فى الجمهورية الجديدة كل شيء مختلف وله معنى ومغزى ورسالة، وحوار الرئيس عبدالفتاح السيسى مع طلبة الأكاديمية العسكرية المصرية منذ أيام كان له أكثر من مغزى ومعنى ورسالة، وأعاد إلى ذاكرتى حقيقة الوضع الاقتصادى وقت أن بدأت مسيرة الإصلاح الاقتصادى والذى كان يمكن أن يؤدى إلى كوراث اقتصادية قد تصل إلى إفلاس الدولة وتحولها إلى دولة فاشلة اقتصاديا، خاصة بعد استنزاف الاحتياطى النقدى الذى يمثل القدرة الاقتصادية للدولة فى خلال ثلاثة أعوام فقط عقب أحداث يناير 2011، وعلى هذا الأساس تم تحديد أولويات الإصلاح بما يضمن إعادة بناء الركائز الاقتصادية بالكامل.
الآن وفى ظل ظروف غير عادية نجد أن الشواهد والمؤشرات الاقتصادية فى نهاية عام 2024 تطمئنا على المستقبل القريب والبعيد للاقتصاد المصري، وكان نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى انتهجته الدولة بمثابة طوق النجاة، وحقق طفرة اقتصادية غير مسبوقة وعبور اقتصادى تحولت نتائجه إلى واقع ملموس يتمثل فى اقتصاد قوى ومتنوع يعتمد على آليات قوية ومتوافقة مع الاقتصاد العالمى بشهادة المؤسسات الدولية، ولعل رصد ومتابعة المؤشرات الاقتصادية خلال السنوات الأخيرة يؤكد أن البرنامج كان يسير فى الطريق الصحيح وحقق نجاحات ملموسة فى كثير من المجالات، وأصبح نموذجا يحتذى به على المستوى الإقليمى والدولي، لأنه أعتمد على ركائز أساسية ساهمت فى تحقيق النجاح فى مقدمتها إرادة الدولة التى انعقدت على مواجهة الوضع الاقتصادى بواقعية كاملة وجرأة شديدة غير مسبوقة.
نجاح البرنامج الاقتصادى جاء رسالة قوية ومباشرة للمغيبين من أنصار الجماعة الإرهابية ومريديها الذين لا يكلون ولا يملون من ترويج الشائعات والأكاذيب المغرضة، بالأضافة إلى أنه جعل الدولة المصرية قبلة المستثمرين فى الوقت الذى خرجت فيه العديد من الاستثمارات من مختلف الدول، وكان ذلك بفضل نجاح سياسات وتوجيهات القيادة السياسية فى تحسين بيئة الأعمال ومناخ الاستثمار، وانعكس ذلك على حياة المواطن الذى كان البطل الحقيقى وتحمل أعباء هذا البرنامج رغبة منه فى بناء دولة عزيزة قوية قادرة على بناء تنمية مُستدامة له ولأولاده فى المُستقبل، بداية من توفير فرص عمل تضمن دخلاً مناسباً له وحياة كريمة لأسرته.
ومن أهم ثمار نجاح الإصلاح الاقتصادى الأخيرة ارتفاع قيمة الاحتياطى النقدى الأجنبى الذى يساهم فى تأمين احتياجات مصر من السلع الأساسية والاستراتيجية إلى 47.1 مليار دولار لأول مرة فى تاريخه، وهذه الزيادة بشكل مستمر تعد دلالة قوية على قوة الاقتصاد وتعزز الثقة فيه حيث إن الاحتياطى الحالى أصبح يغطى حوالى 8 أشهر من الواردات السلعية وهو يعد أكبر من الحد المعترف به دولياً ويعرف بثلاثة شهور، بالإضافة إلى التوقعات التى تشير إلى دخول مصر استثمارات أجنبية مباشرة أخرى خلال الفترة المقبلة خاصة من الدول الخليجية وستساهم فى زيادة السيولة الدولارية ودعم تحسين سعر الصرف واستقرراه، وكذلك توفير العملة الأجنبية للمصنعين والمنتجين لمساعدتهم على زيادة استيراد مستلزمات الإنتاج والمواد الخام وزيادة الإفراجات الجمركية عن السلع بالموانئ، فينعكس ذلك بالإيجاب على زيادة الإنتاج وخفض تكلفة الإنتاج وزيادة المعروض من السلع والبضائع بالأسواق.
كلمة فاصلة:
ببساطة.. لا يمكن إغفال حجم النجاحات والإنجازات التى شهدتها مصر خلال العشرة أعوام الماضية وكانت بمثابة حائط السد المنيع لمصر واقتصادها أمام الآثار السلبية الكبيرة للأزمات العالمية، وعلى الرغم من ذلك مازال الإصلاح مستمراً لتحسين مناخ الاستثمار وخلق المزيد من فرص العمل والاهتمام بالسياحة توفيرالخدمات لها، وكذلك ضبط الأسواق والحد من استهلاك السلع الترفيهية، ولكى تكتمل الصورة يبقى أننا نحتاج إلى دور وطنى من التجار ورجال الصناعة بعدم المبالغة فى المكاسب واستغلال حاجة المواطن.