وافقت لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، نهائياً على قانون الإجراءات الجنائية الجديد أمس تمهيدًا لعرضه على مجلس النواب فى بداية دور الانعقاد الخامس.
أكدت اللجنة أنها لا تزعم الكمال لهذا المشروع، فهو عمل بشرى بُذلت فيه أقصى درجات العناية والدقة، لكنها عملت بكل ما أوتيت من علم وتفانٍ، مخلصة فى سعيها نحو إرساء العدالة وتحقيق الصالح العام، بعيدًا عن أى منافع مادية أو شخصية، ووجهت اللجنة رسالة إلى معارضى هذا المشروع، ممن لهم نوايا خبيثة، وطالبتهم بأن يدركوا أن العدالة لا تخضع للأهواء، وأن الأجيال القادمة هى الحكم الحقيقى على ما أنجزناه؛ فنحن نضع نصب أعيننا مصلحة الوطن أولاً وأخيرًا، ولن ننحرف عن هذا الطريق مهما كانت التحديات.
وافقت اللجنة على مقترح نقابة المحامين بتعديل المادة 242 من مشروع القانون، وفقًا للصياغة التى طلبتها النقابة مراعاة لحماية حق الدفاع، وتأكيدا على الضمانات الموجودة فى قانون المحاماة، وذلك بعد سجال قانونى واسع حيث رفض ممثلو نادى القضاة مقترح المحامين الذى يقضى باحالة مذكرة المحكمة إلى النيابة العامة بدلاً من إحالة المحامى إلى النيابة العامة حال ارتكابه أى من جرائم الجلسات، معتبرين ذلك تقليلاً من هيبة المحكمة.
طالبت الحكومة بإعادة مناقشة بعض مواد مشروع قانون الإجراءات الجنائية، وكان من أبرزها المادة 143 من مشروع القانون الخاصة بالمنع من التصرف فى الأموال وادارتها، مطالبين أن يمتد المنع إلى أقارب المتهم وذلك نزولاً على رغبة النيابة العامة فى الحفاظ على الأموال المتحصل عليها من جرائم وأيدت الحكومة ذلك.
اللجنة رفضت مقترح الحكومة والنيابة العامة لما به من شبهة عوار دستوري، مشيرة إلى أن العلة من التعديل التى أبدتها النيابة العامة غير كافية، مؤكدة أن الملكية الخاصة مصونة بالدستور، وأكدت على ذلك الأحكام المتواترة للمحكمة الدستورية العليا، وتم الموافقة على المادة دون تعديل، كما رفضت اللجنة طلب الحكومة بتعديل المادة 104 من القانون والتى تسمح باجراء التحقيق دون محام إذا تعذر حضوره وأكدت اللجنة أن ذلك يخالف المادة 54 من الدستور.
وأيد النواب مقترح نقابة المحامين وتم الموافقة على المادة بعد النص فيها على عدم الإخلال بالضمانات المقررة فى قانون المحاماة، وحذف كلمة «التشويش»، وإحالة مذكرة المحكمة إلى النيابة العامة بدلا من إحالة المحامى حال ارتكابه جريمة من جرائم الجلسات، مؤكدين أن ذلك ضمانة حقيقية لحماية حق الدفاع.
خلال الاجتماع وجه عبدالحليم علام، نقيب المحامين، الشكر للمستشار الدكتور حنفى جبالى رئيس مجلس النواب، وللجنة الشئون الدستورية والتشريعية على استجابتها لطلبات نقابة المحامين بإعادة مناقشة بعض مواد مشروع القانون، وموافقتها على التعديلات المقترحة من النقابة خاصة المادة 242، مشيرًا إلى أن أعمال لجنة الشئون الدستورية والتشريعية اتسمت بسعة الصدر والاستماع إلى كافة الآراء والمقترحات الهادفة إلى حماية حق الدفاع وكفالة الضمانات الدستورية والقانونية المقررة له؛ واستمعت اللجنة إلى جميع الملاحظات والاقتراحات، وأكدت على عدم تمترسها خلف مواد المشروع وعدم صم آذانها عن أى تعديلات تقدم بشأنه، بل كانت منفتحة على استيعاب كافة الملاحظات الموضوعية التى من شأنها تحسين جودة التشريع وزيادة فعاليته.
أكد النائب أحمد عثمان أحمد عثمان على رغبة مجلس النواب الجادة فى إنجاز هذا المشروع، فقد وجه البعض ملاحظات موضوعية تتصل بالقانون، مشددا على أن النقد البنَّاء هو جزء لا يتجزأ من العملية التشريعية، ومرحّب به متى كان قائمًا على أسس موضوعية تستند إلى الدراسة المتعمقة والفهم الصحيح للنصوص القانونية، ولكن انبرى البعض من المنتقدين إلى تحويل الخلاف التشريعى إلى خلاف سياسي، متجاوزين بذلك حدود النقاش القانونى إلى مهاجمة مشروع القانون والجهة التى أعدته، رغبة منهم فى عدم خروج مشروع القانون للحياة العملية، فلم يكونوا منشغلين بإبراز ما بمشروع القانون من نقص حتى يتم العمل على سده، وإنما كان شغلهم الشاغل عدم إقرار مشروع القانون.