حظى ملف الدواء باهتمام كبير من الدولة لذلك سعت إلى توطين صناعة الدواء والمستلزمات الطبية باعتباره مسألة أمن قومى وتوفير الدولار الجمركى لشراء المواد الخام وأنشئت هيئة الدواء المصرية لتتولى كل ما يتعلق بالدواء وتأمينه كسلعة إستراتيجية كما تم استحداث إدارة الامداد الدوائى والطبى المركزية للشئون الصيدلية منذ 2019.
تعد مدينة الدواء «جيبتوفارما» بالخانكة محافظة القليوبية واحدة من أكبر المدن الدوائية الفريدة فى الشرق الأوسط والتى ستجعل مصر مركزاً إقليمياً لصناعة الدواء جاذباً للشركات العالمية والتى افتتح الرئيس عبدالفتاح السيسى المرحلة الأولى منها فى أبريل 2021 وهى أحد أهم المشروعات القومية التى سعت الدولة لتنفيذها لامتلاك القدرة التكنولوجية والصناعية الحديثة فى هذا المجال الحيوى مما يتيح للمواطنين الحصول على علاج دوائى فعال وآمن وعالى الجودة ويمنع أية ممارسات احتكارية ويضبط سوق الدواء ويواجه نقص الأدوية وكذلك السعى للتصدير بالعمل وفق أحدث أساليب التكنولوجيا الحديثة.
المدينة الدوائية تقام على مساحة 180 ألف متر بطاقة إنتاجية 300 مليون عبوة سنوياً على مرحلتين المرحلة الحالية على مساحة 120 ألف م2 تشمل «مبنى إنتاج الأدوية التقليدية – المبانى الإدارية – مبانى الخدمات الصناعية – الشبكات» ويضم مصانع إنتاج الأدوية وتتكون من 15 خط إنتاج يتم تصنيع كل الأشكال الصيدلية فيها من أقراص وكبسولات وفوارات ومستحضرات دوائية للشرب فضلاً عن مخازن آمنة تشغل مساحة 7 آلاف متر.
المرحلة المستقبلية على مساحة حوالى 60 ألف م2 مخصصة لمصانع إنتاج الأدوية المعقدة مثل الأورام والهرمونات والأمصال واللقاحات وكذلك إنتاج أدوية الأمراض المزمنة مثل أدوية الضغط والقلب والسكر والكلى والمخ والأعصاب والمضادات الحيوية وكذلك المشاركة فى الأدوية التى تستخدم فى بروتوكولات علاج كورونا وتعمل بإجمالى 160 خطا لتصنيع 150 نوعاً من الدواء.
تطبق مدينة الدواء ما يعرف بـ»ممارسات التصنيع الجيد للدواء» ويعنى أعلى معايير الجودة مع توفير نظام حوكمة إلكترونى والاهتمام بالموارد البشرية لتوفير عامل مدرب وتعد الآلات والماكينات فى المدينة هى الأحدث فى العالم حيث تم استيرادها من شركات أوروبية وأمريكية وهى إلكترونية بالكامل حيث يقتصر دور العامل البشرى على إعطاء المعلومات للماكينات فقط وتنتج 40 مستحضراً فيما يبلغ إجمالى المستحضرات المسجلة وتحت التسجيل 120 مستحضراً.
كما يتواجد فى المشروع منطقة أخرى تضم 5 خطوط إنتاج تعمل على تصنيع الأمبولات والفيال والمحاليل وأدوية العيون وأدوية البنج ما يجعل كلتا المنطقتين تغطيان كل الأشكال الصيدلية المطلوبة فى الدولة.
تستهدف المدينة التكامل مع شركات القطاع الخاص عبر تعاون كبير معها مع العمل على تلبية احتياجات السوق المحلية فى مراحل المشروع الأولى ثم التصدير بنسب تتراوح بين 25 إلى 30٪ من الإنتاج على مراحل وتسعى المدينة إلى التعاون مع الشركات الدولية والعالمية وفتح آفاق تصدير للبلدان الأفريقية والعربية وأوروبا عبر الحصول على شهادات الاعتماد الأوربية.
