أن تقوم بفعل يجبر التاريخ أن يتوقف ليسجل تفاصيله فهذا أمر عظيم، لكن أن تغير خطوط الجغرافيا وتخلق منها خرائط جديدة فيأتيك التاريخ منحنيا زاحفا ليسجل خطوطك و منحنياتك الجديدة، فتشاهد عناقا حارا ونادرا بين التاريخ والجغرافيا، ونحن فى مصر نصنع هذا الآن، انتقلنا من « النهر إلى البحر « فلم نعد أسرى ذلك الوادى الضيق حول نهر النيل، لقد تحركنا من خلال خطة متكاملة وشاملة عبر شبكة طرق ومحاور مرورية ثم شبكة من الترع والقنوات لننشئ دلتا جديدة تماما، فمن توشكى إلى الفرافرة إلى العوينات إلى مستقبل مصر تتضاعف المساحات المنزوعة فى عموم مصر، وتتدخل الدولة لوقف نزيف القبح فى بنايات عشوائية ببناء وتشييد عشرات المدن الجديدة الذكية التى غيرت من خريطة العمران فى مصر، وفى الساحل الشمالى الذى كان يقتصر على عدد من المنتجعات والشواطئ التى لا تستخدم إلا شهرين فى العام ولم تكن تحمل كل تلك المنتجعات اية قيم اقتصادية واجتماعية، اليوم تتدخل الدولة لصياغة جملة اصلاحية وتنموية جديدة من خلال المخطط العام لتنمية وتطوير الساحل الشمالى الغربي، بدأت الدولة بمدينة العلمين وكما قلت بالأمس لتكون نموذجا لخلق القيم المضافة، ثم أقامت الدولة الطرق والسكك الحديدية ومحطات الطاقة التى تقوم عليها كل تلك المخططات، الدولة استطاعت جذب استثمارات اجنبية لتطوير مدينة رأس الحكمة، وكتبنا بالأمس عن تفاصيل تلك الصفقة الكبري، اليوم تستمر الدولة فى تنفيذ المخطط العام فى الساحل الشمالى الغربى ليتحول شمال مصر إلى مجتمعات جديدة تماما تضاف إلى ثروات الدولة المصرية، ننتظر مشروعا مماثلا فى الضبعة والنجيلة وبرانى ومطروح وسيوة والسلوم لتتحول سواحل مصر الشمالية إلى «عرايس بحرية» تناظر مثيلاتها فى جنوب اوروبا، هذه المشروعات ستجذب استثمارات ضخمة فى الإنشاء والتشغيل وستكون السياحة هى الرابح الأكبر فى كل ما يجري، بيد أن البحر الأحمر يجب ان تكون سواحله مستثمرة بنفس الطريقة ووفق نفس المخطط العام، كما يجب ان تسارع الدولة فى تنمية وتطوير الجزر النيلية والبحرية المنتشرة والمهملة والتى لا يسمع عنها احد لتكون نقاطاً لجذب السياحة وضخ الاستثمارات، أحلم ان ارى بلادى وقد انتقلت من مربع الحاجة والفقر والعوز إلى مربعات الاكتفاء والثراء، كل هذه الأحلام لن تتحقق بالكلام وإنما بالعمل والإنتاج والأفكار الخلاقة الجديدة المبتكرة، فالعاصمة الإدارية والعلمين ورأس الحكمة افكار من خارج الصندوق اللعين الذى نسجن فيه انفسنا منذ عقود، يا سادة خلال عشر سنوات تم انفاق ما قيمته 10 تريليونات جنيه ساهمت فى مضاعفة نسبة المعمور فى مصر من 6٪ إلى 14 ٪ وهذا امر لو تعلمون عظيم.
ملحوظة : منذ توقيع الصفقة الكبرى والإخوان ومن على شاكلتهم أصيبوا بحالة هيستيرية غير مسبوقة، لقد كانوا يظنون أن مصر انتهت وأفلست ولن تقوم لها قائمة، لكن الحقيقة ان هؤلاء لم يقولوا كلمة واحدة جيدة عن مشروع واحد أقيم فى مصر من آلاف المشروعات التى أقيمت خلال السنوات الماضية فلماذا ينتظر البعض ان يفرح اصحاب القلوب السوداء لخير قادم إلى مصر ؟ ما لكم كيف تحكمون ؟