الهباش: مصر هى الضامن الرئيسى لتنفيد الاتفاق
عبد المحسن:مسودة الهدنة صناعة مصرية
اليوم سيكون مختلفا فى غزة .. سيتنفس أبناء القطاع الصعداء مع بدء تنفيذ اتفاق الهدنة على الأرض.
فرحة عارمة تسيطر على كل الفلسطينيين املا فى توقف نزيف الدماء بعد أن فقدوا عشرات الآلاف من الشهداء والمصابين.
مصر بعد أن ظلت طوال الفترة الماضية تلعب الدور المحورى فى جهود وقف إطلاق النار وقدمت الصيغة الحاسمة للاتفاق والتى كانت الاساس فى الهدنة الحالية. تبدأ اليوم مرحلة جديدة بدورها الاصيل فى متابعة تنفيذ الالتزام من الطرفين بالهدنة، من خلال غرفة العمليات الخماسية التى تتخذ من القاهرة مقر لها لمتابعة الاتفاق .. مصر تتحرك فى كل هذا وفق ثوابتها الواضحة التى اظهرتها بعد منذ اليوم الأول سواء الرافضة لتصفية القضية أو تهجير الفلسطينيين أو ما يتعلق بحقوق الاشقاء فى دولتهم المستقلة على حدود 4 يونيو 67 وهو نفس ما تستكمل به مصر دورها الآن فاذا كان هدفها منذ البداية وقف الحرب حقناً لدماء الفلسطينيين فهى الآن أيضاً تواصل مهمتها التاريخية فى متابعة الالتزام بتنفيذ الاتفاق بما يحقن الدماء ويعيد الاستقرار والأهم ان يقود هذا إلى الهدف الأكبر وهو الدولة الفلسطينية المستقلة.
هذا ما يؤكد عليه خبراء السياسة الاستراتيجية.
فيقول اللواء أيمن عبدالمحسن عضومجلس الشيوخ والمتخصص فى الشأن العسكرى والاستراتيجي، ان مصر الدولة الوحيدة فى العالم التى وضعت رؤية شاملة لاتفاق الهدنة فى غزة، وترتيبات ما بعد وقف اطلاق النار «واليوم التالى للحرب»، ومسودة اتفاق الهدنة الذى وضعته مصر فى يوليوالماضي، تضمنت ثلاث مراحل، وهى نفس بنود الاتفاق الحالي، ونفس المبادرة التى أعلنها الرئيس الامريكى بايدن، وتشمل كل مرحلة ستة أسابيع، وعدد من الإجراءات تنتهى بالمرحلة الثالثة، وهى الانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية، خارج القطاع، والبدء مباشرة باجراءات اعادة الاعمار، والتأكيد على اهمية ايصال المساعدات الاغاثية والإنسانية للشعب الفلسطيني، فى ظل الازمة الإنسانية التى يعانيها أهل غزة، و التى تعد الأكبر فى العصر الحديث، وإصرار مصر على دخول ما لا يقل عن 600 شاحنة منهما 50 شاحنة وقود لإعادة عمل القطاع الصحى ومولدات الكهرباء فى المستشفيات، وكل ما يلزم المستلزمات المعيشية، الى جانب 300 شاحنة تخصص لصالح فلسطينى شمال غزة، فى ظل الحصار الذى فرضته القوات الإسرائيلية على الشمال، والمعروفة بخطة الجنرالات.
وثمن اللواء عبد المحسن إبرام الاتفاق بجهود مشتركة مع قطر والولايات المتحدة لإيجاد صيغة مناسبة، وفرض الضمانات لتنفيذ بنود هذا الاتفاق، من خلال الاجتماع التنسيقى الذى عقد أول أمس بالقاهرة، لبحث تنفيذ اليات الاتفاق، بحضور وفود من مصر وقطر وفلسطين وامريكا واسرائيل، ويتم من خلال غرفة العمليات المشتركة المشكلة من دول الوساطة لمتابعة وتنفيذ بنود الاتفاق، ومتابعة تبادل الاسرى ودخول المساعدات وعدم اختراق بنود الاتفاق.
اللواء عبدالمحسن يؤكد ان مصر على مدار أكثر من 15 شهراً، ومنذ اندلاع الحرب على غزة، اكدت على ثوابتها ورؤيتها تجاه ما يحدث، من خلال عدد من المحاور، على رأسها وقف اطلاق النار وتسهيل دخول المساعدات وتبادل الاسرى والعمل على اعادة الاعمار، والتفاوض على شكل اليوم التالى للحرب فى غزة، مع التأكيد منذ اللحظة الاولى لاندلاع الحرب على التحذير من محاولات تصفية القضية الفلسطينية، وفرضت مصر الخطوط الحمراء، كما رفضت مصر التهجير القسرى والنزوح من غزة الى خارجها، بالإضافة إلى التأكيد على اهمية الانسحاب من محور فيلاديلفيا، وان تكون السلطة الفلسطينية على الجانب الآخر من معبر رفح، بناء على اتفاقية المعابر، وان الشرعية لادارة المعبر من الجانب الفلسطيني، تكون بيد السلطة الفلسطينية بالتعاون مع الاتحاد الاوروبي، وفق اتفاقية المعابر 2005 وهذه الثوابت المصرية الحاسمة هى التى دعمت الموقف الفلسطينى بشكل كبير فى صمودهم وتحديهم للمخطط الإسرائيلى ولهذا كانت الاشادة والتقدير لجهود مصر وخلال فترة الحرب، وادخالها المساعدات وتلقى الجرحى وعلاجهم، والتفاوض من أجل إنهاء الحرب، من كل انحاء العالم، كما أن مصر قدمت مثالا للدبلوماسية الرائعة من أجل الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني، وحرص من المفاوض المصرى على اهمية حفظ حقوقه وعدم التفريط فى الثوابت التاريخية، بالحق الفلسطينى فى اعلان دولته، وما قام به المفاوض المصرى من اجل التأكد على تنفيذ بنود الاتفاق وعدم تراجع اسرائيل، عن أى التزام وان الشرعية للسلطة الفلسطينية فى إدارة شئون قطاع غزة باعتبارها الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني، يؤكد ان مصر هى الداعم والحريص على حقوق الفلسطينيين.
