لم يحدث منذ الحرب العالمية الثانية أن اقتحم جيش دولة ذات سيادة أرض روسيا؛ لقد كان اقتحام الأوكران مقاطعة كورسك فى روسيا الأيام الماضية مفاجئًا نقل احتدام القتال إلى داخل أرض روسيا، من بعد ما ظلت الحرب القائمة عامًا عقيمًا لم يكتب فيها لأى من فئتيها نصر مبين، مذكرًا الروس بغزو الألمان للاتحاد السوفيتى من تلك البقعة فى صيف 1943.
المفاجأة أكبر عوامل نجاح العملية إذ مكّنت أوكرانيا من السيطرة على مساحة ألف كيلومتر مربعة بعمق 12 كيلومترًا، فيما ذكرت أوكرانيا، بها أكثر من 28 بلدة أُخرج منها عشرات الآلاف من أهلها بحثًا عن ملجًا ، لا سيما مع تبادل الفئتان حرب المسيرات والصواريخ.
يقول الخبير العسكرى فى «المعهد الأوكرانى للمستقبل» والمستشار السابق لشئون الأمن العسكرى فى برلمان أوكرانيا، إيفان ستوباك، إن جيش أوكرانيا كان يبث شائعة عن غزو روسيا مقاطعة سومى القريبة من مقاطعة كورسك للتخذيل عن إعداد أوكرانيا قوةً تريد منها اقتحام المقاطعة.
يصف محلل الشأن العسكري، يورى كنوتوف، عملية كورسك بـ«الهجوم الخاطف» و«اللحظة الأخيرة التى تسبق المفاوضات»، ويرى أن ما من غاية لأوكرانيا منها إلا التفاوض، بخاصة أن وزارة خارجية أوكرانيا قالت أمس إن أوكرانيا ستوقف هجومها فى كورسك إذا وافقت روسيا على «سلام عادل»، لكن فلادمير بوتين رئيس روسيا توعد بصد الهجوم ويرى خبراء أنه لا طاقة لأوكرانيا بمواصلة هجومها.
يتفق قول كنوتوف مع خبراء آخرين، لا سيما وأن الرئيس الأمريكى السابق والذى يرجح فوزه فى انتخابات 3 نوفمبر الرئاسية، دونالد ترمب، ليس من أنصار التوسع فى مد الأوكران بالسلاح وأنه يدعى قدرته على حل المشكلة مع الروس فى يوم، ويتوقع خبراء أن ما يقصده بالنجاح أن يسلم الأوكران أراضى إلى الروس حتى يتوقف القتال.
ويرى خبراء أن أوكرانيا تريد السيطرة على محطة كورسك النووية لإجبار موسكو على الانسحاب من محطة زاباروجيا، والاقتراب من مواقع تسهل قصف مواقع روسية مهمة. ولكن هل يطيق الأوكران مواصلة التوغل؟
يكاد يجمع الخبراء فى شأن روسيا أن انتقام روسيا لا بد أن يحدث وأنه سيشمل قصف مقار لحكومة أوكرانيا أو محطات وقود.
يرى الخبير العسكرى فياتشيسلاف شوريجين أن عملية كورسك أحرجت روسيا يضطرها إلى الانتقام دون حساب تكلفته.
يرى أيضًا أنه لا فائدة عسكرية مرجوة من عملية كورسك إلا بث الأمل فى نفوس الأوكران بعدما فشلوا فى الدفاع عن أرضهم فى منطقة دونباس.
لذلك سيشمل انتقام روسيا برأيه عشرات الأسلحة من مختلف الأنواع على رأسها صواريخ كروز وصواريخ باليستية ومسيرات، وهذا لا شك سيربك الدفاع الجوى فى أوكرانيا.
يرجح شوريجين أن يقصف الروس محطات الطاقة فى كييف عاصمة أوكرانيا لقطع الكهرباء وتعطيل المصانع العسكرية وورش الإصلاح فى جيش أوكرانيا، خاصة أن الشتاء قد اقترب وأن الأوكران يحتاجون الطاقة فى التدفئة وإلا فلن يطيقوا برد الشتاء.
لكن كنوتوف يرى أن قصف مبان ومؤسسات حكومة أوكرانيا لن يعود على الروس بفائدة لأن إدارة أوكرانيا تترس فى «أقبية»، على ما ذكره، مع أنه يقدّر أن روسيا لن تسمح لقوة الاحتياط ببلوغ كورسك وأنها ستضرب من أجل ذلك مرافق الاتصال والدعم والتحكم والسيطرة.