يتشابه رأى الشهيد جمال حمدان فى التحليل الإستراتيجى لخصوصية موقع مصر مع السير هالفورد ماكندر (1861-1947) الجغرافى البريطاني، الذى أصل لنظريات الجغرافيا السياسية «الجيوبوليتكا» 1904 عندما قام بتأليف كتابه الشهير «المحور الجغرافى للتاريخ» إذ يعد أشهر كتب الجيوبوليتيك، كما لنظرية «قلب الأرض» التى تحدث فيها عن أسباب قوة ألمانيا لامتلاكها مقدرات القوة من الموارد الطبيعية والبشرية والجغرافية وأن حواشى الأرض أو أطرافها مهما بلغت قوتهم فهم إلى فناء لبعدهم عن مركز الأرض لأن من يملك مزايا وهبات الجغرافيا يملك العالم، وتحدث عن إمكانية حدوث ذلك فى شمال افريقيا لذات الاسباب، … وربما، وتلك فرضية، إن الشهيد جمال حمدان أراد أن يثبت من خلال عبقرية الموقع الجغرافى لمصر قدرتها على التحكم فى قلب الأرض، وكذلك كانت عبقرية هذه الجغرافيا لمصر سببا فى أطماع الحاقدين عليها ومن أسباب احتلالها. وبسبب قناعته بموقع العرب الجغرافى المتميز كانت مؤلفاته «دراسات فى العالم العربي» 1958 و» المدينة العربية « 1964 أما من منطلق المبدأ القائل «إعرف عدوك» فعكف على دراسة اليهود بدقة علمية ما بين الجغرافيا والتاريخ حتى صدر كتابه الأهم»اليهود الانثربولوجيا» 1967 الذى لفت الأنظار إليه هو شخصيا وقدم لنا عرضا علميا عن أصل اليهود بخلاف ما يدعونه أو يروجون إليه ونتحدث ايضا عن كتابين لهما من الأهمية ما يستوجب عرضهما بشيء من التدقيق والبحث فى ثنايا سطورهما، وتصادف إصدارهما فى ذات العام 1976 ورغم اختلاف نوايا مؤلفيهما إلا أن الكاتبين توصلا ـ تقريبا ـ لذات الحقيقة العلمية وهى التى تتلخص فى أن اليهود ليسوا لهم ثمة حق فى المناداة بأن «فلسطين» هى وطنهم الأول، ولأن الأمر بمثابة التجديف ضد التيار أو ضد رغبة القوة الكبرى فى العالم كما يحلو للشهيد حمدان وصفها ـ هذه القوة العالمية الكبرى مع مندوبتها فى المنطقة ـ إسرائيل ـ فيقول بمفردات تؤكد انتماءه الفلسفى لثورة يوليو 1952 وما نحتته تلك الثورة فى سياقها الفلسفى والفكرى من مفردات لها من الدلالات الكاشفة لأهدافها بجلاء عظيم، ويقول الشهيد جمال حمدان:» …إنها استعمار عميل لا يمكن أن يحقق أهدافه لولا المساعدة الكاملة من أصحاب السيادة العالمية، واستعمار استيطانى سكنى إحلالى على حساب أهل الأرض الأصليين، واستعمار توسعى يتمدد فى الأرض ليحقق حلمه فى إسرائيل الكبري»… تلك مفردات الشهيد جمال حمدان عندما يفكر ويكتب عن الكيان الصهيونى وداعمه الأكبر رمز الامبريالية العالمية، ومن هنا أجد ضرورة فى البدء من تعليق إيفان جولدشتاين وهو محرر بصحيفة وول ستريت جورنال، حيث يتحدث عن النقد الذى وجهه الساميون لأحد الكتابين اللذين سنتعرض لهما وأيضا وجهوا نقدا لهذا المؤلف الذى حاول تفنيد رأى أحد هؤلاء القلائل الذين دافعوا عنه وهو شلومو ساند المؤرخ والأكاديمى بجامعة تل ابيب والذى دافع عن الكتاب الذى آثار ضجة عالمية «السبط الثالث عشر» ونستكمل فى القادم ان شاء الله.