هل كُتب على جراحنا أن تظل مفتوحة ونازفة وغير قابلة للالتئام؟ هل تحولت جراحنا إلى مسلسلات طويلة ومملة ومتعددة الأجزاء؟ وماذا جرى فى إقليمنا المنكوب؟ لا أحد يعرف على وجه اليقين الإجابة على كل أدوات الاستفهام ماذا ولماذا وكيف ومتي، لكننا جميعًا نعرف الإجابة على أداة الاستفهام «أين» فيمكننا أن نقول فى فلسطين ولبنان وليبيا والسودان واليمن والصومال وكذلك سوريا والعراق، يمكن أيضًا أن نجيب على أسئلة البدايات لكننا لا نملك الإجابة عن أسئلة النهايات، يخيفنى دوما مقولات تتردد على ألسنة الناس العاديين مثل «اللى انكسر مبيتصلحش» وكذلك ما يردده الخبراء بأن الخرائط التى تعكس خطوط الجغرافيا لا يجب العبث فيها وبها، فإن حدث – كما يقول الخبراء – فلن تعود تلك الخرائط كما كانت، لكن دروس التاريخ علمتنا أن الأمم المتماسكة لا تنكسر مهما تعمقت الجروح وظهرت القروح وازداد النزيف واشتد الألم، فقط التاريخ نفسه أخبرنا وحذرنا من انفراط عقد الأمم والشعوب تحت رايات العنصرية والطائفية والعرقية والقبلية، الغريب أن كل جرح عربى يفتح لا نستطيع إغلاقه ويستمر ينزف ويتسع ويؤدى إلى جراح جديدة، فهل المشكلة فى عدم القدرة على معالجة تلك الجراح أم انها عدم الرغبة فى القيام بذلك؟ ام أن جراح هذا الزمان لا تطيب أبدا؟ كنا نبكى على فلسطين ونحن صغار ثم كانت العراق التى نزف القلب مع احتلالها ثم توالت الصدمات وتعددت الجراح العربية من ليبيا إلى سوريا إلى السودان إلى اليمن إلى لبنان، لقد تعددت وتنوعت جراحنا وصار النزيف لا يتوقف والخشية كل الخشية ألا يتحمل الجسد العربى آثار كل هذه الجراح فيسقط أرضًا دون قيامته مجددًا، العجيب أن هناك من كفر بعناوين القومية والأممية والعروبة والعمل المشترك والآمال والآلام المشتركة وباتت الأحلام فردية أو بالأحرى باتت خطط الإنقاذ أحادية، واليوم نعيش مرحلة نهاية الحروب الخاطفة والحاسمة وندخل فى عصر «الحروب المملة» فالحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا دخلت عامها الثالث والحرب الإسرائيلية الفلسطينية الحالية دخلت فى شهرها الثانى عشر والحرب الأهلية السودانية دخلت عامها الثانى، تلك هى أنماط الحروب الحالية والدائرة الآن فى محيطنا الإقليمى والتى تدفعنا إلى التفكير فى نمط تلك الحروب ومساراتها المختلفة، بيد أننا أمام نوعية من الحروب التى يمكن أن نطلق عليها.. «الحروب المملة» حيث تكون هناك أسباب لاندلاع تلك الحروب مستهدفة تحقيق حزمة من الأهداف ومع عدم تحقيق تلك الأهداف تستمر الحرب مخلفة وراءها أهدافًا جديدة مع الفشل فى تحقيق الأهداف الأساسية وهذا ينطبق على الحرب الدائرة فى قطاع غزة.