تصدرت المسئولية الطبية مناقشات البرلمان فى الأشهر الماضية.. وتعددت الجلسات لمناقشة هذا الأمر من أجل الخروج بتشريعات تجرم أخطاء مقدمى الخدمات الطبية وتعرضهم للعقاب فى حالات التقصير أو الاهمال.. طبعاً أمر هام ومطلوب ولا خلاف عليه.. ولكن كثرت التساؤلات من مقدمى الخدمات الطبية وغيرهم عن السبب وراء الاهتمام الزائد بتعجيل الخروج بهذه التشريعات.. ولماذا اختصت مهنة الطب دون غيرها.. بالطبع نوافق أن الطبيب الذى يهمل يجب أن يعاقب.. كذلك المهندس.. والمحاسب.. والتاجر.. وأى موظف.. ويجب أن ينطبق ذلك أيضا على الهيئات والدوائر الحكومية والمؤسسات.. وكل من يعمل بها أو يديرها.. أو يكون مسئولاً عنها.. فمثلاً عامل التليفونات فى مصلحة حكومية والذى يهمل أو يسيء الرد على المكالمات الواردة.. يجب أن يحاسب.. ومدير المصلحة الذى يهمل فى الإشراف على نظافتها أو صيانتها يجب أن يحاسب.. المدير الذى لا يحسن توفير مناخ مريح وإنسانى للتعامل مع الجمهور يجب أن يسأل.. كذلك المناصب الكبيرة التى ترأس مؤسسات أو هيئات أو أى كيان حكومى يجب أن تحاسب إن لم تؤد هذه الكيانات واجبها فى تحقيق الغرض الذى أنشأت من أجله على الوجه الأكمل.
ما يتم الآن فى الدوائر الحكومية هو المراقبة والتدقيق فى الأمور المالية بصفة أساسية.. سمعنا عن موظفة تم إحالتها للتحقيق لأنها تشحن الموبايل باستخدام الكهرباء فى مكتبها.. وهكذا الحال فى كل صغيرة وكبيرة فى أى معاملة مع أى موقع حكومي.. سواء مع الموظفين أو الجمهور.. إجراءات ونظم عجيبة من أجل ضمان شفافية المعاملات المالية.. فتتعدد المعاملات والمستندات والمكاتبات والأوراق حول الأمور المالية أو ماله علاقة بها.. هذا هو محور الاهتمام الأساسى فى المعاملات الحكومية.. أما نوعية الخدمات أو سرعة الاستجابة أو نوع المعاملة فهذه أمور ثانوية.. لن تقيم.. ولن يسأل عنها أحد.. ولن توضع لها أى اعتبارات وظيفية أو إدارية.. المهم الموظف يؤمن موقفه فى الأمور المالية.. ورغم كل هذا الحرص يجد البعض من الأبالسه الثغرات التى يستطيعون من خلالها أن تكون أوراقهم تمام التمام.. ولكن حقيقة الأمر مخالفة لذلك تماماً.
أعتقد أنه قد حان الوقت لأن نركز اهتماماتنا على نوعية الأداء وفعاليته فى كل موقع خدمى أو إنتاجى ونحن نمر بهذه المرحلة الحرجة من مسيرتنا نحو العودة الى التميز.. لابد أن نلتزم بالجدية والإيجابية وحسن الأداء فى كافة المعاملات والمواقع.. ولابد من تشجيع من يجيد وعقاب من يهمل.
إذا تحدثنا عن الاهمال.. فأنا أذكر ما آل إليه الحال بكوبرى قصر النيل.. وهو الكوبرى التاريخى والذى يعد من المعالم التراثية لمدينة القاهرة.. أول كوبرى ينشأ على النيل وهو شاهد على أحداث تاريخية كثيرة ويحرص كل من يزور مصر على رؤيته والتمتع بجمال ليل القاهرة وأنوارها ونيلها.
لقد أصبح من الضرورى الآن أن نسعى جميعاً إلى الاهتمام بتحسين جودة الإنتاج ونوعية الخدمات وتميز الأداء.. لابد من الجدية.. نعمل بجد وننتج بجد.. نكافيء من يجيد.. ونعاقب من يحيد.