أتصور أن ثقافة المقاطعة للسلع التى ترتفع أسعارها بشكل جنونى وبدون مبرر ربما نجنى ثمارها خلال أسابيع محدودة إذا ما التزم المستهلكون بسياسة الاستغناء والبحث عن بديل للسلع منخفضة الأسعار حيث اجبرت حملات مقاطعة أسواق الأسماك التجار على تخفيض أسعارها التى تراجعت بنسب تتراوح بين 50٪ و70٪.
وصل صدى حملة «خليه يعفن» لأهالى محافظة بورسعيد لمقاطعة الأسماك إلى العديد من أبناء المحافظات الأخرى وعلى أثرها بدأت تتحرك حملات «بلاها دواجن ولحوم» بين أبناء الصعيد لمقاطعة اللحوم البيضاء والحمراء حتى تعود أسعارها لحالتها الطبيعية ولمكافحة شرودها وجنونها.
ليس من المعقول أننا منذ 28 عاماً كنا نصدر إنتاجنا من الدواجن إلى نحو 29 دولة ونستهدف خلال الخمس سنوات المقبلة زيادة إنتاجنا إلى نحو مليارى دجاجة و26 مليار بيضة ونفاجئ فى يوم وليلة قفز الأسعار من 35 جنيها للكيلو للدواجن البيضاء إلى 90 جنيها والبانيه من 50 جنيها إلى أكثر من 190 جنيها!!
لم يتوقف جنون أسعار اللحوم البيضاء على الدواجن وإنما امتدت إلى اللحوم الحمراء لتقفز أسعارها من 200 جنيه للكيلو إلى اكثر من 400 جنيه دون مبرر!!
أتصور أن نجاح حملات فزاعة المقاطعة للسلع التى ترتفع أسعارها بشكل مبالغ فيه وتحترق معه جيوب المستهلكين منها سوف تمتد آثارها لتنظيف جيوب السماسرة وبعض من كبار التجار الجشعين.
من الأهمية إعلان تكلفة المنتج للسلعة من وزارة الزراعة بشكل منتظم ومستمر للسيطرة على فرق السعر بين المنتج والمستهلك وبما يضمن غلق منافذ الانتفاع للسعر المبالغ فيه والذى يستفيد منه السماسرة الذين يمارسون ضغوطاً على المنتجين ويحكمون قبضتهم على الأسواق بما يشجعهم على التلاعب بالأسعار لتحقيق أكبر قدر من الأرباح.
كما أن السيطرة على أسعار اللحوم البيضاء لن تتوقف فقط على حملات المقاطعة بل لابد من اتباع إجراءات الأمان الحيوى فى المزارع من حيث التهوية وطرح المزارع بعيداً عن الكتل السكانية ومن الأفضل تواجدها بالظهير الصحراوى لكل محافظة مع التعامل العلمى السليم وأساليب التدفئة بداخلها وبما يضمن تفادى إصابة الثروة الداجنة بانفلونزا الطيور والتى أطاحت بتصديرنا لها فى عام 2006.
أتصور أن مشروعات الإنتاج الداجنى الحكومية يمكنها ان تلعب دوراً مؤثراً وحاسماً فى انخفاض واستقرار أسعار اللحوم البيضاء والعودة إلى معدلاتها الطبيعية لتوفير الدواجن وبيض المائدة الذى قفز من 45 جنيهاً إلى أكثر من 160 جنيهاً للكرتونه الواحدة!!
كما انه من الأفضل مراعاة الاهتمام بمشروعات الدواجن المركزية التابعة للمحافظات لدورها المهم فى تحقيق الأمن الغذائى وتوفير لحوم الطيوروبيض المائدة بأسعار مناسبة للمستهلكين وبحيث نضمن لها أن تتحول لأن تكون قوة داعمة للناتج المحلى بتوفير مصادر للبروتين الصحى بأسعار أقل من اللحوم الحمراء.
نحن بحاجة لتحجيم دور السماسرة والوسطاء بمجال تداول اللحوم والدواجن بالأسواق لمنع ممارسات التلاعب بها مع تشديد الرقابة على صناعة الأدوية البيطرية والتصدى لممارسات التلاعب فى أسعار الأعلاف وتخزينها واحتكارها ومحاسبة المخالفين.