يدور الزمان وتتغير الدنيا فتسقط إمبراطوريات وعلى أنقاضها تبزغ إمبراطوريات جديدة ، تتبدل حدود الدول ومعها تتغير دول الجوار ، فجيران مصر الفرعونية يختلفون عن جيرانها فى عصر الدولة المملوكية والعثمانيين والأسرة العلوية ، وبنظرة سريعة وخاطفة نجد الحدود المصرية وقد شهدت تغييرات جذرية على كافة الاتجاهات
فكان تحتمس الثالث أحد أعظم حكام مصر الفرعونية حيث اتسعت الإمبراطورية المصرية فى عهده إلى أقصى حدود لمصر عبر تاريخها ، حيث وصلت حدود مصر إلى نهر الفرات وسوريا شرقا وإلى ليبيا غربا وسواحل فينيقيا وقبرص شمالا و إلى منابع النيل جنوبا حتى الجندل الرابع أو الشلال الرابع.
واستمرت مصر تتمدد وتنكمش صعودا وهبوطا لكنها لم تغب فى يوم ما ، وجاءت جيوش الطامعين فردتها جيوش مصر عبر الزمان ، حتى وصلنا إلى عصر الدولة المملوكية التى أسست عام 1250 وامتدت ايضاً لتضم بلاد الشام والحجاز وجنوب شرق الأناضول وقبرص ، ثم جاء الحكم العثمانى والذى يعد أسوا فترات الاضمحلال والضعف والانكماش حتى ظهرت الأسرة العلوية وباعث نهضة مصر الحديثة محمد على باشا والذى اتسعت حدود مصر إلى سابق عصر الفراعنة ، فكانت مساحة الدولة المصرية تحت حكم أسرة محمد على 3.7 مليون كيلو متر مربع وكانت تضم السودان و دارفور و كردفان و غزة وأجزاء من أوغندا و أثيوبيا و ليبيا و تشاد.
فكانت دول الجوار هى إثيوبيا وأوغندا وبلاد الشام وتركيا ، وجاء عهد الملك فاروق لتضم مصر «غزة، السودان، وجزءًا من ليبيا، وجزءاً من تشاد ، ثم جاءت الحقبة الجمهورية ليتم تحديد وتعيين الحدود المصرية بوضعها الحالى بعد انفصال السودان عن مصر ، وكانت هذه التغيرات فى الحدود المصرية عاكسة لفترات ضعف او قوة الدولة المصرية ، وفى فترات الاحتلال جرت محاولات للعبث بالحدود المصرية واقتطاع اجزاء ضخمة من الأراضى التى تقع تحت السيادة المصرية ولكنها لم تكن ارضاً مصرية تاريخيا ، فالسودان وأجزاء من إثيوبيا وتركيا وبلاد الشام كانت جميعها تحت العرش الملكى او الإمبراطورى لمصر.
قامت بريطانيا التى كانت تحكم العالم ومستعمراتها تغطى الكرة الأرضية ببتر اذرع مصر الجنوبية فى السودان لأسباب واهداف مازلنا نتحدث عنها الآن ، وجاءت اتفاقية سايكس بيكو لتضع خطوطا ومنحنيات على الخرائط الجغرافية فتظهر دول جديدة وحدود جديدة وبالتالى جيران جدد للدولة المصرية ، فقد خلفت تلك الاتفاقية أربعة جيران جدد لمصر ، السودان جنوبا وليبيا غربا وفلسطين واسرائيل شرقا ، واليوم ندخل حقبة جديدة ودورة جديدة من دورات الزمان ، بيد أننا نعيش حالة مماثلة لسايكس بيكو لكنها تحمل اسماً مختلفا لا ادرى ماذا هو ، لكنه قد يكون ترامب / نتنياهو على سبيل المثال ، فحدود دول جوار مصر مرشحة للتغيير والتبديل على الاتجاهات الأربعة ، والسؤال الذى يبحث عن اجابة هو جيراننا الجدد من يكونون ؟