أكد رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى الحرص على رصد الخطوات التى تتم لترجمة توصيات منصة «الحوار الوطني» إلى إجراءات وبرامج عمل من جانب الوزارات المعنية، استكمالاً لاهتمام الحكومة بمتابعة كافة النقاشات بالجلسات المختلفة، وذلك تكريساً لدور هذا المحفل الوطني؛ الذى أطلقه الرئيس عبدالفتاح السيسي، فى استثمار المساحات المشتركة من أجل التحاور بين كافة فصائل المجتمع المصرى لرسم خارطة أولويات العمل الوطنى تجاه الجمهورية الجديدة.
جاء ذلك خلال متابعة ، رئيس مجلس الوزراء، الخطة التنفيذية لتوصيات الحوار الوطني، التى أسفرت عنها المرحلة الأولى من جلساته المنتهية أعمالها فى أغسطس 2023.
وأشار مدبولى إلى أن المرحلة الأولى من الحوار الوطني، التى امتدت على مدار 6 أسابيع من الجلسات النقاشية العامة، وأسبوعين من الجلسات التخصصية، بإجمالى 44 جلسة، انتهت إلى تقديم 133 إجراء موزعة على ثلاثة محاور، فى مقدمتها المحور الاجتماعى بإجمالى 61 إجراء، يليه المحور السياسى بواقع 37 إجراء، ثم 35 إجراء للمحور الاقتصادي، تم وضعها فى صورة تقرير مفصل وإرساله للجهات المعنية للدراسة وصياغة الخطط، مضيفاً أنه تم حصر المخرجات النهائية للحوار الوطنى ووضعها فى خطة تنفيذية تشتمل على الإجراءات التنفيذية المقترحة، والجهات المعنية بتنفيذها، والمدى الزمنى المقترح للتنفيذ، ومؤشرات مُتابعة الأداء الخاصة بالتنفيذ، وإعداد تقييم مبدئى لجدوى تنفيذ الإجراءات.
تفعيل دور المحليات
وصرح المستشار محمد الحمصاني، المتحدث الرسمى باسم رئاسة مجلس الوزراء، بأن «الخطة التنفيذية لتوصيات الحوار الوطني»، تضمنت رصداً للأهداف الرئيسية مصنفة للمحاور: السياسي، والاجتماعي، والاقتصادي، والإجراءات التنفيذية المرحلية المُقترحة، مضيفاً أن المحور السياسي، تضمن عدة أهداف، منها تفعيل دور المجالس الشعبية المحلية، حيث تم اقتراح إجراءات من بينها تشكيل لجنة من الخبراء والمتخصصين فى الشأن القانونى للتصويت على النظام الانتخابى الأكثر تناسباً للمجالس الشعبية، وسعياً لتطبيق هدف ضمان كفاءة المحليات وجودة الخدمات التى تقدمها، تضمنت الإجراءات التنفيذية المقترحة دراسة آليات إشراك المواطنين فى التخطيط وإدارة المشروعات، عبر تشكيل لجان التخطيط التشاركي، إلى جانب العمل على توفير برامج تدريبية للارتقاء بمستوى العاملين بالمجالس الشعبية المحلية، وانشاء لجنة استشارية لتأهيل الكوادر الشبابية المقبلة على الترشح لانتخابات المجالس الشعبية المحلية.
وحول المحور السياسى أيضاً، تمت الإشارة إلى هدف تعزيز الحريات الأكاديمية والبحث العلمى وتشجيع التفكير الإبداعي، حيث تم رصد إجراءات تنفيذية مقترحة، تتضمن توقيع عدد من بروتوكولات التعاون مع الجامعات الأجنبية المختلفة وتسهيل إجراءات تبادل الخبراء لتفعيل أفضل الممارسات الدولية، مع إنشاء منصة تحدد الأولويات البحثية للجامعات بما يتوافق مع أولويات الدولة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، إلى جانب هدف تكريس الفكر التعاوني، من خلال عقد ورش عمل للشباب بالجامعات لتعزيز هذا الفكر، وإدراجه بمختلف المناهج الدراسية.
