جريمة هزت الضمائر: طفلة بريئة تدفع ثمن التفكك الأسري
في مأساة تقشعر لها الأبدان، فقدت طفلة حياتها البريئة على يد والدها، لتصبح ضحية بشعة للتفكك الأسري والعنف الذي لا يعرف الرحمة. في لحظة شيطانية، أقدم الأب على تعذيب ابنته الضعيفة حتى الموت، دون مراعاة لدموعها أو جسدها النحيل.
في محاولة جبانة للتخلص من جريمته، وضع الأب الجثة الصغيرة في جوال، ثم بمساعدة شقيقه، ألقاها في صحراء مدينة السلام بالقاهرة. ظنًا منه أن بعد المسافة سيخفي فعلته الشنيعة، وأن جسد الطفلة البريئة ستنهشه الحيوانات الضالة، ويزول بذلك أثر جريمته إلى الأبد.
اعترافات باردة
بمشاعر متبلدة ودموع متحجرة، اعترف كل من الأب والعم أمام جهات التحقيق بسيناريو الحادث كاملاً. روى كل منهما دوره في الجريمة وكيفية تنفيذها بمعاينة تصويرية كاملة بعد قرار حبسهما على ذمة التحقيقات. الغريب والمؤلم أن مشاعرهما لم تهتز، رغم أن هذه المأساة هزت وزلزلت وجدان كل من سمع بها، حزنًا على هذا الملاك البريء الذي رحل إلى الجنة.
بداية المأساة
بدأت خيوط هذه الجريمة البشعة تتشابك عندما دبت الخلافات الزوجية بين شاب وزوجته، بعد أشهر قليلة من زواجهما. تصاعدت وتيرة الشجار يومًا بعد يوم، وسط فشلهما في التفاهم وعناد كل طرف. ورغم تدخل الأهل والأحباب لفض النزاع حرصًا على استقرار حياتهما الأسرية وعلى طفلتهما الصغيرة التي عانت الأمرين منذ ولادتها، إلا أن الأمر ازداد تعقيدًا.
نهاية مريرة
بعد حوالي ثلاث سنوات، وصلت العلاقة إلى طريق مسدود. بسبب أنانية الطرفين، انتهى الأمر بالانفصال رسميًا، تاركين خلفهما طفلة بريئة دفعت حياتها ثمنًا لانفصالهما. لقد باتت خلافاتهما حديث الجيران، ومقدمة لمأساة لم يتوقعها أحد.
قسوة الأب وإهمال الأم
بعد الطلاق، تولت الأم حضانة الطفلة، لكن رغبة كل من الأبوين في بدء حياة جديدة مع شريك آخر، وبإصرار وعناد، أدت إلى مأساة أكبر. سرعان ما تخلت الأم عن طفلتها حتى لا تشكل عبئًا عليها، لتلقي بمسؤوليتها كاملة على عاتق الأب.
حياة من الحرمان والدموع
وجدت الطفلة نفسها في “ورطة” مع والدها الذي لم يحنُ عليها، وعانت الأمرين منذ صغرها. حُرمت من كل شيء، وعاشت مهمومة وحزينة، لا تفارق الدموع خديها ليلاً ونهارًا. ازدادت معاناتها مع قسوة والدها وإهمال والدتها، دون أن تجد من يسمعها أو يشعر بها، لتبقى وحيدة في عالم قاسٍ.
هكذا مرت حياة الطفلة ذات السبع سنوات، مزيجًا من الذل، الضرب، التعذيب، والإهانة على يد والدها. لقد أصبح لا يطيق رؤيتها، فهي تذكره بوالدتها دائمًا، وتطلب رؤيتها والتحدث معها ببراءة الأطفال.
وحشية بلا حدود
وصلت المأساة إلى ذروتها عندما أمسك بها والدها، وأشبعها ضربًا بكل قسوة بحجة “شقاوتها” وعدم سماعها الكلام. استمر في وصلة تعذيبها دون استجابة لتوسلاتها وصرخاتها المكتومة، ودموعها وتبولها على نفسها، وهي تنتفض وترتعش من شدة الرعب والخوف. دفعها على الأرض ركلاً بالأقدام، وضربها بعصا على رأسها، حتى فاضت روحها أخيرًا، واستسلمت لقدرها ونهايتها بجسدها الضعيف، لترتاح من ظلم أقرب الناس إليها، ومن لا يعرف الرحمة إلى قلبه طريقًا.
محاولة يائسة
بعد أن أفاق الأب من صدمة جريمته التي تهتز لها السماء، ولم يجد أمامه مفرًا، سارع بالاتصال بشقيقه لمساعدته في الخروج من المأزق. حضر الشقيق على الفور، واتفقا سويًا على وضع الضحية، التي بدت عليها آثار التعذيب، في جوال. حملا الجثة بدراجتهما وألقيا بها ليلًا في جبل أطلس بمدينة السلام، على أطراف العاصمة. كان أملهما أن تختفي معالم الجثة بحلول الصباح بعد أن تنهشها الحيوانات الضالة، وتختفي بذلك جريمتها تمامًا حسب مخططهما الشرير.
إرادة الله تكشف المستور
لكن إرادة الله كانت فوق الجميع، وكانت لهما بالمرصاد. عثر أحد الأهالي على الجثة مع أول ضوء للنهار، وأبلغ الشرطة على الفور، لتبدأ خيوط الجريمة في التكشف تباعًا، وتسقط خطتهما في النسيان.
جبل أطلس بالسلام كان شاهدًا على جريمة بشعة هزت الضمير الإنساني… جوال مهجور يحمل بين طياته جثمان طفلة بريئة لم تتجاوز السابعة من عمرها، ملفوفًا كما لو كان شيئًا من المهملات! مع أولى إشارات النجدة، انتقلت قوات الأمن برئاسة اللواء طارق راشد مساعد وزير الداخلية لقطاع أمن القاهرة إلى الموقع.
ولم تمضِ سوى لحظات حتى كشفت كاميرات المراقبة عن مشهدين غامضين يُلقون بالجثمان ثم يفرون هربًا من العدالة… والآن تتحرك الأجهزة الأمنية بكل قوتها لكشف القناع عن وجوه الجريمة.
القاتل.. والد الطفلة
تأكد لفريق البحث الجنائي بإشراف اللواء محمود أبو عمرة مساعد أول الوزير لقطاع الأمن العام وقيادة اللواء علاء بشندي مدير الإدارة العامة لمباحث العاصمة ونائبه اللواء علي نور الدين أن وراء ارتكاب الجريمة والد الطفلة وأنه منفصل عن والدتها، وكان دائم التعدي عليها بالضرب حتي انتهت حياتها وبعدها تخلص من “ضناه” وفلذة كبده بتلك الطريقة الوحشية بمساعدة شقيقه “عم الضحية” لتكون قصتهما صدمة للجميع.
سرعة ضبط الجناة
تمكن اللواء أحمد الأعصر مدير المباحث الجنائية خلال ساعات من ضبطهما بعد اتخاذ الإجراءات القانونية ووضع الجثـمان بثلاجة حفظ الموتي بقرار من النيابة لتحديد سبب الوفاة بمعرفة الطب الشرعي وقبل التصريح بالدفن، وتواصل النيابة التحقيق في الحادث مع المتهمين بعد اعترافهما بكل شيء وقررت حبسهما أربعة أيام مع مراعاة التجديد لهما في الميعاد لحين إحالتهما لمحكمة الجنايات.