من فوق فوهة أكبر بركان خامل فى العالم أمضيت 48 ساعة من الاستماع والنقاش والتفكير، بعد جولة استكشافية وتفقدية لأطلال مدينة كانت مقصد الباحثين عن الجمال، كنت هناك فى عدن، إحدى أهم مدن «اليمن الجريح» الذى كان فى يوم ما «اليمن السعيد».. ذهبت إلى هناك كى أعرف حقيقة المشهد اليمنى وأفهم ما بين سطور الأزمة الطاحنة التى يعانى منها العالم بأسره جراء ما يجرى فى جنوب البحر الأحمر.. جلست مع رئيس اليمن فى مكتبه المؤقت فوق جبل المعاشيق الشاهق كى استجلى الحقيقة واستشرف المستقبل، تحدث د.رشاد العليمى بوعى وعمق شديدين من كافة النواحى التاريخية والسياسية والعسكرية والأمنية والجيوسياسية التى ترتبط بشكل مباشر وغير مباشر بالشأن اليمني، ويمكننى أن أضع يدى على العناوين العريضة التى خرجت بها من هذا اللقاء، وهى كما يلي:
– الدولة الوطنية هى الحصن الصخرى الذى يجب الحفاظ عليه مهما كانت التحديات والتضحيات.
– إذا ضعفت الدولة المركزية فسيكون الطريق ممهدا لظهور الميليشيات المسلحة من دول الدولة.
– لن تستطيع قراءة ما يجرى امام عينك بشكل صحيح دون أن يكون لديك اطلاع واسع على مجريات وحركات وحلقات التاريخ.
– كل الجماعات التى تتخذ من الدين مطية للوصول الى الحكم مفسدون فى الأرض ولا يؤمنون بالدولة وفكرتها ولا الوطن وفلسفته.
– امتلاك المياه والتحكم فيها لن يكون دون امتلاك اليابسة والتحكم فيها وهذا ينطبق على أى دولة.
– الربيع العربى كان بمثابة حقنة مسمومة غرست فى جسد الأمة العربية وأدت الى كل ما تعانى منه الآن.
– استشراف المستقبل بات امراً صعبا للغاية نتيجة تلك التغيرات المتلاحقة والمعقدة.
– واقع اليمن مؤلم لكننا نراهن على المستقبل وهذا المستقبل مرهون بإرادة الشعب اليمني.
– المجلس الرئاسى هو مجلس سلام وتنمية وليس مجلس حرب.
هذه الساعات المحدودة التى أمضيتها فى هذا البلد الطيب خرجت منها بحزمة من القناعات تدور جميعها عن الدولة الوطنية وما يجب أن نصنعه من أجل الحفاظ عليها ، كنت اجلس وأستمع الى حكايات الخلاف وأسبابه ومسبباته وضحاياه وكنت استدعى مقولات الرئيس السيسى المتكررة عن الدولة الوطنية والوعى والفهم ووحدة الشعوب والتنمية وأهميتها وتكلفتها، وبعد ان وصلت إلى القاهرة وبعد مرورى من دائرة الجوازات صحت بينى وبين نفسي: «تحيا مصر»
«بجد مصر كبيرة وكبيرة أوي»