وأضاف المتحدث الرسمى أن «الخطة التنفيذية لتوصيات الحوار الوطني» أولت اهتماماً بالغاً بـ «المحور الاجتماعي»، والذى جاء من بين أهدافه الرئيسية، تحسين الأنظمة والقوانين الحاكمة لقضية الوصاية على المال لحل مشكلات آلاف الأسر وتوفير المناخ الملائم للأم المصرية للاهتمام بتربية أبنائها بعد وفاة الأب، وفى هذا السياق، تضمنت أهم الإجراءات المقترحة وفقاً لمخرجات الحوار الوطني، دراسة تعديل المادة رقم (1) من قانون 119 لعام 1952 الخاص بأحكام الولاية على المال لتصبح الأم فى المرتبة التالية مباشرة للأب فى مسألة الوصاية على أموال القصر، وكذلك تعديل جميع القيم المالية الواردة فى قانون الوصاية على المال لتتناسب مع الوضع الاقتصادى الحالي.
حوافز … لريادة الأعمال
كما تضمن المحور الاجتماعى هدف تعزيز الإطار التشريعى والمؤسسى لريادة الأعمال، وجاء من بين أهم الإجراءات المقترحة، مناقشة الاستراتيجية الوطنية لريادة الأعمال، والنظر فى إمكانية جذب رواد الأعمال الشباب ومنحهم الحوافز لإقامة مشروعات ريادة الاعمال فى المناطق الحرة الخاصة والعامة، مع إشراف الوحدة الدائمة بمجلس الوزراء للشركات الناشئة على وضع إطار تنفيذى للجهاز المُنظم لنشاط ريادة الأعمال.
وفيما يتعلق بهدف تسريع تبنى التقنيات وتعزيز الإطار التكنولوجى لريادة الأعمال ـ ضمن المحور الاجتماعى تضمنت أهم الإجراءات المقترحة، العمل على الإسراع فى تقديم رخصة البنوك الرقمية وخاصة المختصة بالشركات الصغيرة والمتوسطة، وضرورة إنشاء قاعدة بيانات موحدة لجميع الشركات العاملة فى مجال ريادة الأعمال لسهولة التعامل معها، وحول هدف زيادة الوعى التعليمى والثقافى بريادة الأعمال، تضمنت أهم الإجراءات المقترحة، زيادة الاهتمام بدعم ذوى الإعاقة فى مجال ريادة الأعمال.
وحول المحور الاجتماعى أيضاً، وفيما يتعلق بهدف تسريع وتيرة تطبيق منظومة التأمين الصحى الشامل، تضمنت أهم الإجراءات المقترحة، أن يتم التوسع العرضى فى نظام الرعاية الصحية الأولية على مستوى الجمهورية، وفيما يخص هدف الحفاظ على حقوق الأطباء والمرضي، تضمنت أهم الإجراءات المقترحة إصدار القانون المنظم للمسئولية الطبية وفقاً لأحدث النظم الدولية، وهو ما تعمل عليه الحكومة حاليا، وتمت عدة مناقشات بشأنه، أما هدف توسيع قاعدة المنتفعين بالتأمين الصحى الحالي، فقد تضمنت أهم الإجراءات المقترحة البدء فى ادراج غير القادرين على دفعات، وتضمن هدف إضافة خدمات جديدة بمنظومة التأمين الصحى الشامل، إجراءات منها بحث إضافة خدمات الصحة النفسية لقائمة الخدمات التى يقدمها نظام الرعايا الصحية الشاملة، وجميعها ملفات تعمل الحكومة على تنفيذها.
