يحتفل الشعب المصرى هذا الأسبوع بمرور 72 عاماً على ثورة 23 يوليو 1952 التى نجح من خلالها جمال عبدالناصر بأفكاره الوطنية والتنموية والسياسية وارتباطه الوثيق بالمواطن المصرى والعربى فى تحويل الثورة إلى ثورة شعبية فى جميع الاتجاهات وكان الهدف الرئيسى للثورة حتى وفاة الزعيم جمال عبدالناصر فى 28 سبتمبر 1970 هو المواطن المصرى والعربى والأفريقي.
بالنظر للشعب المصرى نرى أنه كان يتكون قبل الثورة من طبقة متميزة مادياً واجتماعياً وعلمياً لا تتجاوز النصف فى المائة وباقى الشعب المصرى فى حالة فقر وأمية وإذلال وقهر والعمل لدى الطبقة الأخرى بأقل عائد مادى وكان 85٪ من إجمالى الشعب المصرى الذى يقطن القرى يعيش بدون كهرباء ومياه نقية وصرف صحى وسكن آدمى وبدون تعليم ورعاية صحية واجتماعية، لتحقيق مبادئ الثورة بالنسبة للمواطن المصرى تم إصدار قانون الإصلاح الزراعى وتمليك الفلاحين المعدمين أراض زراعية مما أدى إلى شعور أولادهم بالعزة والكرامة والانتماء للوطن والاتجاه نحو التعليم الذى اهتمت به الدولة من خلال إنشاء آلاف المدارس بالقرى والمدن والنجوع وتأهيل المعلمين فى جميع التخصصات وإنشاء جامعة أسيوط كأول جامعة فى الصعيد وتطوير جامعات القاهرة والإسكندرية وعين شمس وإنشاء المعاهد العليا داخل كل محافظة ونشر التعليم المجانى حيث كان والدى يسدد خمسين قرشاً للمدرسة سنوياً مقابل تعليمي، وكنت أسدد سنوياً خمسة جنيهات بالكلية الفنية العسكرية أثناء دراستى بها واقبض إثنى عشر جنيهاً شهرياً لتفوقى علمياً.
اهتم عبدالناصر بتطوير الريف المصرى بإدخال الكهرباء والمياه النقية بعد أن كنا نعتمد على اللمبة الجاز والكلوب حتى نهاية خمسينيات القرن الماضي، ولتحقيق مطالب التطوير من الكهرباء تم تشييد السد العالى فى ستينيات القرن الماضى بمجهود المهندسين والعمال المصريين لتوليد 2.8 ألف ميجاوات الذى كان يساوى ضعف ما كان يتم إنتاجه داخل مصر من المحطات البخارية فى ذلك الوقت وتم تشييد الوحدات الصحية والجمعيات التعاونية الزراعية ومكاتب البريد ورصف الطرق وإنشاء مئات الترع والمصارف الزراعية ونشر الإرشاد الزراعى والتحول إلى الميكنة الزراعية مما أدى إلى زيادة انتماء أهل القرى للوطن وتغيير نظرتهم للحياة ورجوع الابتسامة والأمل لهم ولأولادهم.
واقتناعاً من الزعيم جمال عبدالناصر بأهمية تحقيق الأمن القومى وزيادة القدرات الوطنية وعدم الاعتماد على المستعمر فى تلبية مطالب الشعب المصرى تم التركيز على تطوير الإنتاج الصناعي، وبالفعل تم إنشاء آلاف المصانع الكبيرة والمتوسطة فى جميع المجالات، بالإضافة إلى تطوير بعض المصانع التى تم تأميمها.. مما أدى إلى زيادة فرص العمل وتحقيق عائد اقتصادى ونمو سنوى لا يقل عن 6٪.
ولرفع شأن المواطن المصرى تم الاهتمام بالرياضة وإنشاء مراكز الشباب والرياضة داخل القرى والاهتمام بالفن والثقافة وإنشاء المراكز الثقافية فى كل المحافظات وتعميق مبادئ الوطنية والانتماء للوطن وتكريم المتفوقين علمياً وثقافياً وفنياً ورياضياً واجتماعياً كل عام.
ولا ننسى دور ثورة 1952 فى جلاء القوات البريطانية من مصر وتأميم قناة السويس عام 1956 وتحقيق الوحدة الوطنية بين مصر وسوريا عام 1958 والتى كانت نواة للوحدة العربية الشاملة ولذلك تكالبت عليها قوى الشر والطغيان وتم الانفصال عام 1961.. وفى مجال إنشاء جيش مصرى وطنى قوى تم الاهتمام بالصناعات الحربية حيث نجحت مصر خلال عشرة أعوام فى إنشاء عشرات المصانع الحربية الكبرى التى تحوى داخلها عشرات الوحدات الإنتاجية المتنوعة، وتنفيذ بالتعاون مع الهند مشروعات صناعية حربية تتم فى ذلك الوقت لأول مرة داخل منطقة الشرق الأوسط حيث تم النجاح فى إنتاج واختبار طائرة مقاتلة حربية وصواريخ بعيدة المدى بمجهودات العلماء والعمال المصريين وبالإمكانيات الإنتاجية والبحثية داخل المصانع المصرية.
يا شباب مصر ويا رجال ونساء مصر الذين ولدوا بعد عام 1970 أؤكد لكم بأن مصر وأهلها استمروا طوال 21 عاماً فى تأكيد مبادئ الكفاح والحب والتعاون والشعور بالعزة والكرامة والوطنية منذ 1952 حتى عام 1973.. مما أدى إلى تربية أجيال تحب بلدها ويبذلون الغالى والنفيس من أجلها.