فقه الاستقرار.. والحفاظ على الدولة (٢)
تشاء الاقدار أن ندرك جميعاً قيمة ما حققناه وانجزناه على مدار السنوات العشر الماضية، ومازلنا نكمل المشوار من أجل البناء وامتلاك القوة والقدرة فى زمن شديد القسوة والتحديات والتهديدات والمخططات، تدار فيه كافة صنوف الحروب على الدول المستهدفة من حروب بالوكالة، وإرهاب وفوضى وأكاذيب وشائعات وتشكيك وتشويه، وابتزاز وضغوط وحصار، واشعال الحرائق على جميع الحدود من كافة الاتجاهات الاستراتيجية.
وأنا أقول ذلك ليس على سبيل الإطراء أو المديح ولكن الواقع يشهد بذلك وما نعيشه يؤكد ذلك أيضاً وما يدور حولنا يجسد ذلك، فما حدث فى 10 سنوات أمر يجب أن نتوقف عنده كثيراً أو طويلاً خاصة أنه انطلق من أوضاع كارثية فقد كانت الدولة قبل الرئيس عبدالفتاح السيسى على وشك الانهيار والسقوط وحالها يرثى لها فى جميع المجالات والقطاعات وفى الداخل والخارج والآن تحولت الأمور إلى معجزة حقيقية تستطيع أن تراها فى تنامى قوة وقدرة الدولة المصرية الشاملة ومكانتها وثقلها الإقليمي، وأنها جزء رئيسى من المعادلة فى المنطقة، وفاعل على المستوى الدولي، ولن تستطيع أى قوة المساس بأمنها أو حدودها أو قدسية أراضيها، فهناك قيادة وطنية شريفة، جعلت من هدف تأمين وحماية حاضر ومستقبل هذا الوطن أهم الأولويات واسمى الغايات وهدفاً استراتيجياً، وهو ما يعنى ادراكاً حقيقياً لفقه استقرار الدولة والحفاظ على الوطن، ليس بالكلام ولكن بالعمل والبناء، والاستثمار العبقرى فى بناء قوة الردع المصرية فى مواجهة اطماع ومؤامرات ومخططات يجرى تنفيذها على قدم وساق ولكن مصر بفضل ما تحقق باتت محصنة وعصية على هذه المخططات، فقد نجت من مخطط الربيع العربى المشئوم، رغم أنها كانت تعانى الكثير من الاوجاع ونقاط الضعف، فما بالنا بـ»مصرــ السيسي» التى باتت تمتلك قوة وقدرة مئات الأضعاف عما ما كانت عليه قبل 2014.
قلت ومازلنا لا يمكن الحكم على ما تحقق خلال العشر سنوات الماضية بمعايير الأزمة التى نعيشها كجزء من العالم الذى يعيش ويواجه تداعيات الصراعات الإقليمية والدولية، وهذه ليست شجاعة على الاطلاق بل إقراراً بالواقع.
ما حققناه على طريق ضمان استقرار الدولة والحفاظ عليها، يعود لرؤية عظيمة للقيادة السياسية، تحدثنا فى المقال السابق عن ثلاثة محاور ونقاط ركزت على بناء الدولة على أسس قوية، سواء بناء الدولة الوطنية ومؤسساتها، دولة القانون والمؤسسات، وعدم السماح بوجود أى كيانات موازية وأيضا امتلاك الجيش الوطنى القوى القادر العصرى وتطوير وتحديث جرى على مدار السنوات الأخيرة، نستكمل هذه النقاط فى الآتي:ـ
>> نجحت مصر فى استعادة دورها وثقلها إقليمياً ودولياً وباتت ركيزة أمن واستقرار المنطقة، بعد أن عانت من عزلة واختلاط المفاهيم لدى كثير من الدول بالإضافة إلى انشغالها بأحداثها الداخلية خلال أحداث يناير 2011 لكن الرئيس أحدث طفرة عظيمة، حيث تبنت مصر علاقات وسياسات دولية متزنة، ومتوازنة ومعتدلة تقوم على الاحترام المتبادل وعدم التدخل فى الشئون الداخلية، وتبادل المصالح المشتركة، ورفضت سياسات الاستقطاب وتربطها علاقات قوية ومتساوية مع جميع القوى الكبرى فى العالم، لأن جل ما تبحث عنه هو مصالحها الوطنية العليا، وما يحقق آمال وتطلعات شعبها، لذلك انجزت معادلة استثنائية حيث احتفظت بعلاقات استراتيجية مع الولايات المتحدة والصين، وروسيا، والدول الأوروبية، والهند، والبرازيل، رغم ما يوجد من خلافات وصراعات وتنافس حاد بين هذه الدول الكبري، لكن مصر لا تعرف الاستقطاب أو الانحياز لطرف على حساب آخر، وهو ما اتاح لها مكانة عظيمة، وعوائد كبيرة، واحتراماً ومصداقية أيضا فإن مصر عادت إلى مكانتها الطبيعية فى أفريقيا حيث تجمعها علاقات الاخوة مع دول القارة السمراء، وتقدم دائماً لاشقائها يد العون والدعم والمساعدة والتعاون وهو ما يفسر الزيارات المتوالية لرؤساء الدول الأفريقية لمصر، وأيضا زيارات ولقاءات الرئيس السيسى لدول أفريقيا، والخطاب المصرى فى المحافل الدولية، الذى يتبنى المصالح والحقوق الأفريقية فى الأمن والاستقرار والتنمية المستدامة والتمويل العادل.