قانون موحد للتعليم
كما تضمن المحور الاجتماعى أهدافاً أخري، منها ضرورة إعداد قانون موحد للتعليم قبل الجامعى واستراتيجية تعليمية موحدة، وتضمنت أهم الإجراءات المقترحة، عقد مؤتمر سنوى للتعليم لمناقشة التعاون بين القطاعات الحكومى والخاص والمجتمع المدنى للوصول الى طرق مبتكرة لتمويل التعليم وتحديد مستجدات سوق العمل وخطط تأهيل وتدريب المعلمين، وكذا هدف تطوير البرامج التعليمية بما يعزز الهوية الوطنية ويحفز الابتكار والابداع ويواكب احتياجات سوق العمل والاقتصاد، وتضمنت أهم الإجراءات المقترحة إنشاء لجنة منوطة بتطوير المناهج التعليمية بالتعاون مع المراكز البحثية المختصة والخبراء، وكذا هدف تطوير التعليم الفنى وتوفير فرص عمل مناسبة لخريج التعليم الفني، وتضمنت أهم الإجراءات المقترحة أن يتم منح رخصة مزاولة مهنة لخريجى التعليم الفنى توفر لهم بعض الامتيازات فى الالتحاق بالوظائف، وهدف التوسع فى عقد الشراكات الدولية والإقليمية والمحلية من أجل تعزيز جودة التعليم المصرى قبل الجامعي، وتضمنت أهم الإجراءات المقترحة عقد بروتوكولات تعاون مع الأكاديميات الفنية والمصانع للتبادل الفنى والتقني، والتعاون مع الكليات الفنية المتخصصة بالجامعات المصرية للمساهمة فى تدريب الفنيين بالمدارس الفنية، والتوسع فى عقد التوأمة بين المدارس الحكومية والدولية.
وحول المحور الاجتماعي، أشارت الخطة التنفيذية إلى هدف تعظيم الاستفادة من المؤسسات الثقافية فى دعم الهوية الوطنية، وتضمنت أهم الإجراءات المقترحة السماح للهيئة العامة لقصور الثقافة بالترويج للحرف التراثية وفقاً لخطة تسويقية مدروسة، بما يضمن تطور الحرفة وعدم اندثارها ووجود عائد منها، وإنشاء قطاع مختص بالحرف التراثية بوزارة الثقافة.
زيادة الاستثمار
وفيما يتعلق بالمحور الاقتصادى ضمن «الخطة التنفيذية لتوصيات الحوار الوطني»، فقد أوضح المستشار محمد الحمصاني، أنها تضمنت الإشارة إلى عددٍ من الأهداف الرئيسية، والتى تركزت في: تذليل التحديات المؤسسية التى تحول دون زيادة الاستثمار، كما هو مطلوب، وتعزيز البيئة الاستثمارية وبيئة الأعمال، وزيادة ثقة المستثمرين فى الاقتصاد المصري، وكذلك تقديم مجموعة من الحوافز لتشجيع القطاع الخاص والاستثمار، فضلاً عن إتاحة المزيد من المعلومات لمجتمع المستثمرين، ومن بين الأهداف الرئيسية الأخرى زيادة الإنتاج المحلى والمساهمة فى تحسين الوضع الاقتصادي، فضلا عن جذب المستثمرين لمناطق جغرافية مختلفة، إلى جانب هدف آخر يتمثل فى الحد من البيروقراطية، تسريع وتيرة النشاط الاقتصادي، وهدف آخر يدور حول تعزيز تحول المشروعات الصغيرة نحو الاقتصاد الرسمي.
وفى هذا الإطار، ووفقاً لتلك الأهداف الرئيسية كان هناك عدة مقترحات وفقا لمخرجات الحوار الوطني، وإجراءات تنفيذية مطلوبة لتنفيذ تلك المقترحات، من بينها تحويل الهيئة العامة للثروة المعدنية إلى هيئة اقتصادية، وكان الإجراء التنفيذى المقترح صدور قرار بتحويل هذه الهيئة إلى هيئة اقتصادية مستقلة، كما أن من بين المقترحات فض الاشتباك بين الأراضى المخصصة للنشاط الصناعى والمشتركة مع هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ليستطيع المستثمر الصناعى التعامل مع جهة موحدة، ولذا فالإجراء التنفيذى المقترح لذلك وهو تشكيل لجنة تنفيذية تضم ممثلين عن كل من الهيئة العامة للتنمية الصناعية وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة لفض أى تشابكات فى هذا الشأن.
