تسعى الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب إلى تحجيم الصين، التي باتت تنافس الولايات المتحدة اقتصاديًا وعسكريًا، مهددة هيمنتها الآحادية على الاقتصاد العالمي الذي ظلت متربعة عليه منذ سقوط الاتحاد السوفيتي عام 1991.
هذه السياسة بدت واضحة خلال الفترة الأخيرة من خلال تعامل الإدارات الأمريكية وبالأخص خلال حكم الرئيس ترامب، الذي انتهج سياسة فرض الرسوم الجمركية على بكين.
بدأ ترامب حكمه بفرض تعريفات جمركية بنسبة 10% على جميع الواردات الصينية، كما اعتزم فرض رسومًا أخرى بنسبة 10% على التي فرضها الشهر الماضي، وبالطبع، ردت بكين، في المقابل، بفرض رسوم ثأرية على بعض الرقائق والمعادن.
ليتشيانج: الاحترام المتبادل شرط أساسي للعلاقات بين واشنطن وبكين
على المستوى السياسي، صرح أمس السفير الصيني بالقاهرة، لياو ليتشيانج، لعدد من وسائل الإعلام أن الاحترام المتبادل شرط مهم للعلاقات الصينية – الأمريكية، مستنكراً سياسة واشنطن التي تعيق بناء الثقة المتبادلة بين الجانبين.
وفي وقت سابق، أدانت وزارة الخارجية الصينية، الإجراء الأمريكي، مشيرة إلى أنه لا يوجد فائز في حروب الرسوم الجمركية، مشيرة إلى أنها ستتخذ تدابير مضادة بشكل مناسب.
وكان قد اتهم ترامب الصين بتهريب الفنتانيل إلى الولايات المتحدة، الأمر الذي دفعه إلى فرض رسوم جمركية عليها. وفي المقابل، نفت بكين هذا الاتهام، وأضافت أنها تقدم الدعم للولايات المتحدة بشأن هذه قضية، لافته إلى أن الفنتانيل هو مشكلة أمريكا.
وقالت الخارجية الصينية إن فرض الرسوم الجمركية لن يحل هذه القضية، بل من الممكن أن يقوض التعاون الثنائي في مكافحة المخدرات في المستقبل، مشيرة إلى أن إدارة ترامب تستخدم الفنتانيل كذريعة لرفع الرسوم الجمركية.
في هذا الصدد، صرح أيضاً ليتشيانج أن بلاده تتخذ السياسة الأكثر صرامة في العالم لمكافحة المخدرات، وأنها ملتزمة بمكافحة تهريب وتصنيع المخدرات.
وأشار أن الصين قدمت المساعدة للولايات المتحدة في هذه القضية، انطلاقا من الروح الإنسانية، لكن ذلك قوبل بفرض رسوم جمركية غير مبررة، منتقداً ذلك الإجراء قائلاً: إن “هذا لا يليق بدولة كبيرة ومسؤولة”.
انعكست سياسة الرسوم الجمركية التي انتهجها ترامب في بداية عهده الحالي على الاقتصاد الأمريكي بشكل سلبي، حيث أحدثت اضطراباً كبيراً بأسواق المال داخل وخارج أمريكا.

ففي بداية هذا الشهر، خسر مؤشر ستاندرد آند بورز بنسبة 2.7%، كما انخفض مؤشر داو جونز الصناعي بنسبة 2.1%.
وفي أكبر خسارة له منذ عام 2022، انخفض مؤشر ناسداك بنسبة 4%، كما شهدت أسهم التكنولوجيا أكبر الانخفاضات وعلى رأسها شركتي أبل وإنفيديا.
وأصدر بنك “جيه بي مورجان” تقريرا في مارس الماضي، حذر فيه كبير الاقتصاديين بروس كاسمان، أن احتمال دخول الاقتصاد الأمريكي في ركود، ارتفع من 30% في بداية العام، الى 40% حالياً، مشيراً إلى أن هذا الخطر قد يصل إلى 50% أو أكثر، إذا مضى ترامب قدماً في فرض الرسوم الجمركية، التي كان قد هدد باستكمالها في إبريل القادم، بحسب ما ذكرته وكالة رويترز.
كما أعرب كاسمان عن قلقه المتزايد حيال الاقتصاد الأمريكي، لافتاً إلى أن حالة عدم اليقين بشأن سياسات الإدارة الحالية، قد يضعف ثقة المستثمرين في الأصول الأمريكية.
في الوقت نفسه، أشار صندوق النقد الدولي وفقاً لتقرير نشره في فبراير الماضي أنه من المتوقع أن يتباطأ نمو الاقتصاد الأمريكي إلى 1.9% في عام 2025.
على الجانب الآخر، نجد أن الاقتصاد الصيني حقق نجاحاً ملموساً في عام 2024، حيث بلغ الناتج المحلي الإجمالي للصين 135 تريليون يوان، بمساهمة قدرها 30% من اجمالي الاقتصاد العالمي، وذلك بحسب تقديرات رسمية تم مناقشتها خلال الدورتين السنويتين في بكين التي شارك فيها 3000 نائب برلماني، وأكثر من 2000 عضو بالمؤتمر الاستشاري السياسي من جميع أنحاء البلاد.
وعلى صعيد الصادرات السلعية، تأتي الصين في مقدمة دول العالم بصادرات تقدر 3.38 تريليون دولار عام 2023، وبحصة 14.1% من إجمالي الصادرات السلعية على مستوى العالم، والتي بلغت 23.9 تريليون دولار، لتتقدم بذلك على الولايات المتحدة.
وفي مجال صادرات التكنولوجيا المتقدمة، حققت الصين 769 مليار دولار، بحصة قيمتها 22.6% من السوق العالمية، بينما الولايات المتحدة سجلت 166 مليار دولار فقط.
كما رفع مصرف جيه بي مورجان تقديراته لنمو الاقتصاد الصيني للعام الجاري إلى 5.2% متجاوزًا توقعات المعدل الرسمي المستهدف الذي يقترب من 5% مما يشير إلى نمو قوي للاقتصاد الصيني.