اتفاقيات تعاون مع شركات الدواء العالمية
فى إطار حرص الدولة على توطين الصناعات الإستراتيجية والنهوض بقطاع صناعة الدواء فى مصر لما يمثله من أهمية لخدمة المواطن المصرى قامت بعقد شراكات واتفاقيات تعاون مع العديد من شركات الدواء العالمية ذات الخبرة الكبيرة لتوفير الأدوية الحديثة وأدوية التكنولوجيا الحيوية.
منها الاتفاق مع شركة سانوفى الفرنسية لتوطين إنتاج عقار بلافيكس R أحد أهم الأدوية لمرضى القلب وتصنيعه محليا بمدينة الدواء جيبتوفارما وكذلك التعاون فى إنتاج مستحضرات جديدة أخري.
توقيع مذكرة تفاهم بين الرابطة الإيطالية لشركات الأدوية والمعهد العالى للتقنية فى روما واتحاد الصناعات المصرية بهدف توسيع الشراكات الاستثمارية بين شركات الأدوية المصرية والإيطالية ونقل تكنولوجيا التصنيع بما يدعم توطين صناعة الأدوية والمستلزمات الطبية لتغطية السوق المحلى والتصدير للدول الأفريقية والشرق الأوسط وتعزيز سبل التعاون لتبادل الفرص التدريبية والمهنية للكوادر الطبية بما يضمن صقل مهاراتهم.
كذلك توقيع عقد شراكة إستراتيجية بين مدينة الدواء المصرية وشركة أبوت الأمريكية للصناعات الدوائية للتوسع فى توطين إنتاج الدواء محليا بأسعار اقتصادية تناسب المواطن المصرى وبجودة عالمية وتستهدف تصنيع 6 أصناف من أدوية المسكنات والمضادات الحيوية بطاقة إنتاجية 155مليون عبوة خلال 5 سنوات باستخدام نحو 9٪ من الطاقات الإنتاجية لـ»جيبتوفارما».
بالإضافة إلى توقيع شراكة إستراتيجية بين مدينة الدواء المصرية وشركة روش العالمية.
أوضح الدكتور عمرو ممدوح رئيس مجلس إدارة جييارما أن مدينة الدواء هو مشروع قومى تم إنشاؤه كرؤية للقيادة السياسية فى تمكين المريض المصرى من الحصول على دواء آمن وبسعر مناسب و إن أحد أهدافه الإستراتيجية هو أن تكون مصر مركزاً إقليمياً لجذب الشركات العالمية للتصنيع المشترك وتوطين صناعة الدواء والتصدير مؤكداً ثقة الشركات العالمية فى الإمكانيات الفنية والتقنية والبشرية لجيبتوفارما وأن مدينة الدواء تسير وفق نهج ورؤية متطورة هدفها بناء الثقة مع شركاء النجاح اعتماداً على الجودة والتطوير أثناء مراحل العملية التصنيعية مضيفاً أن الحوكمة والإستراتيجية المتبعة داخل الهيئة لها دور كبير فى التقييم والمتابعة المستمرة وسرعة اتخاذ القرارات العاجلة وأعلن أن المدينة ستنتج 95 مستحضراً دوائياً جديداً بنهاية عام 2024 بعد أن نجحت فى الفترة الماضية لتوفير 3 أدوية لعلاج كورونا ولفت إلى تعاون المدينة مع 7 شركات عالمية رائدة فى مجال الصناعة الدوائية مما يشجع على الاستثمار فى هذا المجال.
أشار إلى مراحل خطوط الإنتاج للصناعة الدوائية بالمدينة منذ افتتاحها الرئاسى فى إبريل 2021 حتى إنتاج 26 مليون عبوة دواء عام 2023 وصولاً إلى مستهدف المدينة بأن يصل حجم الإنتاج لـ60 مليون عبوة فى عام 2024
مؤكدا أن الشراكة سيكون لها دور بارز فى بناء ثقة المستثمرين الأجانب والتعاون فى تشغيل خطوط دوائية جديدة والعمل على تحقيق الاكتفاء الذاتى من الدواء.