وأيضا مصر على الساحة العربية تحتفظ بعلاقات استراتيجية مع الاشقاء العرب وتعمل دائماً على تعزيز العمل العربى المشترك والحقيقة أن الرئيس السيسى نجح فى إدارة علاقات مصر الدولية بامتياز وهو ما حقق تفاهمات وتوليداً للرؤى والمواقف والمفاهيم حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.
>> ولأن الدولة المصرية فى عهد الرئيس السيسى آمنت وأدركت أن الإنسان المصرى هو أغلى وأهم سلاح فى الحفاظ على الدولة واستقرارها فقد تبنت استراتيجية غير مسبوقة لبناء الإنسان المصري، ووضعته على رأس الأولويات ولعل جهوداً وإنجازات تحققت لصالح المواطن، تقف شاهدة على ذلك سواء فى الرعاية الصحية، والمبادرات الرئاسية، مثل 100 مليون صحة والقضاء على فيروس «سي» وقوائم الانتظار، والقضاء على العشوائيات وتبنى مشروع التأمين الصحى الشامل، ثم المشروع العملاق الذى اطلقته المبادرة الرئاسية «حياة كريمة» لتطوير وتنمية قرى الريف المصري، ومبادرة «سكن كريم» ومنظومة الدعم والحماية الاجتماعية التى تنتصر للفئات الأكثر احتياجاً ثم تطوير التعليم وبناء المدارس والجامعات بمختلف أنواعها وتخصصاتها.
وأيضا الارتقاء بحقوق الإنسان فى مصر بالمفهوم الشامل، والعمل على خلق فرص حقيقية وخفض نسبة البطالة رغم تداعيات الأزمات العالمية والإقليمية ومازال المشوار طويلاً ليجنى الإنسان المصرى ثمار البناء والتنمية.
>> الاهتمام بحق المواطن المصرى فى معرفة الحقائق والمعلومات والبيانات وترسيخ أعلى معايير المصارحة والشفافية والتواصل المستمر لاطلاع المواطن على الحقيقة من أرض الواقع ومواجهة الحروب الشرسة التى تدار ضد العقل المصرى من حملات للأكاذيب والشائعات والتشكيك، ونجحت الدولة المصرية ومازالت تعمل على بناء الوعى الحقيقى وترسيخ الاصطفاف والاحتشاد والالتفاف والتماسك من أجل الحفاظ على الوطن واستقراره وهو ما يؤكد عليه الرئيس السيسى دائماً مطمئناً المصريين بأن أى تهديد خارجى نحن قادرون عليه لكن المهم أن نكون على قلب رجل واحدو هو ما يعنى الاصطفاف والوعى وهو أغلى وأقوى سلاح لحماية بقاء الوطن واستقرار الدولة.
تحية إلى صاحب الرؤية العظيمة، لبناء الدولة المصرية وقدراتها الشاملة من أجل أن ننعم جميعاً كشعب، ووطن بالاستقرار والاطمئنان على حاضر ومستقل مصر.