بينما نقف على أعتاب عصر جديد، من الواضح أن الذكاء الاصطناعى ليس مجرد أداة بل عنصر أساسى فى بناء مدن مستدامة قادرة على الصمود. وبصفتى شخصاً منخرطاً بعمق فى تعزيز التحضر المستدام، فأنا أدعو بقوة إلى دمج الذكاء الاصطناعى فى جميع جوانب التنمية الحضرية. كما إنه من واجبنا المشترك تبنى هذه التقنيات لتشكيل مستقبل حيث لا توفر المدن مساحات معيشية فحسب بل وتزدهر بانسجام مع الطبيعة.
من خلال دورى كرئيس لاتحاد التحضر المستدام فى نيويورك شهدت شخصيًا كيف أن للذكاء الاصطناعى القدرة على تحويل مسار مدننا. كونه يشكل حجر الأساس للتقدم المستدام، كما يقدم حلولًا مبتكرة للتصدى للتحديات المعقدة التى يطرحها التحضر وتغير المناخ.
مع أن المراكز الحضرية هى من ضرورات المجتمع الحديث، إلا أنها تواجه عقبات غير مسبوقة نتيجة للنمو الحضرى السريع. فالذكاء الاصطناعى يقدم بصيص أمل من خلال تقديم أساليب أكثر ذكاءً وكفاءة فى إدارة المدينة؛ من الشبكات النظيفة المتكاملة مع الذكاء الاصطناعى إلى الممارسات الزراعية الدقيقة، حيث يعيد الذكاء الاصطناعى تشكيل معالجتنا لقضايا الاستدامة. كما أنه يمكن المدن من تحسين استخدام الطاقة، وتقليل النفايات، وإدارة الموارد بشكل أفضل، كل ذلك مع دعم التوسع السكانى والحد من الضرر البيئي.
إن تهديد تغير المناخ الذى يلوح فى الأفق يعرض كوكبنا للخطر، إلا أننا بوجود الذكاء الاصطناعى نمتلك حليفاً حاسماً فى هذه المعركة.
من خلال استخدام الذكاء الاصطناعى فى مراقبة وتنفيذ المبادرات البيئية، تستطيع المدن تعزيز قدرتها على التنبؤ بالكوارث والاستجابة لها، مما يقلل فى نهاية المطاف من ضعف السكان الحضريين. وتلعب أدوات الذكاء الاصطناعى (مثل التحليل التنبؤى وإدارة الحوادث) دورًا حاسمًا فى بناء أنظمة حضرية متماسكة يمكنها التكيف مع التحديات التى يثيرها التغير المناخى والصمود أمامها. يُنصح الراغبون فى معرفة المزيد عن تأثير الذكاء الاصطناعى على عالمنا بقراءة كتابى «المستقبل الرقمى الحتمي».
فقد أحدث ظهور الذكاء الاصطناعى التوليدى (Gen AI) ثورة فى إمكانية الوصول إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي، مما مكن الأفراد والمؤسسات ذوى المستويات المتفاوتة من الخبرة الفنية من الاستفادة من إمكانيات الذكاء الاصطناعي. ويعمل الذكاء الاصطناعى التوليدى على تمكين الوصول إلى هذه التقنيات، مما يمكن جمهور أوسع من التفاعل مع الذكاء الاصطناعي، وتعزيز الابتكار ودفع التقدم للعديد من الصناعات.
يعد دمج الذكاء الاصطناعى فى عمليات المدينة أمراً أساسياً للتغلب على تعقيدات الحياة الحضرية، وتيسير التخطيط الحضرى المحسّن وعمليات صنع القرار. ويمكن من خلال قدرات تحليل بيانات الذكاء الاصطناعي، لكل جزء داخل المدينة – من إشارات المرور إلى أنظمة المياه – العمل بتناغم، مما يسهم فى خلق بيئة حضرية مستدامة.
يسلط التأكيد على أهمية دمج مهمة اتحاد التحضر المستدام فى المناقشات حول دور الذكاء الاصطناعى فى التنمية الحضرية المستدامة، الضوء على المساهمات المهمة للاتحاد، الذى كان فى طليعة الدعوة إلى التصميم المرن واستراتيجيات التخطيط المتقدمة. من خلال التفاعل مع القادة الفكريين العالميين، ومشاركة المعرفة، وتشجيع مشاركة الشباب فى عمليات تطوير المدن، يستمر اتحاد التحضر المستدام فى أداء دور حاسم فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة، مع التركيز على تعزيز المدن الشاملة والآمنة والمتينة والمستدامة. من خلال تنظيم الفعاليات الدولية المهمة وتقديم التوصيات الأساسية التى تسهم فى جدول أعمال الحكومات الدولية، يعمل اتحاد التحضر المستدام على تشكيل مستقبل التحضر.
ومن خلال تبنى الإمكانيات التحويلية للذكاء الاصطناعي، يواصل اتحاد التحضر المستدام القيام بدور رائد فى مكافحة تغير المناخ على نطاق دولي. وتهدف مبادراتها وشراكاتها المبتكرة إلى ضمان استدامة النمو الحضرى للجميع من خلال تسخير قدرات الذكاء الاصطناعى لإنشاء مدن لا تدعم حياة الإنسان فحسب، بل تتعايش بانسجام مع الطبيعة، وهو أمر ضرورى لاستدامة مستقبل كوكبنا.