فى الماضى كانت تنكسر إرادة الشعوب بالمدافع والقنابل، أما الآن فتنكسر بتضليل العقول وجعلها غير قادرة على التمييز بين الخطأ والصواب، بين الخبيث والطيب، وبين الحقيقة والضلال.
وأسلحة التضليل تتجه مباشرةً هذه نحو عقول الشباب لأنهم عماد التنمية البشرية التى يقوم عليها مستقبل أى وطن فى مختلف مجالات الحياة، لذلك نجد أن الشباب هم الفئة المستهدفة فى أفكارهم وإرادتهم وطموحاتهم حيث يحاربهم أعداء الإنسانية بأسلحة أشد فتكاً من أسلحة الحروب التقليدية وهى أسلحة غزو الأفكار التى تزرع تضليلاً يقود إلى ارتكاب أخطر الجرائم وفى مقدمتها جرائم الإرهاب والتطرف والإدمان، من أجل أن يصبح العنف والسلوك غير السوى منهجاً للعيش والحياة.
إن التطور التكنولوجى السريع والتقارب بين الشعوب والأمم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وضع العالم داخل شاشة صغيرة من خلال التليفزيون أو الكمبيوتر أو الموبايل فعبر الإنترنت تستطيع أن تجتاز البحار والقارات والتضاريس فى ثوانٍ معدودة.
من خلال هذا التطور السريع فى وسائل الاتصال يتعرض الشباب لغزو فكري، فهذه الوسائل تمتلك أدوات تجعل لها القدرة على اختراق العقول فهى تقتحم الأبواب دون استئذان حيث تروج لقيم ومعايير اجتماعية وأنماط حياة لا تتلاءم مع عاداتنا وتقاليدنا وقيمنا.
لقد أصبحت الفضائيات والإنترنت متغيراً اجتماعياً وثقافياً مهماً فى حياتنا، فهى المصدر الرئيسى للمعلومات والتعلم وهى أحد مصادر عمليات التنشئة الاجتماعية فى عصر العولمة الإعلامية.. يعتبر الغزو الفكرى غزواً خفياً مثل الفيروسات، فهو يتغلغل فى المجتمع وقد يستهين به كثير من الناس إلى أن يجدوا ضحاياه بين أسير وقتيل، فهذا الغزو بمثابة حرب السلاح أو أشد فتكًا.
هذا يفرض علينا أن نحصن شبابنا من هذا الغزو من خلال الأسرة التى تعتبر خط الدفاع الأول للتصدى لهذا الغزو الفكري، أيضاً من خلال المناهج التعليمية وأجهزة الإعلام وإحياء دور المؤسسات الأدبية والثقافية للتوعية، وكذلك الدراما والسينما فهى تلعب دوراً كبيراً فى كشف الأساليب الملتوية والطرق الخفية التى تستخدم فى هذا الغزو.
إن التصدى الحقيقى يكون بوحدة الصف واستحضار الهمم لإصلاح ما فُسد، ويجب ان نعلم أن الفكرة لا تهزم إلا بسلاح العقل والمنطق والإقناع.