضغوط كانت فى حال عدم اعتمادها على مصدر واحد فى التسليح .
ووفقا للخبراء فإن امتزاج المدارس المختلفة داخل منظومة واحدة يجعلها فى قمة النجاح فكل تلك الانواع تعمل على تكملة بعضها البعض دون التقاطع معها نهائيا، بل انها تحقق الكفاءة والقدرة القتالية العالية .
و فى ظل التطور السريع فى تكنولوجيا السلاح على مستوى العالم، تعد مصر من الدول القليلة التى تستوعب جميع أنواع السلاح وتتعامل معها بمنتهى الدقة، بل إنها تستوعب التكنولوجيا بشكل سريع وقادرة على تطوير السلاح للتعامل مع المهام العسكرية المحددة، وذلك عن طريق تطوير الفكر العسكرى للضباط والصف والجنود الذين يتعاملون مع تلك المنظومات المختلفة، وذلك من خلال الدورات التدريبية فى الداخل والخارج، لنقل واستيعاب التكنولوجيا العسكرية التى تتطور يوما بعد يوم.
الجميل فى الأمر أن القدرة العسكرية المصرية العالية جعلت اكبر دول العالم وأقواها عسكريا تطلب تنفيذ تدريبات عسكرية مشتركة مع القوات المصرية منها الروسية والفرنسية والصينية، علاوة على الأمريكية والاوروبية بجانب التدريبات مع الدول العربية، وهو ما يثبت قدرة وكفاءة القوات المصرية والسلاح المتطور الذى تمتلكه مصر، وقدرة الأفراد على استيعاب التكنولوجيا الحديثة فى مجالات التسليح باختلاف أنواعها، واستيعاب المدارس المختلفة فى التدريبات والتى تشيد بها القوات الأجنبية المختلفة، بل إن هناك استفادة كبيرة من التدريبات مع القوات المسلحة المصرية، فى الأسلحة المختلفة ، والعمليات المشتركة.والأهم من استيعاب التكنولوجيا الحديثة فى مجال التسليح، هو نقلها الى مصر والبدء فى التعامل الجديد معها، حتى تكون مصر فى صدارة الدول المتقدمة فى مجال السلاح والتكنولوجيا، وعدم الاعتماد بشكل اساسى على الخارج فى المجالين…. وللحديث بقية ان كان فى العمر بقية.