فى الوقت الذى تمتلئ فيه مواقع السوشيال ميديا بالتعليقات الساخرة عن ارتفاع درجات حرارة الجو، وكيف يذهب الشخص لعمله فى ظل هذا الارتفاع، واخر يكتب تعليقا ينتقد فيه الحكومة لتخفيفها أحمال الكهرباء بسبب الحرارة، وأنه لا يستطيع العيش بدون جهاز تكييف أو مروحة.. هناك من يعمل فى صمت وإخلاص وتحت درجة حرارة تتعدى الـ 50 درجة مئوية، حبا فى بلده ومستقبلها.. انهم رجال «توشكي» الذين حولوا الصحراء القاحلة إلى واحدة من أفضل المزارع فى المنطقة.. تحدوا الصعاب والتحديات.. وعدوا قائدهم الرئيس عبدالفتاح السيسى بالعمل لصالح مصر.. عقدوا العزم لكسر المستحيل وجعلوه ممكنا.. بل بدأت الدولة تجنى ثمار عرقهم.. أكدوا انه بالفعل «توشكي.. لا تقبل الفشل»، بعد ما تردد كثيرا ان هذا المشروع لاجدوى منه.. وان ما ينفق عليه من أموال لن يكون له مردود.. لكن عزيمة من عاهدوا الله وقائدهم، ذللت الصعاب، وحولت الرمال الصفراء، إلى بساتين خضراء.
بعد ثورة 30 يونيو، و فى عام 2014، أعلنت مصر عن مشروع ضخم يهدف إلى إعادة إحياء منطقة توشكى بعدما توقف المشروع لسنوات عديدة وانسحبت منه معظم الشركات الاستثمارية بسبب مشاكل فنية عديدة.. كلف الرئيس السيسى الجهات المعنية بإعادة الدراسات وبحث مدى إمكانية التنفيذ وجدواها.. وبالفعل فى 2017 بدأت الشركة الوطنية لاستصلاح الأراضى الصحراوية فى استصلاح مزرعة توشكى بمساحة 25 الف فدان. لم يمر سوى عام، حتى بدأت الشركة بإستصلاح مزرعة عين داله بمساحة 12الف وخمسمائة فدان والبدء فى تنفيذ مشروع التمور(2.3) مليون نخلة بمساحة 37 الف فدان بتوشكي.. فى عام 2020 بدأت الشركة فى مشروع تنمية جنوب الوادى بتوشكى بمساحة 500 الف فدان، بهدف زيادة المساحة المزروعة لتصل إلى 600 ألف فدان، مقابل 400 فدان فقط قبل بدء المشروع. يأتى هذا ضمن استراتيجية واسعة النطاق لتحقيق الأمن الغذائى وتعزيز الاقتصاد المصرى من خلال استصلاح الأراضى الصحراوية.
تأتى أهمية مشروع توشكى أيضاً من الناحية الاقتصادية، حيث يعد محوراً لتعزيز النمو الاقتصادى فى مصر. بفضل زيادة المساحة المزروعة، تم تعزيز الإنتاج الزراعى والتموين الغذائى الداخلي، مما يقلل من الاعتماد على الواردات ويحسن التوازن التجاري. كما توفر توشكى فرصاً كبيرة للاستثمار، خاصة فى مجالات الصناعات الغذائية التى يمكن أن تستفيد من الإنتاج الزراعى المتزايد. تشمل هذه الصناعات تجهيز الأغذية، والتعبئة والتغليف، والتصدير، مما يعزز من القيمة المضافة المحلية ويخلق فرص عمل جديدة.
ويعد الموقع الاستراتيجى لتوشكى كبوابة لمرور المنتجات إلى القارة الافريقية أحد العوامل الرئيسية التى تجعل منها مركز جذب قويًا للمستثمرين. بالإضافة إلى ذلك، تتمتع المنطقة بموارد طبيعية غنية مثل المياه الطبيعية والجوفية والأراضى الشاسعة، مما يفتح المجال أمام استثمارات فى الزراعة والصناعات التحويلية.
وتولى مصر الاستثمار فى توشكى أولوية قصوي، لذلك قامت الحكومة بتطوير بنية تحتية حديثة تشمل شبكات النقل والطرق والاتصالات، مما يجعل الوصول إلى المنطقة أسهل وأكثر كفاءة. كما توفر الحكومة الدعم الكامل للمستثمرين من خلال تسهيل إجراءات التراخيص والتصاريح، وتوفير مناطق خاصة للصناعات والمشروعات الكبري.
تعكس تلك الجهود التزام مصر بتحفيز النمو الاقتصادى وتوفير فرص عمل جديدة، وتشكل فرصة استثمارية مثمرة للمستثمرين الراغبين فى الاستفادة من الإمكانيات الواسعة التى تقدمها منطقة توشكى فى الصحراء الغربية.
ان مشروع توشكى تم تصميمه ليكون مستداماً اقتصادياً، حيث يغطى تكاليفه دون الحاجة إلى تكاليف إضافية من الخزانة العامة. كما تم اختيار نماذج تمويل مختلفة تعتمد على القطاع الخاص والشراكات الدولية لضمان استمرارية المشروع ونجاحه على المدى الطويل.
انه بفضل الرؤية الاستراتيجية والإدارة الفعالة والإرادة المخلصة من الرئيس السيسي، نجحت مصر فى تحويل توشكى من منطقة قاحلة إلى واحدة من أهم مناطق الإنتاج الزراعى فى البلاد. يمثل توشكى نموذجاً للاستفادة الأمثل من الموارد الطبيعية والتكنولوجيا لتعزيز الاقتصاد المحلى وتحقيق التنمية المستدامة.