إدارة الشباك الواحد
ومن بين المقترحات أيضا تفعيل قيام أداة الشباك الواحد بتوجيه الجهات الإدارية بإيفاد ممثلين مفوضين بالراى واتخاذ القرارات فيما يعرض عليهم وأن تحون لديهم صلاحيات كافية دون انتظار الرجوع لجهاتهم الأصلية على نحو ما نص عليه قانون الاستثمار، وكان الإجراء التنفيذى المرحلى المقترح هو صدور قرار بتفعيل منظومة الشباك الواحد فى كل المجمعات الصناعية للتسهيل على المنشآت، وصدور قرارات تعيين مفوضين عن كافة الجهات المعنية فى كافة فروع منظومة الشباك الواحد، لهم صلاحيات كاملة.
وهناك مقترحٌ آخر بتطوير الخريطة الاستثمارية وطرحها بشكل واضح ومبسط وتحديثها بشكل دوريّ متضمنة دراسات جدوى متخصصة، بجانب مقترح آخر يدور حول استحداث نموذج تمويل المشروعات SMEs نظير نسبة الإيرادات من قبل صناديق استثمار متخصصة فى حال تقنين وضع الشركات المتوسطة والصغيرة وانضمامها إلى القطاع الرسمي.
كما تم طرح عدد من الأهداف الرئيسية الأخرى تتمثل فى تعزيز ودمج التكنولوجيا فى خدمة القطاع السياحي، وتفعيل السياحة بمختلف أنواعها، فضلا عن توطيد التوزيع الجغرافى المتوازن لعناصر الجذب السياحي، بالإضافة إلى التوسع فى تقديم الخدمات للسائحين لتعزيز التجربة السياحية المصرية.
وفى هذا الإطار، كان هناك عدد من المقترحات وفقا لمخرجات الحوار الوطني، بينها إطلاق تطبيق إلكترونى يخدم السائح ويوفر المعلومات عن المواقع الخدمية فى المناطق السياحية، بجانب إصدار عدد أكبر من تراخيص المنشآت السياحية لمواجهة الطلب المتزايد على المناطق السياحية فى كل من المناطق الجغرافية، وإصدار أجندة سياحية باللغتين العربية والإنجليزية تشمل الأحداث السياحية السنوية الثابتة فى مصر، والترويج لها، فضلا عن صناعة أنماط جديدة من السياحة مثل سياحة الصحراء، والسياحة الدينية، والسياحة العلاجية، وتشجيعها والترويج لها، وإنشاء أماكن للإرشاد السياحى والاستعلامات فى المواقع السياحية المختلفة فى مصر، وكلها ملفات أيضا يتم العمل عليها حاليا.
واتصالا بالمحور الاقتصادي، فقد تم طرح عدد من الأهداف الرئيسية الأخري، وهى تحقيق الأمن الغذائى وزيادة جودة المحاصيل، وتحسين إنتاجية الأراضى الزراعية، بجانب توفير مستلزمات الإنتاج بأسعار مناسبة لخفض التكلفة على المستهلك النهائى ومواجهة التحديات التى تواجه المزارعين، فضلا عن تقديم المزيد من الخدمات للمزارع المصرى وتعزيز الاستثمار الزراعي.
وفى هذا الإطار، تم تقديم عدد من المقترحات وفقا لمخرجات الحوار الوطني، من بينها زيادة عدد المحاصيل الزراعية التعاقدية، وتضمين محاصيل: الأرز، والعدس، والطماطم، والبطاطس، والفول البلدي، وبذرة الكتان، والقطن، بسعر الضمان طبقا للأسعار العالمية قبل موسم الزراعة، وإشراك التعاونيات الزراعية فى التسعير، بجانب تطبيق نظام الدورة الزراعية للتغلب على ظاهرة تفتيت الحيازة الزراعية، فضلا عن معالجة النقص فى أعداد أطقم المختصين بمراقبة جودة المبيدات الزراعية، مع وضع خريطة استثمارية زراعية جغرافية ومناخية ويتم ربطها مع شبكة الري، بحيث تحتوى على خطط الزراعات المستقبلية، وغيرها.
وكان هناك عدد من الإجراءات لتنفيذ تلك المقترحات، تتلخص فى تفعيل القانون الخاص بالزراعة التعاقدية، وتقديم خدمة الإرشاد الزراعي، فضلا عن تشديد الرقابة على المزارع والأراضى الزراعية.