مصر تحمل على عاتقها هموم الأمة العربية وعلى رأسها الدولة الفلسطينية، فمنذ فجر التاريخ وهذا الدور لا يفارق عيون مصر، وتحديداً فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، بداية من نشأة الحركة الصهيونية حتى قيام وعد بلفور الإنجليزي، وانتهاء بالحرب العربية وتأسيس الكيان المحتل فى الأرض العربية الفلسطينية، ومؤخراً منذ اندلاع الحرب الصهيونية البشعة منذ السابع من أكتوبر الماضى حتى كتابة هذه السطور.. وكم من لقاءات واجتماعات استضافتها القاهرة أولاً بشأن لم الشمل الفلسطنيى ووحدة الفصائل الفلسطينية المختلفة، إضافة إلى المباحثات الشاقة والمضنية التى تقوم بها مصر مع الجانب الإسرائيلى والأمريكى وكل دول المجتمع الدولى من أجل إنهاء الحرب الإسرائيلية البشعة وضمان إنفاذ المساعدات إلى الأشقاء فى غزة ومنع التهجير القسرى للفلسطينيين من أجل عدم تصفية القضية الفلسطينية.
أعلن مراراً وتكراراً الرئيس عبدالفتاح السيسى أن ضمان استقرار الشرق الأوسط هو تنفيذ الشرعية الدولية بحل الدولتين، القائم على إقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيه 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. ولن تنعم إسرائيل ولا أمريكا ولا منطقة الشرق الأوسط بالراحة والهدوء إلا بتفعيل حل الدولتين، ما يعنى ضرورة الانخراط الجاد والفورى فى مسارات التوصل إلى حل سياسى عادل ومستدام، والذى يظن أن الولايات المتحدة ودول المجتمع الدولى بمنأى عن التأثر من هذا الوضع المتأزم والمتردي، مخطئ مائة فى المائة، فالعالم كله بلا استثناء سيناله تأثير واضح وصريح، ومصالحه كلها تتأثر بهذه الأوضاع المضطربة التى تشهدها حالياً المنطقة. ومن باب أولى على أمريكا أن تساعد مصر فى مفاوضات السلام التى تطالب بها، والمساعدة فى حل الدولتين، بدلاً من مساعدة إسرائيل بالسلاح وزيادة برطعتها فى المنطقة بهذه الصورة البشعة.
المقترحات المصرية التى تلقى كل هذا القبول هى الحل الحقيقى لوقف الحرب الإسرائيلية وعودة الهدوء إلى المنطقة، إضافة إلى أنها تضمن عدم تأثر المصالح الأمريكية وغيرها من دول المجتمع الدولي.
ما زالت مصر حتى كتابة هذه السطور تقوم بمباحثات شاقة ومضنية من أجل وقف الحرب وحقن دماء الشعب الفلسطيني، وضمان نفاذ وصول المساعدات إلى الأشقاء فى غزة، فقد احتضنت القاهرة منذ اندلاع الحرب فى السابع من أكتوبر الماضى وحتى كتابة هذه السطور العديد من اللقاءات والاجتماعات من أجل وقف الحرب، وآخر هذه الأدوار المبادرة المصرية البالغة الأهمية، من أجل وقف الحرب ومنع تصفية القضية الفلسطينية وعودة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى وإقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو 67 وعاصمتها القدس الشرقية.
المبادرة المصرية قائمة على ثلاث مراحل متصلة ومترابطة، الأولى وقف العمليات العسكرية وإطلاق سراح المحتجزين والأسرى وعودة النازحين إلى مساكنهم، وقيام الأمم المتحدة ووكالاتها المختلفة والمنظمات الدولية بأعمالها فى تقديم الخدمات الإنسانية فى تقديم الخدمات الإنسانية لقطاع غزة، والبدء فى إعادة تأهيل البنية التحتية فى جميع مناطق القطاع، تمهيداً لبدء الترتيبات فى إعادة الإعمار الشامل. أما المرحلة الثانية فهى الإعلان عن عودة الهدوء المستدام لوقف العمليات العسكرية والعدائية. أما المرحلة الثالثة فهى تبادل الجثامين ورفات الموتى لدى الجانبين بعد الوصول لهم والتعرف عليهم ثم إنهاء الحصار الكامل عن غزة. والضامنون لهذا الاتفاق مصر وقطر والولايات المتحدة والأمم المتحدة.
المبادرة المصرية هى واقعية جدًا وتضمن لكل الأطراف الأمن والاستقرار، تمهيدًا لتنفيذ اتفاق حل الدولتين لأنه الوحيد الذى يضمن استقرار المنطقة بأكملها ولا يصيب مصالح العالم كله بأضرار، ووجهة النظر المصرية ليست جديدة وإنما أعلنتها الدولة المصرية مراراً وتكراراً، ونادت بها القيادة السياسية المصرية منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية الغاشمة وهى تضمن عدم تصفية القضية الفلسطينية وتمنع التهجير القسرى للفلسطينيين، وتحقق الأمن للكيان الصهيونى المحتل. وهنا يجب على الولايات المتحدة الأمريكية أن تضغط على إسرائيل للتنفيد، بدلاً من تقديم كل الدعم العسكرى العلنى لها فى هذه الحرب الشعواء. والحقيقة أن أمريكا بالورقة المصرية تحقق مصالحها دون إصابتها بأى ضرر، لأن الخاسر فى هذه المعركة بالدرجة الأولى واشنطن وتل أبيب. ويكفى سوء السمعة الذى تعرضت له أمريكا طوال هذه الحرب، ويكفى أن شعوب العالم أجمع بمن فيهم الشعب الأمريكى فقد ثقته الكاملة فى الإدارة الأمريكية التى تساعد تل أبيب على كل هذه الجرائم البشعة فى حق الإنسانية جمعاء.
الورقة المصرية التى وافقت عليها مؤخراً حركة حماس، هى طوق نجاة لكل الأطراف وعلى الجميع الامتثال لها، وتعبر تعبيرًا حقيقياً عن حكمة ورشادة الدولة المصرية.
تحية للدولة المصرية والقيادة السياسية على هذه الحكمة والكياسة والفطنة فى التعامل مع كارثة تتعرض لها المنطقة