المستشار محمود الهباش مستشار الرئيس الفلسطينى وجه الشكر للقيادة المصرية على دعمها المتواصل للقضية الفلسطينية ومساندتها الدائمة، وجهود الوساطة مؤكداً ان مصر هى الضامن الرئيسى لتنفيذ الاتفاق، كما ان فكرة تجسيد تأكيد ان صاحب الولاية فى الضفة والقدس وغزة هى دولة فلسطين ومنظمة التحرير الفلسطينية، هو ما أكدته مصر فى العديد من المواقف الدولية وشددت عليه.
كما ان ثوابت مصر التى أكدت عليها مصر طوال الــ 15 شهراً الماضية هى التى منحت الفلسطينيين القدرة على استمرار الصمود وقال إننا مع الجهود المصرية المكثفة للاطمئنان على سير الاستعدادات النهائية لوصول المساعدات لقطاع غزة، وضرورة تنفيذ حل سياسى مبنى على قرارات الشرعية الدولية، وتنفيذ بنود الاتفاق التى تمت بالوساطة المصرية الامريكية القطرية، والجهد الدبلوماسى غير المسبوق من أجل عقد مؤتمر دولى للسلام وحشد الاعتراف الدولى بدولة فلسطين وحصولها على العضوية الكاملة فى الأمم المتحدة، وذلك لتحقيق الامن والاستقرار فى المنطقة .
العميد طارق العكارى الخبير الإستراتيجى والاقتصادى العسكرى يرى ان الصراع الأخير فى غزة والشرق الأوسط بشكل عام ألقى الضوء على العديد من الثوابت والأبعاد التى يجب أن نأخذها فى الاعتبار، على الرغم من نجاح الوسطاء والاطراف فى التفاوض، إلا أن المستقبل القريب يحمل الكثير من المتغيرات التى ستؤثر على دول المنطقة بشكل عام والدروس المستفادة تتعلق بالوعى الشعبي، وأهمية توازن القوى الداخلية، وأثر التنظيمات المسلحة على استقرار الدول، والانقسامات الداخلية فى إسرائيل التى ستكون لها تبعات طويلة الأمد.
قال ان قطاع غزة والمنطقة بأكملها مرت بتطورات كبيرة خلال الـ 15 شهراً الماضية، منذ بداية التصعيد العسكرى بين حركة حماس وإسرائيل حتى نجحت مصر، الولايات المتحدة، وقطر فى التوصل لهدنة بعد جهود مضنية، آخر هدنة بين الاطراف المتنازعة فى 21 نوفمبر2023، برعاية مصرية كاملة وتم تبادل بعض الاسرى والمحتجزين، إلا أن العدوان الإسرائيلى استؤنف مجدداً فى 4 ديسمبر وفى هذه الفترة، برزت مجموعة من الثوابت التى يجب الوقوف عندها وفهم أبعادها، منها عدم قدرة إسرائيل على الوقوف بمفردها كدولة قادرة على الدفاع عن نفسها بشكل كامل، طوال الـ 15 شهراً الماضية، نوه العكارى إلى انه خلال هذه الفترة، ظهرت أحداث مفصلية على الساحة الدولية، مثل قرار محكمة العدل الدولية بإدانة إسرائيل، واصدار قرار باعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهووعدد من المسئولين الإسرائيليين، كما شهدنا فى أبريل الماضى تعرض مبنى السفارة الإيرانية فى دمشق للهجوم، مما أدى إلى دخول حزب الله وإيران فى المعادلة بشكل أكبر، فضلاً عن جبهات المساندة من الفصائل المختلفة فى المنطقة، والاغتيالات السياسية والمتغيرات التى حدثت على مدار هذه الفترة تشير إلى أن ما كان يعرف بمحور الممانعة، الذى يتضمن حزب الله وحماس والحشد الشعبى فى العراق وغيرهم قد تأثر بشكل كبير، وأصبح من غير المرجح أن يكون بنفس القوة والتأثير كما كان فى السابق.
قال ان الانقسامات الداخلية فى إسرائيل وتأثيرها من الثوابت التى ظهرت خلال هذه الفترة، وهى الانقسامات الداخلية فى إسرائيل، خاصة بين أهالى المحتجزين وأزمة التجنيد لفئة الحرديم، هذه الانقسامات تسببت فى حالة من الإرباك على المستوى الداخلي، حيث بدأ يعانى الجيش الإسرائيلى من الإنهاك نتيجة لتصاعد وتيرة الحرب وتأثيرها على الروح المعنوية للجنود، ومع مرور الوقت، من المتوقع أن تتصاعد هذه الانقسامات بعد انتهاء الحرب، مما قد يؤثر بشكل كبير على الاستقرار الداخلى فى إسرائيل وعلى قدرتها فى التصدى لأى تحديات مستقبلية، هذه الانقسامات بين الشعب والجيش ستضع إسرائيل أمام تحديات جديدة على الصعيد الاجتماعى والسياسي، وتحتاج الكثير من الوقت والجهد لإصلاح هذه الشروخ التى ظهرت فى وحدة المجتمع الإسرائيلي.