يجب علينا أن نفتخر بالمواطنين الفلسطينيين فى فلسطين عامة وفى جباليا وبيت لاهيا خاصة، يجب علينا الاعتزاز بصمود الآباء والأمهات والأبناء ضد حرب إسرائيل الهمجية والإبادة الجماعية، يجب علينا أن نرفع رأسنا إلى أعلى وأن نتمسك بعروبتنا عند مشاهدة قوة مقاومة شباب جباليا وبيت لاهيا منذ السابع من أكتوبر وحتى الآن.
تصدت جباليا وبيت لاهيا للهجوم الإسرائيلى منذ بدايته وتم تدمير معظم المبانى والطرقات خلال نوفمبر 2023، وعلى النقيض حققت المقاومة الفلسطينية فى المدينتين أكبر خسائر فى صفوف الجنود العسكريين الإسرائيليين جنوداً وضباطاً، طوال الـ 400 يوم، وبالرغم من نزوح 400 ألف فلسطينى فى مشاهد يندى لها الجبين حيث رأينا تحرك الآباء والأمهات على أقدامهم حاملين أطفالهم وقليلاً من المتاع تاركين منازلهم وأثاثهم وفرشهم ونتائج مجهود حياتهم متجهين إلى المجهول.
وبالرغم من إعلان إسرائيل منذ أول ديسمبر 2023 استكمالها السيطرة الميدانية على كل مدن شمال القطاع شاهدنا يوم 27 ديسمبر 2023 قصفاً شديداً ومستمراً لمربعات سكنية ومنازل مأهولة فى جباليا وبيت لاهيا.. وبعد تنفيذ التدمير الكلى وتحرك القوات الإسرائيلية نحو جنوب القطاع وتدمير خان يونس وغزة ورفح الفلسطينية ورجوع عشرات الآلاف من أهالى بيت لاهيا وجباليا إلى منازلهم المهدمة نظراً لتمسكهم بأراضيهم ومقاومة الإبادة الجماعية وتشجيع الأبناء على التمسك بمبادئ المقاومة والاستبسال وعدم تركها للمستعمر الصهيوني.
استمرت أعمال المقاومة فى جباليا وبيت لاهيا.. ولا ننسى جميعاً موقعة جباليا التى تم فيها قتل 21 جندياً وضباطاً إسرائيلياً داخل منزل تم تفخيخه مسبقاً بواسطة المقاومة الفلسطينية.
نظراً لقوة وصمود المقاومين فى المدينتين، حيث تقع مدينة جباليا بسكانها المائة ألف قبل الحرب على بعد 4كم شمال مدينة غزة ويتبعها شمالاً مخيم جباليا الذى تم تشييده عام 1949 لاستيعاب اللاجئين الفلسطينيين النازحين من باقى مدن فلسطين التى احتلت بواسطة إسرائيل بسكانه الـ 110 آلاف نسمة قبل الحرب وهو أكبر مخيم فى قطاع غزة وتعتبر قرية النزلة جباليا امتداداً لسكان مدينة جباليا ويقطنها 20 ألف نسمة وتقع بيت لاهيا شمال جباليا بجوار مدينة بيت حانون وخط غلاف غزة وسكانها قبل الحرب 95 ألفاً.
ونظراً لقوة وصلابة المقاومة الفلسطينية فى جباليا وبيت لاهيا وقدرة الفلسطينيين على تنفيذ عمليات مقاومة شبه يومية وتدمير العشرات من دبابات ميركافا وناقلات جند وجرافات وتنفيذ كمائن مركبة وقنص جنود وإطلاق صواريخ إلى بعض المستعمرات الإسرائيلية.. بدأت إسرائيل معركة برية مكثفة منذ ثلاثين يوماً وحتى الآن على جباليا والمخيم وبيت لاهيا والنزلة بواسطة ثلاثة ألوية وتنفيذ أعمال تدمير لم يشاهدها التاريخ الحديث شاملاً تدمير عشرات مراكز الإيواء والنزوح التى تضم عشرات الآلاف من النازحين الذين هربوا من منازلهم بحثاً عن الأمن والأمان ولكنهم وجدوا أمامهم القتل بكل وسائل الاحتلال من طائرات مقاتلة وطائرات الكواد كابتر أو القناصة الإسرائيليين أو الإعدامات الميدانية أو الدهس بالدبابات والمركبات وتفجير وتدمير كل المنازل والمدارس والمساجد وارتكاب مجازر ضد منازل العائلات ووصل الأمر إلى استشهاد أكثر من 2000 فلسطينى فى جباليا وبيت لاهيا منذ أوائل أكتوبر 2024 وحتى الآن وجرح 4500 فلسطينى ومئات المفقودين والقبض على 1600 شاب وممرض واقتيادهم إلى أماكن مجهولة داخل إسرائيل.
استهدفت إسرائيل المستشفيات واقتحامها وطرد الجرحى وهدم مخازن الأدوية وحرقها وخروج المستشفيات الثلاث العودة وكمال عدوان والأندونيسى عن الخدمة الطبية وتعمل إسرائيل بكل قوة على إجبار الفلسطينيين لترك أراضيهم ولكن بالرغم من ذلك نجد الصمود والاعتزاز بالأرض من أهالى جباليا وبيت لاهيا وبالرغم من هذا الحصار ومنع دخول الماء والغذاء والدواء تنفيذاً لسياسة حرب التجويع التى لم يشهد مثلها التاريخ الحديث.. مازلنا نرى أعمالاً فدائية ومقاومة مستمرة من المقاومين الفلسطينيين فى جباليا وبيت لاهيا وسقوط قتلى وجرحى من الجنود الإسرائيليين بصورة يومية مع التدمير المستمر للدبابات والمركبات وآخرها قتل ثلاث جنود بإيقاعهم داخل كمين محكم تم إعداده بواسطة شباب المقاومة الذين لا يأكلون أو يشربون ماء ويقيمون فى العراء بدون غطاء ليلاً ونهاراً.
هنا يجب علينا جميعاً الوقوف تحية وإجلالاً للآباء والأمهات والأبناء وشباب المقاومة الفلسطينية فى جباليا وبيت لاهيا لصمودهم ضد العدوان الإسرائيلى الغاشم وتمسكهم بأراضيهم.
هل تصدق باكتشاف إسرائيل منذ سبعة أيام فقط نفقاً داخل مدينة جباليا به إمكانيات تصنيع لمكونات الذخائر والمقذوفات الهاون الميكانيكية بعد مرور 400 يوم من هجومها المستمر على قطاع غزة.
هل تصدق فشل إسرائيل فى العثور على 110 أسرى إسرائيليين بالرغم من اجتياحها لكل أراضى القطاع التى تصل مساحته حوالى 360 كيلو متراً مربعاً فقط والتى تساوى مساحة مدينة نصر والتجمع الأول والخامس.. إنها الإرادة والعزيمة والإصرار والمقاومة التى ليس لها بديل لمقاومة التمدد الإسرائيلى وإيقافه عند حده والحفاظ على الأراضى العربية والشعب العربى وعروبته.