من يتابع الرئيس السيسى جيداً على مدى السنوات الماضية يدرك أنه لا يمنح ثقته إلا لمن يستحقها، ويثبت أنه أهل لها، ثقة الرئيس غالية لأنها أمانة كبيرة والرئيس يقدر الأمانة ويعرف معنى المسئولية، ولذلك فثقته تعنى الكثير، وليست صكا دائمًا أو شيكًا على بياض، بل ثقة تفرض على من يحظى بها أن يعمل بشكل مستمر من أجل إثبات أنه جدير بها.
وعندما يجدد الرئيس الثقة في الدكتور مصطفى مدبولى فمعنى هذا أن الرجل قدم على مدى ست سنوات ما يجعله أهلا لهذه الثقة، بالطبع ليس هناك بشر معصوم من الخطأ، وعندما يكون المسئول رئيس وزراء فلا مجال للاجماع عليه، ولا مكان للحديث عن نجاحات دائمة، المسئولية العامة كما فيها نجاحات فيها أيضا اخفاقات ملفات تنجز وأخرى تواجه عقبات، قرارات تصيب وأخرى قد لا تلقى القبول العام، كل هذا وارد بل يحدث في كل مكان في العالم.
لكن المتفق عليه أن الدول لا تدار بالقطعة ولا تتعامل بموازين الاحكام والانطباعات الشخصية والراحة النفسية، ولا النوايا، وإنما تدار بما يتحقق على أرض الواقع والأرقام التي تترجم نجاحات أو تكشف أخطاء، والمؤشرات التي تعبر عن تغيير حدث ويحدث، كشف الحساب الختامي هو المعيار والحكم على مستوى أى حكومة.
وكشف حساب الدكتور مدبولي فيه الكثير من النجاحات التي تجعله جديرا بثقة الرئيس ومؤهلا لقيادة الحكومة خلال الفترة المقبلة، بالطبع أيضا فيه ما أغضب المواطن أحيانا وما جعل البعض يطالب بالتغيير خلال الفترة الماضية، لكن الكل يعلم ان حكومة مدبولى لم تكن تعمل طوال ست سنوات في حالة من الهدوء والأجواء التي تساعد على الانجاز الذي كنا نحلم به، ولم تكن تملك عصا موسى، وإنما كانت تعمل وسط تحديات صعبة كانت كفيلة بأن تفشل اى . حكومة، لكنها صمدت وتحدث وأنجزت والمؤشرات وتقارير المؤسسات الدولية كافية لاثبات ذلك.
ليس هناك ما يمنع أن نقول اننا نختلف مع حكومة السنوات الست الماضية في العديد من السياسات، لكن أيضا لا يمكن ان نتجاهل ما واجهته من تحديات كبيرة إقليميا ودوليا، أمنياً واقتصاديا منطقة مشتعلة وحروب وصراعات تؤثر على كل معدلات الانجاز، ناهيك عن الاستهداف المباشر لمصر والذي لم يكن يخفى على أحد حتى وان رفضت الحكومة اعتباره مبررا تلجا إليه عند الضرورة، ومع ذلك هناك إنجازات لا تخطئها عين ومنها معدلات النمو، وإنجاز المشروعات، والبطالة التي تراجعت إلى معدل غير مسبوق ( 6.8 والاحتياطي النقدى الذى سجل رقما تاريخيا (46) مليارا) وعودة السياحة، وتوفير السلع رغم صعوبة ذلك.
بالطبع الانصاف يفرض أن نعطى كل ذي حق حقه والحق يقول ان الرئيس السيسى كان في المقدمة منذ أول يوم دافعاً وداعماً، متحملا المسئولية بجرأة ويدير الملفات بحسم ولا يتردد في اتخاذ أي قرار يحقق صالح الدولة والمواطن حتى ولو كان ثمنه شعبيته نفسها، والاهم ان الرئيس يرفض تماما لعبة كبش الفداء التي أجادها كثيرون من قبل وطوال السنوات العشر الماضية.
كان الرئيس يرفض ان يحمل الحكومة وحدها مسئولية أى قرار حتى ولو كان لا يحظى برضاء الشارع، بل كان دائما ما يتصدى ويحمل نفسه المسئولية من منطق شهامة وقوة القائد.
دعم الرئيس بلا شك كلمة السر فى نجاح الحكومة، هناك ملفات لا يمكن إنجازها لولا التدخل والدعم الرئاسي، لكن أيضا لا يمكن انكار ان الرئيس وجد في مدبولي شخصية المسئول القادر على تحمل القرار والذي يمتلك رؤية في تنفيذ التوجهات وسياسات الدولة واقتحام الملفات، رجل لا يهدأ ولا يتوقف عن العمل، دون صخب أو افتعال أزمات أو التحجج بمعوقات ولهذا كانت الثقة الرئاسية في محلها.
وكان الرهان على مدبولي في تحقيق التكليفات العشر في المرحلة الجديدة بما تتضمنه من طموحات يسعى الرئيس لتحقيقها من أجل المواطن، وكما أنجز مدبولى ما سبق، يقينا سيكون قادرا على إنجاز الجديد، بعد أن يعيد هيكلة حكومته وتجديد دمانها وتطوير أدواتها بما يتوافق مع التحديات الجديدة.
أيا كانت نسبة التغيير في شخوص الوزراء فهى رؤية رئيس الحكومة المكلف حسب المعايير التي وضعها الرئيس والتكليفات الواضحة التي تحدد أولويات الفترة المقبلة والمطلوب إنجازه وما ستتم محاسبة الحكومة عليه.
رهان الرئيس على حكومة جديدة بقيادة مدبولى وتضم كفاءات وأصحاب خبرات هدفه – كما قال الرئيس السيسى نفسه – تطوير الأداء الحكومي ومواجهة التحديات وإنجاز ما حدده من أولويات في خطاب التكليف، وعلينا جميعا ان ندعم هذه الحكومة ونمنحها فرصة للنجاح الذي نحتاجه بشدة استكمالا لبناء دولتنا وترسيخ دعائم الجمهورية الجديدة، مع اليقين بأننا لن نعدم المساءلة للحكومة عندما تخطئ إعلام وبرلمان لن نصمت على خطأ ولن نقبل تباطؤ ولن نغفل سلبية بل سنكشف مواطن الخلل، ومثلما نشيد بالنجاحات بفخر سنشير إلى أي تقصير بوضوح، وهذا هو عين ما أكد عليه الرئيس.. وما تحتاجه اى حكومة رشيدة كي تواصل النجاح.