يقول نتنياهو أن التظاهرات فى قطاع غزة ضد حكم حركة حماس انتصار له ولسياسته وهو هنا يواصل كذبه على الداخل الإسرائيلى وعلى المجتمع الدولى و على الولايات المتحدة التى يبدو أنها تعطيه الضوء الأخضر تلو الآخر لمزيد من الدمار والقتل فى غزة.
الحقيقة أن تظاهرات الغزيين ضد حماس تفسد مخطط نتنياهو وكذلك مقترح الرئيس الأمريكى بتهجير الفلسطينيين فى قطاع غزة من أراضيهم فما روج له نتنياهو طوال الأشهر الماضية أن قطاع غزة كله حماس وأن عملياته العسكرية وقتله للبشر فى القطاع هو مواجهات مشروعة مع حماس وهذه مغالطة صريحة فها هو قطاع غزة يقول لنتنياهو وللولايات المتحدة وللعالم أن المدنيين الذين يموتون جوعا وعطشا ومرضا وغيرهم ممن تقصف بيوتهم فوق رؤسهم وتقتل أطفالهم ليسوا كلهم حماس ما لا يدركه نتنياهو أو يدركه ويتغافل عنه هو أن الجماهير التى تظاهرت ضد حماس فى غزة كانت تتظاهر بسبب تدهور الأوضاع المعيشية واستمرار الحرب، التى يشنها نتنياهو على القطاع والتى أكلت الأخضر واليابس فى جريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان وفى غيبة من الضمير العالمى والإنسانية وقواعد الحق والإنصاف التى تتشدق بها الدول المتقدمة وعلى رأسها الولايات المتحدة التى لم تبخل على نتنياهو بالآليات العسكرية والقنابل التى يقتل بها أهل غزة بدم بارد صحيح أن المتظاهرين طالبوا حركة حماس بالتخلى عن الحكم ورفعوا شعارات مناهضة للحركة، لكن كل هذا من تداعيات الحصار الخانق الذى تطبقه إسرائيل على القطاع دونما تفريق بين من تبع حماس ومن دونها.
قد تكون حماس أخطأت كثيرا فى هذه الحرب لكنها وافقت على التخلى عن السلطة ووافقت على لجنة الإسناد المجتمعى من غير الفصائلين التى ستحكم غزة فى اليوم التالى للحرب لكن نتنياهو لا يريد تقديم المقابل لإنهاء الحرب لأنه ببساطة يعلم أن فى نهاية الحرب نهايته السياسية وأنه سيمضى اليوم التالى والذى يليه فى ساحات المحاكم وربما فى السجن.
نتنياهو هو الذى يعرقل أى اتفاق لإنهاء هذه الحرب بدليل أنه خرق اتفاق 19 يناير ولم يصل إلى مرحلته الثانية لأنه يوجب عليه الانسحاب من قطاع غزة تمهيدا لإنهاء الحرب ونتنياهو يرفض الانسحاب الكامل ويريد تسلم جميع الرهائن بلا مقابل بدليل أنه لم يرد على المقترح المصرى الأخيرويتمسك بمقترح المبعوث الأمريكى ستيف ويتكوف والذى لا ينص بدقة على إنسحاب إسرائيل من القطاع وإنهاء الحرب فقط يقول أنه بتبادل الرهائن يمنح الأطراف فرصة للنقاش حول إنهاء الحرب والإنسحاب والنص هنا مطاطى غير دقيق لذلك تمسك به نتنياهو بينما المقترح المصرى وضع إطاراً زمنياً للإفراج عن كل الأسرى والجثامين وفى المقابل وضع أيضا جدولا زمنيا للخروج الكامل لإسرائيل من قطاع غزة وإنهاء هذه الحرب و حماس ردت عليه بإيجابية والولايات المتحدة أبدت موافقة مبدئية.
لا أتصور أن نتنياهو سيرد على المقترح المصرى قبل أن ينتهى من التصويت فى الكنيست على الميزانية العامة لعام 2025 والمقرر قبل 31 مارس الجارى فهو يحتاج إلى كتلة اليمين المتطرف لاسيما كتلة وزير الأمن القومى المتطرف العائد للحكومة إيتمار بنجفير ليمرر الميزانية وإلا ستسقط حكومته وسيعلن عن إجراء انتخابات مبكرة فى إسرائيل وحتى يتجنب نتنياهو هذا المصير فهو يرتمى فى أحضان اليمين المتطرف وينفذ أجندته بحذافيرها واليمين المتطرف كما نعلم لايريد لهذه الحرب أن تنتهى أو بالأحرى لا يريد أى خطوة من شأنها الحديث عن دولة فلسطينية مستقبلية.
تظاهرات الغزيين التى بدأ فى ظاهرها أنها ضد حماس – وهذا حقهم- تنسف أيضا مقترح الرئيس الأمريكى حول تهجير الغزيين من أراضيهم فقد أعلن ترامب أنه سيفرغ القطاع من سكانه فهل أخذ فى حسبانه مثلا أن من بين سكانه فلسطينيين متعلقين بالأرض ولن يتركوها كهؤلاء المتظاهرين هل سيثتثنيهم مثلا؟!
تظاهرات الغزيين هى فى الأساس ضد المعاناة التى سببتها الحرب ضد القتل و التخريب الذى تنفذه إسرائيل فى غزة بمساعدة الولايات المتحدة، الغزيون يقولون لو أنكم تتذرعون بأن كلنا حماس فهذا ليس صحيحا السؤال هل سمع ترامب رسالة المتظاهرين ولو سمعها فماذا هو فاعل؟ العمل الوحيد الذى يجب فعله هو إنهاء هذه الحرب.