الأرض كروية أم مسطحة.. نقاش دار بين عدد من الزملاء، استوقفنى قليلاً وودت أن نتشارك فى بعض منه، فقد وصفه أحد الحضور بأنه علم لا ينفع وجهل لا يضر.. ووصفه آخر بأنه يظهر صحيح الإيمان بالدين ومدى توافق العلم مع الدين من عدمه، بينما تحدث أحدنا حول ما وصل إليه العلم من إنجازات متعددة فى شتى المجالات، وبين ما نختلف حوله فى هذا النقاش. يظهر جلياً لأى باحث عن الحقيقة أن الأرض الكروية – مثلما اقر العلماء – لا تتعارض مع ما جاء فى كتاب الله، فرغم أن اكتشاف علماء الفلك لحقيقة أن الأرض كروية الشكل بعد دراسات وبحوث استغرقت مئات السنوات، لكن قبل أكثر من 1400 عام كان للقرآن الكريم السبق فى ذكر هذه الحقيقة، حيث تشير آياته وتؤكد على أن الأرض كروية الشكل، وهى بذلك ليست فى حقيقتها ممتدة امتداداً ينتهى عند حافة من الحواف كما كان يتصور الأقدمون ويعتقدون، ولكن الأرض ذات شكل بيضوى كالكرة، وذلك ما تقتضيه سنة الطبيعة فى دورتها الرتيبة المنتظمة، وما تقتضيه عجلة الكون المتحرك الدقيق، ولو لم تكن الأرض على هذا النحو من الاستدارة لتعطلت نواميس الخلق على هذا الكوكب، ولباتت الحياة على ظهره مشلولة أو مستحيلة. قوله تعالي: «وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ»، كلمة (سُطِحَتْ) تعنى مُهدت وبسطت أمام البشر، فأنت مهما سرت على الأرض تجدها مسطحة وممهدة أمامك، وهذا لا يتحقق إلا بالشكل الكروي. الدلائل التى تؤكد لنا أن الأرض كروية، جاءت فى آيات متعددة ومنها قوله تعالي: «لَا الشَّمْسُ يَنبَغِى لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ» ، فقد جاء ذلك رداً على السابقين لفهمهم أن اليوم يكون مبتدئاً بالنهار ثم يعقبه الليل، فكأن سبحانه وتعالى يقول لهم لا يسبق النهار الليل ولا يسبق الليل النهار، ولكنهما كليهما موجودان معاً وفى آن واحد، وأيضا يدل على كرويتها الظاهر من دلالة النص القرآنى «وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِى فَلَكٍ يَسْبَحُونَ»، وقوله تعالي: «خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِى لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ»، لكن ادراك ما سبق يجب أن يتزامن مع إدراكنا لصور وكالة ناسا التى التقطها تلسكوب جيمس ويب، والتى تعود لمجرات تبعد عنا 290 مليون سنة ضوئية، وبعضها لمجرات ونجوم يعود تاريخها لأربعة مليارات ونصف المليار سنة ضوئية، التلسكوب التقط صورا لمجرات وكواكب ونجوم تعود لـ 13 مليار ونصف المليار سنة ضوئية.. وللحديث بقية.