تصنيع مشتقات البلازما
جاء مشروع التصنيع والاكتفاء الذاتى من مشتقات البلازما كأول مصنع فى أفريقيا والشرق الأوسط انطلاقاً من إدراك الرئيس السيسى لأهمية التصنيع فى القطاع الصحى ولتوطين هذه الصناعة بمصر وتوفير أدويتها لأكثر من 2 مليون مصاب بأمراض الدم المشروع انطلق فى يوليو 2021 بـ6 مراكز لتجميع البلازما كمرحلة أولى من أصل 12مركزاً بـ5 محافظات «القاهرة، الجيزة، المنيا، الغربية، الإسكندرية» بطاقة 99 جهازاً لفصل البلازما كما يضم كل مركز غرف تجميد لحفظ البلازما بسعة 18 ألف لتر وهو ما يعد نقلة نوعية لمصر فى المجال الصحى حيث يساهم المشروع فى تحقيق الاكتفاء الذاتى من مشتقات البلازما كما أن 100٪ من الأدوية المشتقة من البلازما تكون منقذة للحياة.
سيخدم المشروع 9 أمراض مزمنة أبرزها الكلى والكبد وبعض أمراض القلب والهيموفيليا والمناعة وسرطان الدم بخلاف توفيره لاحتياجات مصر من مشتقات البلازما وسعى الدولة من خلاله للتصدير للبلدان الأفريقية
وتسابق وزارة الصحة الزمن للانتهاء من المشروع القومى لتجميع وتصنيع مشتقات البلازما والتى تعتبر من أثمن وأدق مجالات التصنيع البيولوجى فى العالم عبر شراكة مع شركة جريفولز الإسبانية وبواسطة شركة «أكديما» المملوكة للدولة المصرية وبنك الاستثمار القومى وشركة SK بلازما الكورية حيث إنه يعد مشروعاً إستراتيجياً يخدم الأمن القومى المصرى وسنفذ المشروع على مرحلتين الأولي: إنشاء مركز لجمع البلازما والمرحلة الثانية إنشاء مصنع لتصنيع البلازما بتكلفة 100 مليون دولار وتشغيل المصنع يتطلب جمع 15 طن بلازما فى العام.
وقد ارتفع عدد مراكز تجميع البلازما إلى 10مراكز بعد افتتاح مركز التبرع بمدينة السادس من أكتوبر وجرى تجهيز 20 مركزا خلال عام 2022 وفقا للمعايير العالمية بتكلفة 89 مليون جنيه وذلك بالتوازى مع إنشاء مصنع لتجميع وتصنيع مشتقات البلازما بالعاصمة الإدارية الجديدة لتوطين تكنولوجيا التصنيع فى هذا المجال وتحقيق الاكتفاء الذاتى من مشتقات الدم وتوفير الأدوية المصنعة من مشتقات البلازما.
أكدت الدكتورة نيفين النحاس المشرف على المشروع أن التبرع بالبلازما يتم مرة كل أسبوعين وفقاً لإرشادات منظمة الصحة العالمية وهناك فوائد عديدة للتبرع أهمها تنشيط النخاع العظمى للمتبرع لإنتاج خلايا دم جديدة وتنشيط أجهزة الجسم المسئولة عن تجديد بروتينات البلازما بالإضافة إلى إجراء فحص دورى بالمجان للمتبرع يشمل جميع الأمراض والفيروسات للاطمئنان على حالته الصحية.
قال الدكتور عمرو الشيخ مدير وحدة المشروع القومى للاكتفاء الذاتى من مشتقات البلازما إن المشروع ينقسم لمرحلتين الأولى مرحلة التبرع ثم مرحلة التصنيع وهذا يحتاج تكنولوجيا شديدة التعقيد للوصول لتلك المستحضرات حيث إن البلازما التى نأخذها هى المادة الخام الأساسية التى نصنع منها الأدوية التى تعد العلاج الوحيد لبعض الأمراض مثل أمراض الكلى والكبد وبعض أمراض القلب والحروق والهيموفيليا وأمراض المناعة وسرطان الدم.