تتصاعد الأزمة ونرى ألسنتها المشتعلة أمام أعيننا وعلى الهواء مباشرة، اسرائيل تضرب المصالح الإيرانية فى العمق السورى، ايران تهدد بالانتقام من اسرائيل، الولايات المتحدة تهدد ايران بألا تفعل، وتوجه لوما باهتا لإسرائيل حيث إنها لم تنسق معها من قبل، جماعة الحوثى مستمرة فى تهديد الملاحة الدولية وليس هناك علاقة بين ما يجرى فى جنوب البحر الأحمر وفى شماله، الوضع الفلسطينى يزداد سوءا وهناك خطة لاجتياح رفح يرددها نتنياهو فى كل مناسباته، لكن المتابع لما يجرى على الساحة الدولية يلاحظ بسهولة أننا نعيش فترة «إعادة التشكيل» وإعادة ترتيب الجمل الجيوسياسية فى إطار المتغيرات الجارية على الأرض، فالحرب الباردة بنسختها التقليدية قد انتهت ونتائج الحرب العالمية الثانية قد تآكلت وأعداء الامس صاروا هم حلفاء اليوم، لذلك نتابع مرحلة مخاض ميلاد نظام عالمى جديد متعدد الأقطاب يقوم على فكرة «الإقليمية الجديدة» حيث تظهر فى الافق العديد من التكتلات البازغة فالتكتل العربى الجديد الذى يضم مصر ودول الخليج والعراق والاردن يعد نموذجا لفكرة الاقليمية الجديدة، كذلك التكتلات فى جنوب شرق اسيا ودول الاسيان والتكتلات الاوروبية وتكتلات العالمين الروسى والتركى وغيرها، لكن تبقى القارة الافريقية هى المرتع الآمن لكل القوى الدولية لبناء تكتلات معها، الصين تحركت بسرعة وذكاء وموضوعية فتسيدت المشهد الافريقى رغم ما يثار عن فكرة «المشروطية الاقتصادية».
روسيا فعلت نفس الشئ لكن عن طريق «المشروطية العسكرية» اما فرنسا فحاولت استدعاء الماضى فى التعاطى مع ملفات القارة فكانت «المشروطية التاريخية» تصطدم بـ«المشروطية السياسية» ومحاولة امريكا فرض ثقافتها ومبادئها على العالم ومنه القارة الافريقية بالطبع، لكن وقبل أن تستغرق فى شرح أبعاد الاهداف الامريكية ومن قبلها الصينية والروسية وجب علينا أن نسأل انفسنا اولا ماذا نريد نحن من علاقاتنا مع تلك الدول الكبرى؟