أكتوبر يظل دائماً شهر الانتصار الأعظم للأمة المصرية فى العصر الحديث، لذلك بعد مرور 51 عاماً على حرب أكتوبر، فإننا بحاجة إلى توثيق التفاصيل وبطولات وشجاعة المجندين والأفراد الكثيرة، التى لا تعد ولا تحصي، فضلاً عن كثير من التفاصيل الصغيرة التى كانت من أهم أسباب النصر العظيم.. نحتاج ذلك ليس فقط من أجل تصحيح بعض المفاهيم، ولكن أيضاً لبناء تصور حقيقى يمكن من خلاله الحكم على المراحل والأشخاص والخطوات والقرارات التى ارتبطت بهذه المرحلة.
الهدف الأهم أيضاً هو تقديم الحقيقة دون تهوين أو تهويل، والقدرة على قراءتها وفرزها، خاصة أن الكثير مما تم تسجيله حول الحرب حمل الأحكام السياسية، وعكس مواقف شخصية ولم يصل إلى أن يكون مادة خام يتم العمل عليها وتحليلها، وقراءتها، فقد افتقدت حرب أكتوبر ما حدث مع أحداث أخرى مهمة فى تاريخنا الحديث.. ومنها بالطبع ثورة المصريين ضد الجماعة الإرهابية والحرب ضد الإرهاب.. تلك الحرب التى اصطف فيها المصريون مع القوات المسلحة للقضاء على أهل الشر والارهابيين.. تم توثيق تلك الأحداث عبر أعمال درامية ووثائقيات مهمة قدمتها الشركة المتحدة تروى وتوثق ماحدث بالصوت والصورة والمستندات، حتى لا نخضع نحن والأجيال المقبلة لروايات وقصص وهمية من أفراد لهم أهداف سلبية ضد الوطن.
وكل الأحداث الوطنية الكبرى كانت البطولة فى حرب أكتوبر المجيدة للشعب وقواته المسلحة، الشعب الذى صمد وتمسك وضحي، والقوات المسلحة التى بذلت الغالى والنفيس وامتلاك إرادة تحقيق الانتصار، واسترداد الكرامة.
فى السينما العالمية هناك مئات الأفلام عن الحربين العالميتين الأولى والثانية، وبعضها يدور فى فترات زمنية، يرصد ويخلد معارك أو عمليات محددة.
وثائق الحرب تشمل العديد من الشهادات والتقارير التى تتناول تفاصيل العمليات العسكرية والخطط والتكتيكات المستخدمة.
كما أنها تبرز الشجاعة والتضحيات التى قدمها الجنود، فحرب أكتوبر أيضًا درس فى الإرادة والتصميم والعزيمة، فقد شهدت مواقف مذهلة من الشجاعة والتضحية من المقاتلين المصريين، أثناء عبور قناة السويس، واجه الأبطال خط بارليف المنيع الذى كان يعتبر عقبة لا يمكن اجتيازها، ومع ذلك، بروح لا تعرف المستحيل، عبروا القناة تحت وابل من النيران المعادية.
الجنود قدموا أرواحهم فى سبيل الوطن، والعديد منهم استشهدوا وهم يدافعون عن أرضهم، هذه التضحيات لم تكن فقط على الجبهة الأمامية؛ بل كانت أيضًا فى العمليات اللوجستية والدعم الفني، حيث بذل العاملون فى مجال الامدادات والاتصالات كل ما بوسعهم لضمان تحقيق النصر.
الشجاعة والتضحية هى ما جعلت حرب أكتوبر رمزًا للفخر والكرامة، وهى ما يظل يذكره الشعب المصرى بفخر كبير. هذه القصص تُعَلِّمُنا معنى الوطنية وحب الوطن.
لقد بدأت قنوات المتحدة «الوثائقية» فى تقديم مجموعة مهمة من الأفلام من توثيق بطولات أكتوبر ، وهو جهد كبير يستحق الاحترام ، ويجعلنا نقول أننا بحاجة إلى الاستمرار فى هذا الطريق وانتاج المزيد من أفلام وثائقية تعيد تقديم الحكاية، وقد مرت سنوات على الأحداث تسهل التعامل معها بشكل أكثر عمقاً، حتى لا تظل الساحة فارغة لأطراف أخرى تفرض وجهة نظرها، أو تكتب التاريخ بشكل مشوه، مثلما هو حادث الآن بشكل عام، نحن نعانى نقصا شديدا فى الأفلام والمواد الوثائقية، فى وقت تتضاعف فيه المواد المرئية على شبكة الإنترنت وبعضها ناقص، أو يستند إلى مصادر أجنبية مزورة، أو ناقصة، والقليل جداً منها إنتاج محلي، وبالتالى ببساطة نترك للآخرين حق كتابة وصياغة تاريخنا، بينما يفترض أن نبذل جهداً أكبر فى رواية القصة كما حدثت، بعيداً عن تشوهات وتداخلات أفسدتها طوال عقود، بسبب الانحيازات السياسية.