مازالت مبادئ ثورة 23 يوليو فى الأذهان راسخة.. فذاكرة الأمة ووجدانها يحمل معالمها وما أحدثته من تغيير جذرى فى حياة الشعب المصرى والشعوب العربية وغير العربية قاطبة.. فقد تناول أحد مبادئها هموم الكادحين الذى يمثلون لبنة المجتمع الحقيقية.. فهم من يسعون إلى التغيير والتنمية عبر مناخ يسوده العدل وتعضده فلسفة تكافؤ الفرص، ليصبح الإنسان قادراً على العطاء وتقديم أفضل ما لديه، بعد إعداده بصورة مقصودة من خلال مؤسسات تعليمية توفر له مقومات اكتساب الخبرة بتنوعاتها.
تحقيق الثورة لديمقراطية التعليم القائمة على مبدأ تكافؤ الفرص، يدل على استراتيجيتها الواضحة والمعلنة فى بناء مستقبل الأمة المصرية التى حملتها وجدانيات الضباط الأحرار منذ اللحظة الأولي.. حيث أكدت ممارسات وإجراءات ما بعد الثورة المباركة أمراً جامعاً يتمثل فى بناء مجتمع يمتلك الكفايات والكفاءات والمناخ العادل، بما يسهم فى إحداث تنمية مستدامة بعقول أبناء مصر، التى قطعاً يتم تأهيلهم من خلال مؤسسات تعليمية تؤهلهم لسوق العمل، وتعزز بهم قطاعات الإنتاج فى ربوع الوطن الحر، وتفتح للدولة آفاق التعاملات الخارجية التى تدر ثمرتها على البلاد والعباد.
بمراجعة مبادئ الثورة المجيدة، يتأكد لدينا دحرها لصور التمييز واللامساواة والطغيان وقصور امتلاك الثروة فى أيدى مارست صور الفساد والإفساد والظلم، وشتى ممارسات هدر الإنسانية لقرون على أرض المحروسة، ومن ثم فُرضت مجانية التعليم بغية تعضيد وتعزيز الوعى لدى أبناء الأمة وشبابها، بل جاء الاهتمام بمحو الأمية من قبيل معرفة الحقوق والواجبات وفتح مسارات وآفاق المعرفة لجموع الشعب.
وفى ضوء إشراقات الثورة المباركة تعالى الإقبال على التعليم، وزاد الطلب من كل فئات المجتمع كونه طاقة الأمل التى تمسك بها المصريون بعد فترات من الاحتلال، وأكد أن تكافؤ الفرص ليست كلمة أو شعاراً، لكنها ممارسة وإجراء رسخ فى وجدان وقلوب الشعب.
ومن ثمرات ثورة يوليو على التعليم، السعى المستدام تجاه تطوير المناهج التعليمية وتنوع المؤسسات وفق سلمها، لتحاكى ما تقدمه دول سبقتنا بمراحل، ولا ننسى مساهمة المؤسسات الدينية، وفى مقدمتها الأزهر الشريف الذى كان له دوراً كبيراً فى نهضة التعليم، خاصة بعد الثورة.. كما سعت الدولة فى تحديث خبراتها فى مجال التعليم على وجه الخصوص عبر مزيد من الابتعاث، الذى ساعد فى الارتقاء بالخبرات التى استفاد منها قطاع التعليم المصري، واستطاع أن يفرز علماء فى شتى المجالات، وعاملين مهرة يمتلكون الفكر المستنير والخبرة التى أحدثت النهضة.